الصورة: أشرف مراون خلال زفافه من ابنة عبد الناصر
زعمت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن أشرف مروان صهر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، كان من أفضل الجواسيس المصريين الذين قدموا أحسن الخدمات لاسرائيل. ونسبت صحيفة التايمز البريطانية امس، إلى الصحيفة الإسرائيلية قولها إن الضابط الإسرائيلي الذي عمل مباشرة مع مروان التقاه أول مرة في فندق رويال لانكستر المقابل لحديقة هايدبارك الشهيرة بلندن في ديسمبر 1970، بعد ثلاثة أشهر من وفاة عبد الناصر في سبتمبر من العام نفسه، لكنه كان قد عرض خدماته على الإسرائيليين قبل وفاة صهره، عندما كان عمره 26 عاما.
كما نسبت هآرتس إلى ضابط الموساد الذي كان ينقل المعلومات من ضابط الاتصال بـ«الملاك» – وهو الاسم الرمزي لمروان في دوائر الاستخبارات الإسرائيلية – قوله لها إن ضابط الاتصال المباشر كان يأتيهم بمعلومات كثيرة ومذهلة ودقيقة عن الجيش المصري: أرقام كل الوحدات، والفرق والألوية والكتائب وأسماء قادة هذه الوحدات، وترتيب المعركة الذي يشمل في الاستخدام الحديث التنظيم الهرمي للقيادة، وهيكل القيادة، والتصرف في الأفراد، والمعدات وتشكيلات القوات المسلحة، والاختصارات قيد الاستخدام «أي كل المعلومات التي يحلم بالحصول عليها كل ضابط في أي استخبارات بالعالم».
وعلقت تايمز بأن التأكيد على أن أشرف مروان كان جاسوسا مخلصا ومفيدا لإسرائيل سيعيد كتابة بعض من تاريخ إسرائيل ومصر، خاصة بعد إحاطة الحديث عن مروان بهالة من الغموض والأسطورة، مشيرة إلى أن بعض المؤرخين ورجال الاستخبارات والأمن السابقين والمسؤولين المصريين المتقاعدين، عارضوا الرأي القائل إن مروان كان أهم عميل لإسرائيل، مع مزاعم منهم بأنه كان يعمل لمصلحة القاهرة طوال الوقت.
ذروة تجسس مروان
وروى ضابط الموساد – الذي أعطى نفسه اسم دوبي فقط – لصحيفة هآرتس بعض اللحظات الرئيسية في تاريخ إسرائيل، خاصة الأحداث التي أدت إلى حرب أكتوبر 1973، وهي مرحلة ذروة نشاط الملاك في التجسس لإسرائيل. وقالت التايمز إن دوافع الملاك لعرض خدماته على إسرائيل وخيانة بلاده لم تكن واضحة، لكن من الأسباب التي تُقال أنه كان مستاءً من جمال عبد الناصر الذي حاول منع زواجه من ابنته منى. وقال دوبي «لم أسأل أبدا عن دوافعه»، لكنه أضاف أنه يعتقد أن الحصول على المال كان من هذه الدوافع، حيث كانت إسرائيل تدفع له عشرات الآلاف من الدولارات، مضيفا أن هذا النوع من الأسئلة لا يسأله ضباط الاتصال، لكن بالفعل «مسألة الدوافع أزعجت إسرائيل، إذ كانت تريد معرفة السبب الذي يدفع صهر عبد الناصر ليأتي إليهم متطوعا بخدماته، فأفراد المخابرات لا يحبون المتطوعين ويخافون منهم».
التسريب الرهيب
وفي السبعينيات، استخدم مروان علاقته الوثيقة بالرئيس المصري آنذاك أنور السادات لتسريب الخطط العسكرية ومعاملات السادات الأساسية قبل محادثات كامب ديفيد عام 1978، والتي أدت إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979. لكن المعلومات التي قدمها قبيل حرب أكتوبر كانت أهم ما قدمه لإسرائيل، إذ أبقى الإسرائيليين على اطلاع دائم على تحضيرات مصر السرية لغزو صحراء سيناء التي تحتلها إسرائيل عبر قناة السويس، لكن التوقيت الذي ذكره للهجوم أثبت أنه خاطئ بساعات. Volume 0% فقد قال الملاك للإسرائيليين إن الهجوم المصري سيبدأ قبل غروب شمس 6 أكتوبر، لكنه بدأ بالفعل عند الساعة الثانية بعد الظهر، مما تسبب في ارتباك الدفاعات الإسرائيلية، وأثار نظريات بأن هدف الملاك كان خداع الموساد. لكن دوبي قال إن هذا لم يكن صحيحا وألقى باللوم على اللواء إيلي زيرا رئيس المخابرات العسكرية آنذاك في استمرار هذه النظرية، لأنه لم يأخذ معلومات «الملاك» محمل الجد، وكان بحاجة لإلقاء اللوم على شخص ما بسبب خسائر إسرائيل المبكرة في تلك الحرب.
لغز آخر
ومضت هآرتس تقول إن مروان ظل يلتقي دوبي حتى 1998، عندما كان تاجر أسلحة، واستمر في تجارته هذه حتى وفاته، حيث سقط من شقة في لندن عام 2007، وهذا لغز آخر. فقد ظلت مصر الرسمية ترفض قبول أنه عميل للموساد، وأعدت له جنازة كبيرة برئاسة الرئيس الأسبق حسني مبارك. لكن الرفض الرسمي والجنازة الفاخرة لم يكونا دليلا على أن مصر تعتقد حقا أنه بريء، لقد «كان الأمر كما في الأفلام: يقوم رئيس المافيا بتصفية نائبه، ويذهب إلى الجنازة ويخبر الأرملة وأصدقاء المتوفى بأن المرحوم كان شخصا رائعا ومهما».