منذ أيام، وأثناء برنامج إذاعي في وقت الظهيرة، طرح المذيع سؤال اليوم على المستمعين: ما الذي يمكن فعله لتقليل حالات الطلاق في بلادنا؟ أول اتصال مع أول سيدة والجواب كان: خلي زوجها يطقها (يضربها) تتأدب.
مثال بسيط لكيفية تقبل المجتمع لمسألة العنف من قبل الزوج لزوجته، بل وتشجيعه عليه. السيدة لم تكن غريبة عن محيطها، فالكثير من الرجال والنساء يعتقدون أن الضرب والعنف حل لكل المشاكل الزوجية، وأنك إن أردت زوجتك مطيعة خانعة لا بد أن «تقطع راس القط في ليلة العرس» حتى تضعها على الخط المستقيم من البداية.
في دراسة أجرتها الدكتورة فاطمة السالم، ونشرتها القبس، أظهرت النتائج أن %53.1 من الكويتيات تعرضن لاحد انواع العنف في حياتهن وهذا يتضمن عنفا جسديا، لفظيا، نفسيا، اغتصابا، تحرشا جنسيا أو ابتزازا واستغلالا. وخلصت الدراسة الى ان العنف يمارس بشكل أكبر من الرجال على النساء في مجتمعات ذكورية تتبنى قيماً تقليدية حول دور النساء. واختلفت أسباب العنف حسب الدراسة بين الإدمان على المخدرات، الكحول، الضغوط المالية، الضغوط النفسية، الجهل ومشاكل الزواج.
لكن أين تذهب المعنفة؟ لمن تلجأ؟ عودتها إلى بيت المعنف سواء كان والدا او اخا أو زوجا تعني تعنيفا أكثر وربما أشد وأقسى، لجوؤها إلى أهل وأقارب ربما يعيدها إلى ما كانت عليه من أذى، محاولتها استئجار شقة أو حتى غرفة في فندق تبوء بالفشل، لأنه حسب القوانين الكويتية المرأة فاقدة الأهلية ولا يحق لها استئجار شقة أو غرفة في فندق إلا بوجود ذكر.
إذن، أين تذهب المعنفة؟
فاجأتنا القبس منذ أيام بصورة كبيرة لمركز الإيواء (مركز فنر للاستماع) التابع للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة الذي تم افتتاحه على يد وزيرة الشؤون السابقة هند الصبيح في 2017، وفوق الصورة عنوان: «مركز إيواء المعنّفات.. حُلم ولد ميتاً»!
نعم.. هو عبارة عن مبنى مهجور فارغ بلا إدارة ولا ميزانية ولا موظفين ولا عمل، وحتى خطهم الساخن الذي من المفترض أن يتسلم مكالمات المعنفات، بدالة 128، لا يزال باردا بلا حرارة ولا خدمة، بينما تنام مواطنات كويتيات في سياراتهن وفي الحدائق العامة هربا من العنف بعد أن سدت كل الأبواب في وجوههن بعد تعرضهن للتعنيف والضرب والطرد.
في مجتمعات تقف فيها حتى المرأة ضد المرأة وتقول «اضربها لتتأدب»، ونظرا الى الارتفاع الملحوظ في عدد الحالات المبلغ عنها في السنوات الأخيرة، وحين تسد كل الأبواب لا بد أن نجد ملجأ للنساء المعنفات لإنقاذهن والحفاظ على كرامتهن وفي بعض الأحيان حياتهن.
dalaaalmoufti@
D.moufti@gmail.com