تنقل مراسلة جريدة “لوموند” الفرنسية، “ماري جيغو”، أن “قنبلة روسية يتم توجيهها باللايزر من فئة “كاب-١٥٠٠ إل” KAB-1500L كانت محمولة على متن “سوخوي إس يو-٣٥”، وقادرة على اختراق أعماق تصل إلى ٢٠ متراً، هي التي دكّت البناية التي كان جنود أتراك قد التجأوا إليها في “إدلب”، ما أسفر عن مقتل ٣٣ جندياً تركياً، وهي أكبر خسارة يتعرض لها جيش أنقرة منذ عشرات السنين.”
ولسخرية الأقدار، فقد أكّدت مصادر عسكرية تركية في أكتوبر ٢٠١٩ أن تركيا كانت على وشك عقد صفقة مع روسيا لشراء حوالي ٤٠ قاذفة “سوخوي إس يو-٣٥”، ولتصنيع قسم من “الذخائر الذكية” في تركيا نفسها.
كما كشفت وكالة “تاس” في العام ٢٠١٥ أن قاذفات “سوخوي إس يو-٣٤” (يطلق عليها حلف الأطلسي تسمية “فولباك” Fullback) استخدمت قنابل “كاب- ١٥٠٠ إل” الموجّهة باللايزر لمهاجمة المرافق الأكثر أهمية لـ”داعش” في سوريا. وكذلك في جمهورية الشيشان. ويبلغ وزن القنبلة ١٥٠٠ كلغ، وتحمل رأساً حربياً متفجراً وخارقاً.
ولكن، لم ترد معلومات سابقة تفيد بحصول سوريا على طائرات “سوخوي ٣٥” أو على قنابل “كاب-١٥٠٠ إل”.
مما قد يعني أن قاذفة روسية، وليس سورية، هي التي ارتكبت “مجزرة الجنود الأتراك” في إدلب.
وربما كان ذلك هو السبب في أن وكالة “رويترز” نقلت اتهاماً تركياً لروسيا بارتكاب المجزرة، ولكن الوكالة سحبت الإتهام بعد ساعات ربما بطلب من السلطات التركية.
بذلك تظلّ مسؤولية المجزرة ملتبسة! فهل “ارتكب” الرئيس بوتين هذه المجزرة لتوجيه “رسالة” لشريكه “إردوغان”، وربما، أيضأً، ثأراً للمقاتلة الروسية التي اسقطها الطيران التركي قبل اكثر من سنتين، مما تسبب بمقتل قائدها؟ خصوصاً أن الرئيس التركي بات معزولاً عن حلفائه الأميركيين والأوروبيين!
ربما، ولكن قد يكون هنالك “سوء تفاهم” روسي-تركي حول غزوة إدلب التي يقوم بها جيش النظام السوري، والمرتزقة التابعون لإيران، بدعم من الطيران الروسي.
“بعد الإنقلاب الفاشل ضد إردوغان في العام ٢٠١٦، شنت تركيا عمليتين عسكريتين في شمال سوريا، كانت اثننتان منها بموافقة موسكو. وكان كل تقدّم أحرزه الجيش التركي داخل سوريا ثمرة تفاهم وافق الكرملين بموجبه على حصول أنقرة على مكاسب داخل الأراضي السورية مقابل عدم الإعتراض على التقدّم العسكري لنظام دمشق. فعمليات إخضاع المناطق الثائرة في شرق حلب، في سنة ٢٠١٦، تمّت بعد استيلاء الجيش التركي على “جرابلس” و”أعزاز”. وبعد دخول الجيش التركي إلى “عفرين” في مارس ٢٠١٨، تقدّمت قوات الجيش السوري إلى “الغوطة الشرقية” (في ضواحي دمشق)، وحمص، ثم “درعا”. واستأجرت دمشق باصات لنقل المتمردين وعائلاتهم من تلك المناطق إلى “إدلب”.
وتضيف لوموند:
“بناء على هذه الإتفاقات كان يُفتَرَض بتركيا، من وجهة نظر الكرملين، أن تغض النظر عن الحملة العسكرية السريعة التي شنّها النظام السوري باتجاه إدلب في آخر شهر ديسمير ٢٠١٩ مدعوماً من الطيران الروسي.
“ولكن أنقرة، من جهتها، تصوّرت أن الحملة العسكرية السورية ضد آخر معقل للمتمردين يمكن أن تعطيها فرصة جديدة لانتزاع تنازلات من روسيا. وكان السيد إردوغان يتوقع أن تدوم الحملة العسكرية السورية لفترة طويلة، ولم يخطر بباله أن القوات التركية التي نشرها في سوريا بموجب “إتفاق سوتشي” الذي وقّعه مع فلاديمير بوتين في سنة ٢٠١٨، ستصبح مطوّقة من الوحدات العسكرية السورية.”