(من كتابه الذي يحمل نفس العنوان)
السيد محمد حسين فضل الله (1935 – 2010) ,كان مرجع دين شيعي لبناني من بلدة عيناثا الجنوبية، ومن أعلام حركة إصلاح التراث الإسلامي، أديب وشاعر، هاجس كتابات ومحاضرات وخطبه فضل الله هو الرّاهن، وما يحفل به الاجتماع الإسلاميّ من تناقضاتٍ وملابساتٍ ومشكلات، فيسعى إلى اكتشافها وتحليلها ونقدها.
لم يقع أسير تمجيد السّلف، والثّناء على أخطاء التّاريخ، والانشغال بتحويل الهزائم إلى انتصارات، وتقديس كلّ ما يتضمّنه التّراث، وإنما تسلّح بمنظورٍ نقديّ حجاجيّ، لا يخشى من مقاربة الموروث والواقع برؤيةٍ تحليليّةٍ نقديّة، والوقوف على ما يكتنفه من ثغراتٍ بكلّ جرأة. لا يكفّ عن النّقد والمراجعة، والمغامرة في إثارة الاستفهامات، فقد كان مسكوناً بالتّساؤل، وظلّ يشدّد على ضرورة طرح الأسئلة، ويحثّ على أنّ السّؤال مفتاح المعرفة، وما من سؤال إلا وله أجوبة. لقد خرجت من السّجن المعرفيّ الأوّل بمطالعتي لآثَاره.
***
قد يتساءل البعض: ما هو مبرر اثـارة ذكرى عاشوراء في كل عام بالنحو الذي يستثير البكاء والحزن على واقعة مضى عليها اكثر من ثلاثة عشر قرناً..؟؟
والجواب على هذا التساؤل هو ان أي تاريخ لا بد ان يحتوي الكثير من المآسي الخاضعة لظروفها الموضوعية, اما في دائرة الصراع بين خطين او في نطاق حركة الاقوياء ضد المستضعفين, ما يجعل من مسألة المأساة التاريخية أمراً طبيعياً يجب التعامل معه على هذا الاساس.
وهنا يجب ابراز ملاحظتين:
اولاً: حضارية، الهدف منها احياء التاريخ؛ حيث ان مسألة استعادة التاريخ عن طريق احياء ذكراه هو امر انساني حضاري تحافظ عليه الشعوب والمجتمعات على اختلاف اتجاهاتها وثقافاتها.
ثانياً: عاشوراء ليست فئوية، إن القاعدة الاسلامية القرآنية تُرَكّز على أن الماضي مسؤولية الذين عاشوه وصنعوه سواء في الدائرة السلبية او الايجابية وذلك لقوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّة قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} . فليس المجد التاريخي مجداً لنا بالمعنى الحركي للمجد، بل هو مجد الذي صنعوه، وعلينا في الوقت عينه ألا نُحَمّل الآخرين مسؤولية سلبيات التاريخ فيما هو التوزيع بين فريق وفريق، يرتبط احدهما بفئة تاريخية تصارعت مع فئة اخرى بها الفريق الآخر. وعلى هذا الأساس لا يتَحَمّل الشيعة في الحاضر مسؤولية بعض السلبيات التي عاشت في دائرة الخلاف السني الشيعي في الماضي، ولا نُحَمّل السنة المعاصرين مسؤولية ما جرى على الشيعة سلبياً من قبيل الذين التزموا المذهب السني في التاريخ، بل ان الشيعة والسنة اليوم يعيشون عصراً واحداً ومرحلة واحدة، وهم مسؤولون عن حركتهم فيها.
*
إقرأ أيضاً:
ماذا حدث أثناء تشييع “المرجع“: مقلّدو فضل الله نقلوا جثمانه حتى لا يصّلي عليه “جنتي“.. فانقطع إرسال “المنار“!
هل عاد السيد محمد حسين فضل الله إلى “التنغيم“ على حزب الله وزعيمه؟
فتوى السيد محمد حسين فضل الله: باستطاعة المرأة رد عنف الرجل الجسدي بعنف مضاد من باب الدفاع عن النفس
“النداء الاخضر“ الإيراني المعارض: مقلّدوه ينحون لتقليد آية الله السيستاني وليس خامنئي
“مبرات” المرجع فضل الله ممنوعة في “قليا” بأمر “الحزب” والدولة “تنأى بنفسها“!
نحن لانحملهم وزر الحادثة الاليمه لكن نطلب منهم ان يدينوا الظالم المتجبر القاتل لعترة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كما ادانوا من قتل عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان
كان السيد حسن فضل الله على حق، طبعاً، في تبرئة “السُنّة” من دم الحسين. وليس فقط للأسباب التي ذكرها. فهنالك سبب آخر “تاريخي” لا يتطرّق له “الشيعة” بشكل خاص. فقد وقعت واقعة “عاشوراء”( أو معركة الطف) في السنة ٦٨٠ ميلادية، بعد أقل من ٥٠ سنة على وفاة النبي، وهي فترة قصيرة جداً لا تكفي لنشوء ما بات يسمّى الآن “شيعة” و”سنّة”! وهي وقعت في عهد الخليفة “الأموي” زياد بن معاوية، أي قبل حوالي قرنين من الزمان قبل نشوء ما نسمّيه الآن “السنّة” (أو “أهل السنّة والجماعة”) وما نسمّيه الآن “الشيعة”، وخصوصاً منها “الشيعة الإثني عشرية”. والسبب بديهي في ما يتعلق… Read more »