لم تُنشر له أي صورة في وسائل الإعلام الإيرانية، بينما أصدرت أمريكا موخرا صورة غير جيدة لوجهه! ولم تنشر وكالات الأنباء الحكومية وغير الحكومية الكثيرة في إيران خبرا عنه أو مقابلة معه حتى الآن، ولا يمكن أن ترى اسمه في أي مكان في إيران، ولا أحد يتحدث عنه! وإذا قمت بالبحث في وسائل الإعلام الإيرانية فلن تجد اسمه، ولا توجد له صورة في اجتماعات الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي مع قادة الحرس الثوري الإيراني.
إنه القائد الوحيد في الحرس الذي وضعت الولايات المتحدة مكافأة بمبلغ 15 مليون دولار لتقديم معلومات بشأنه وبشأن شبكته في اليمن، العميد عبد الرضا شهلائي، والذي لا يمكن التأكد هل هو شخصية حقيقية أم مزيفة.
في الشهر الماضي، وأثناء إعلان الحرس الثوري مسؤوليته عن إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية، نشرت وكالة “رويترز” أخبارا مهمة أخرى ضاعت بين أخبار الطائرة الأوكرانية. فقال اثنان من المسؤولين الأمريكيين للوكالة في نفس ليلة استهداف قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري قاسم سليماني بطائرة أمريكية من دون طيار، أنه تم استهداف قائد آخر في ف”فيلق القدس” في هجوم آخر باليمن، هو “العميد شهلائي”، وأن هذا القائد نجا من الهجوم.
وبعد الإعلان عن العملية في اليمن، ظل البنتاغون صامتا. كما أن المسؤولين الإيرانيين الذين ملأوا وسائل الإعلام بالأخبار والتقارير المتعلقة بمقتل سليماني، ظلوا صامتين تماما بشأن شهلائي وما إذا كان قد تعرض لعملية أمريكية أو لم يتعرض. كما فضل الحرس الثوري الصمت.
ومع صمت الحرس، صمتت أيضا وسائل الإعلام ووكالات الأنباء داخل إيران. وعلى الرغم من ذلك، تقول الولايات المتحدة إن “شهلائي” هو أحد أكثر قادة فيلق القدس نشاطا في الشرق الأوسط، وخطط لسنوات لعمليات ضد القوات الأمريكية. ويقول مسؤولو الاستخبارات الأمريكيون إن “شهلائي” يتنقل من أفغانستان إلى العراق ومن سوريا إلى اليمن، وأنه متهم بتدبير هجوم 20 يناير 2007 ضد القوات الأمريكية في مدينة “كربلاء” والذي راح ضحيته خمسة جنود أمريكيين وجرح ثلاثة آخرين. وقد قُتل في ذلك اليوم ما لا يقل عن 24 جنديا أمريكيا خلال 24 ساعة في أنحاء مختلفة من العراق وألقيت المسؤولية عن ذلك على الجماعات المسلحة التابعة لإيران.
تقول الولايات المتحدة إن “شهلائي” هو نائب زعيم “فيلق القدس”، وأنه يسيطر على العديد من المنظمات المسؤولة عن الهجمات ضد الأمريكيين وحلفائهم في جميع أنحاء العالم، ويزوّد الجماعات الشيعية المتطرفة بالأسلحة، ويخطط لقتل العديد من قوات التحالف في العراق، وأنه أُدرج في القائمة الأمريكية السوداء في 2008 باعتباره إرهابيا.
في2011، أعلن الأمريكيون أنهم اكتشفوا دورا لشهلائي في محاولة الاغتيال الفاشلة ضد السفير السعودي لدى الولايات المتحدة. ونفت إيران أي دور لها في العملية، لكنها امتنعت عن القول ما إذا كان هناك شخص يدعى عبد الرضا شهلائي، ناهيك عن إنكار وجود مؤامرة لاغتيال السفير السعودي. وفي إطار هذه المحاولة، وضعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا “شهلائي” على قائمة عقوباتها.
من جهتها، قالت جماعة “مجاهدي خلق” إن شهلائي مسؤول عن الهجوم على معسكر “ليبرتي” في 2013، والمعسكر هو مقر انتشار القوات التابعة للجماعة في العراق. ونشرت “مجاهدي خلق” صورا لشهلائي بعد الهجرم وقالت بأنه العقل المدبر له. وحسب الجماعة، فإن “شهلائي” وبعد سقوط نظام صدام حسين في 2008 ذهب إلى العراق مع محمد جعفري صحرارودي (المدير الحالي لمكتب رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني) وساهما في التخطيط لتنفيذ عمليات ضد القوات الأمريكية وضد “مجاهدي خلق”.
وأضافت الجماعة إن شهلائي هو أحد القيادات في “فيلق رمضان” التابع للحرس الثوري والذي تم إنشاؤه أثناء الحرب العراقية الإيرانية لتنفيذ مهمات عسكرية خاصة خارج الحدود الإيرانية. ومن أبرز قياديي هذا الفيلق، محمد باقر ذو القدر ومحمد رضا نقدي، المسؤولَين البارزَين في الحرس الثوري حاليا. ويمكن الإشارة إلى “إيرج مسجدي” السفير الإيراني في العراق، باعتباره أحد أبرز قادة الفيلق آنذاك. ورغم كل تلك المعلومات، إلا أنه لم تتم الإشارة إلى وجود شخصية باسم “شهلائي”.
وحسب بعض الشواهد والقرائن التي يوردها الباحثون والمراقبون، فإن “شهلائي” أصبح منذ عام 2015 المسؤول عن الملف اليمني في الحرس الثوري، بل البعض اعتبره “اللاعب الحر” للحرس الثوري في منطقة الشرق الأوسط.
وعلى هذا الأساس، فإن طهران حرصت على عدم الإشارة إلى اسمه أثناء إعلان الأمريكان استهدافه ليلة اغتيال سليماني.