قالت مصادر متابعة للثورة في لبنان إن الكنيسة المارونية تخلفت عن اللحاق بركب الثورة ايام عدة، بالإشارة إلى ان البطريرك الراعي بيانا “ملتبسا” في اعقاب اجتماعه مع البطاركة والاساثقة المسيحيين في بكركي.
المصادر عزت موقف بكركي الملتبس الى الزيارة التي قام بها النائب ابراهيم كنعان عضو “تكتل لبنان القوي” برئاسة الوزير جبران باسيل الى بكركي حيث التقى الراعي قبل القمة الروحية وطلب منه عدم تضمين البيان أي اشارة الى ضرورة استقالة الحكومة تلبية لضغط الشارع، وطمأنه إلى أن الرئيس عون سيطلب استقالة الحكومة في كلمته الى الشعب اللبناني في اليوم التالي. فخرج بيان البطاركة والاساقفة خاليا من اي اشارة الى ضرورة استبدال الحكومة الحالية باخرى من الاختصاصيين.
وتضيف المصادر ان “الموقف الملتبس” لبيان البطاركة والاساقفة اثار حفيظة مطران بيروت للروم الارثوذكي الياس عوده فصرح بدوره في اعقاب القمة الروحية، بأن الفراغ افضل من بقاء السلطة الحالية، كما شن هجوما عنيفا على الطبقة السياسية في رد فعل اعتراضي على بيان القمة.
وتضيف المصادر ان كلمةالرئيس عون الى اللبنانيين خلت من الاشارة الواضحة الى ضرورة تغيير الحكومة، واستبدلها بعبارة “ضرورة اعادة النظر في الواقع الحكومي“، ما أثار حفيظة الراعي دون ان يصدر عنه اي موقف بشأن الحكومة.
وتشير المصادر ان صرخات اللبنانيين في الشوارع وصلت الى اسماع قداسة الحبر الاعظم، ولم تصل اسماع الراعي ما استدعى تدخلا فاتيكانيا والطلب من الراعي تصويب موقف الكنيسة من الثورة، ما دفع بالراعي الى إصدار بيان عبر المكتب الاعلامي للصرح البطريركي في بكركي يطلب فيه تشكيل حكومة مصغرة من الاختصاصيين برئاسة الرئيس سعد الحريري لتباشر العمل على انقاذ الاوضاع العامة في البلاد، في اول استجابة لمطالب المحتجين في الطرقات والساحات من الكنيسة المارونية.
وهكذا صدر عن بكركي بيان ثانٍ، بلهجة مختلفة كلياً، جاء فيه: “لا يمكن الاستمرار في تجاهل صرخة الشعب اللبناني، بكباره وشبابه وأطفاله، وهو في ثورة عارمة من شمال لبنان الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، وهي في يومها التاسع، مطالبا، ونحن معه، بحكومة جديدة بكل مكوناتها، جديرة بالثقة، تكون مصغرة مؤلفة من شخصيات ذوات اختصاص وانجازات، من خارج الاحزاب والتكتلات، لكي تتمكن من تنفيذ الورقة التي اقرها مجلس الوزراء في اجتماعه في القصر الجمهوري الاثنين 21 تشرين الاول الجاري، وتلاها دولة الرئيس سعد الحريري.“
ان الدستور اللبناني يؤكد في مقدمته ان “لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية”(ج)، فلا يحق لأحد أو لأي فريق ان يفرض ارادته على الجميع، فلا احد اكبر من لبنان وشعبه. كما يؤكد الدستور ان “الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية”(د). فلا يمكن عدم الاصغاء لمطلبه بالصورة الشاملة التي توحده تحت راية الوطن. ولا يمكن اهمال ما يتحمل المتظاهرون الثائرون من صعوبات وتضحيات، والمواطنون من معاناة يومية بسبب استمرار اقفال الطرقات. وليعلم المسؤولون في الدولة انهم مسؤولون عن الخسائر بملايين الدولارات في الخزينة العامة وعن الشلل العام، في كل يوم من تأخيرهم في تشكيل الحكومة الجديدة، واعادة البلاد الى حركتها الطبيعية”.
يشار الى ان العديد من الكهنة والاساقفة لم ينتظروا موقف البطريرك الراعي وانضموا الى المحتجين منذ اليوم لاندلاع الاحتجاجات خصوصا في البترون وزوق مصبح وجل الديب، وتوقعت الصادر ارتفاع عدد الكهنة من المشاركين والمساندين للاحتجاج بعد موقف الكنيسة.