أحد أسباب ما يواجهه العراق اليوم لا يرتبط فحسب بالتدخل الخارجي في شؤونه، بل أيضا في وجود قياديين عراقيين يوالون أنظمة أخرى أكثر من ولائهم لبلادهم! بل ويعتبرون العراق أحد خُدّام المشروع الديني الأيديولوجي، ولا بُدَّ أن يُسَلّم ويخضع لقائد المشروع!
ولا تستطيع الديمقراطية العراقية وصناديق الرأي اليوم أن تعالج هذه المعضلة، فتعيين هؤلاء القياديين يتجاوز الشأن الديمقراطي بسهولة. فالفتوى والأحكام الدينية لا تزال تسيطر على أذهان كثيرين، وقادرة على تهميش الدور الحقيقي للديمقراطية.
إنما الأمر منوط بوعي الشارع العراقي الرافض لهذا التدخل والمنتفض ضده وضد الفساد، لفضح مزدوجي الإنتماء.
فالقيادات الأمنية العراقية، المرتبطة دينيا وسياسيا بالخارج، تم تعيينها وفقا لمبررات ومصالح العلاقة مع الخارج وليس وفق المصلحة الداخلية البحتة، ورغما عن القائد السياسي الذي جاء عن طريق صناديق الرأي. لذا ظل التدخل الخارجي أقوى من أي رأى شعبي، وباتت الديمقراطية مجرد واجهة، وأصبح القرار الواقعي والحقيقي بأيدي هذه المجموعة من القيادات والاحزاب التابعة لها.
ومن المآسي الراهنة في أحداث العراق اليوم، وجود رجال دين يعتبرون حضورهم السياسي والاجتماعي الطائفي، وطقوسهم الدينية الطائفية، أهم من المعاناة التي يعاني منها الشعب العراقي، ويزعمون بأن حضورهم الطائفي في الحكم هو نتيجة للعملية الديمقراطية. لذا يعتبرون تظاهرات الشعب مجرد مؤامرة خارجية لتخريب طقوس أربعين الحسين ولضرب مخرجات الديمقراطية!..