في محاولة منه لإقناع الكونغرس والإدارة الأميركية، بأهمية لبنان وبضرورة أن تولي واشنطن اهتماماً به، قال مساع وزير الخارجية السابق والسفير الأميركي السابق في بيروت جيفري فيلتمان، ان تظاهرات لبنان، المتواصلة منذ 17 أكتوبر الماضي، «ساهمت في كسر الهالة» التي كان يتمتع بها «حزب الله»، وفي تقويض صورة أمينه العام حسن نصرالله.
وقال فيلتمان، اثناء جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس أول من أمس، إن نصرالله قال إن الحكومة لن تستقيل، واستقالت الحكومة، وانه طلب من المتظاهرين، خصوصا الشيعة منهم، العودة الى منازلهم، فاستمرت التظاهرات، معتبراً ان التظاهرات «كسرت كلمة نصرالله وصورة حزبه على انه لا يقهر».
وتابع المسؤول السابق ان «إصرار نصرالله على بقاء الرئيس ميشال عون في منصبه، ورفضه اقتراح إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، شوّه صورة حزب الله بشكل لا يمحى، وربطه بالمؤسسة السياسية، وبرائحة الفساد الذي يريد المتظاهرون القضاء عليه»، مضيفاً انه «لم يعد باستطاعة الحزب أن يدعي أنه نظيف، لأن مشاركته في الحكومة المحتقرة اليوم، قوضت صورته على انه الجهة التي تقدم الخدمات بشكل أكثر فعالية من الآخرين».
واعتبر أن من حيث الانطباع الشعبي حول دور الحزب سياسياً، فإن «حزب الله هبط إلى نفس كومة القمامة مثل الأحزاب اللبنانية الأخرى التي خسرت أي مصداقية لها».
وفي الجلسة، التي شارك فيها خبراء آخرون منهم اللبنانية حنين غدّار، من معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى، خالف فيلتمان موقف الإدارة الذي علّقت بموجبه المساعدة السنوية البالغة 100 مليون دولار للجيش اللبناني، معتبراً أن دعم واشنطن للجيش ساهم في رفع حِرفيته.
كما حذّر فيلتمان من دعوة الجيش الى نزع سلاح «حزب الله»، لأن اي خطوة من هذا النوع «ستؤدي الى حرب أهلية في لبنان، والحرب الأهلية هي البيئة التي تنتعش فيها إيران وتنشر فيها الميليشيات الموالية لها، بالنظر الى تجارب لبنان والعراق وسورية».
وهاجم فيلتمان، الذي يعمل اليوم في معهد بروكنغز، عون وصهره وزير الخارجية جبران باسيل، وقال إن حزبهما قدم غطاء لتصوير «حزب الله» على انه يتمتع بدعم شعبي عابر للطوائف، «لكن التظاهرات قضت على أي رصيد سياسي لعون وباسيل، وهو ما سيحوّلهما الى عبء سياسي على حزب الله».
وأكد أن على الولايات المتحدة الاقتناع بأن استقرار لبنان يخدم المصلحة الأميركية، وأنه على واشنطن إعادة الانخراط في شؤون هذا البلد، والإفادة من الزخم الشعبي المؤيد للإصلاح، كما حصل في العام 2005، يوم بنت واشنطن على التظاهرات العارمة لتقديم خيارات أجبرت الرئيس السوري بشار الأسد على سحب قواته من لبنان بعد 29 عاماً على احتلاله.
ويعتقد فيلتمان أن «تظاهرات لبنان اليوم أهمّ بكثير من تظاهرات 2005، إذ أنها عابرة للطوائف، وتتمحور حول شؤون داخلية، لا إقليمية أو دولية».
وسأل «هل نريد حقاً أن يأخذ الروس كامل شرق البحر المتوسط»؟، ومضيفاً «سأقول لا . الروس يريدون ان يكونوا هناك وسيذهب الروس الى ملء الفراغ في حال لم نكن هناك»، موصياً بأن «نجد طرقًا علنية لتجنيب لبنان الانهيار المالي أو السياسي».
وختم فيلتمان بالإشارة الى أن مشاكل لبنان تبدو كبيرة للبنانيين، لكنها فعليا صغيرة في سياق إقليمي وعالمي، لافتاً إلى أن مساحة لبنان أصغر من مساحة مدينة نيويورك، وأن عدد سكانه، حتى مع اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، يبلغ سبعة ملايين على الأكثر، فيما يبلغ عدد سكان نيويورك الكبرى 20 مليوناً، ومع ذلك، يعاني لبنان من غياب الخدمات الأساسية، كغياب التيار الكهربائي وعدم جمع القمامة بشكل مقبول.
بدورها، قالت غدّار إن «حزب الله قلق من أن تشكّل حكومة جديدة مستقلة الخطوة الأولى لعزله سياسياً، وتالياً نزع سلاحه».
وأضافت أنه في حال واصل الحزب تهديداته للمتظاهرين، خصوصا في المناطق التي لا توجد فيها غالبية شيعية من السكان، من شأن ذلك أن يحوّل المتظاهرين إلى معادين لإيران.
«لتفادي هذا الامر، لجأ الحزب لاستخدام نفوذه داخل مؤسسات الدولة – خصوصاً داخل مخابرات الجيش – لقمع المتظاهرين»، بحسب قولها.
لقراءة شهادة جيفري فيلتمان بالإنكليزية:
TESTIMONY: What’s next for Lebanon? Examining the implications of current protests