هل اندلعت الحرب بين لاريجاني ورئيسي على خلافة خامنئي؟
أشارت وكالات أنباء إيرانية عدة إلى تعرض آية الله صادق لاريجاني رئيس السلطة القضائية السابق ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام حاليا وشقيق رئيس مجلس الشورى (البرلمان)، لاعتداء لفظي من قبل آية الله محمد يزدي الذي شغل أيضا منصب رئيس السلطة القضائية سابقا ويعتبر أحد الصقور في الجناح المحافظ. ولم يتم تأكيد هذا الخبر رسميًا، إلا أن وسائل إعلام مقربة من الإصلاحيين ومن الأصوليين، تحدثت عن صراع عنيف ومواجهات بين رجال دين رفيعي المستوى. وحسب محللين فإن الصراع بين صادق لاريجاني ورئيس السلطة القضائية الحالي آية الله إبراهيم رئيسي، قد اشتد كثيرا في الفترة الأخيرة.
ويوم السبت، 7 أغسطس، وبعد ساعات من نشر مصادر غير رسمية لخبر الإعتداء اللفظي، وجهت “جماعة مدرّسي الحوزة العلمية في قم”، وهي جماعة دينية قريبة من مرشد الثورة آية الله علي خامنئي ومن الخط السياسي المحافظ وينتمي إليها رجال دين متنفذون، رسالة إلى وكالات الأنباء العالمية ومن دون أن تكذب خبر يزدي/لاريجاني، قالت فيه: “إن مواقف رئاسة جماعة مدرسي الحوزة العلمية في قم وأعضاء الجماعة، لا تصدر إلا عن طريق الموقع الإلكتروني الرسمي التابع للجماعة”. جدير بالذكر أن يزدي هو رئيس مجلس إدارة هذه الجماعة.
وقبل انتشار هذه الأخبار غير الرسمية، أشارت بعض وكالات الأنباء الإيرانية إلى أن يزدي التقى ببعض المسؤولين والمدرسين والنخب التابعين ل”جماعة مدرّسي الحوزة العلمية في قم”، وخلال اللقاء وجه انتقادات حادة ضد لاريجاني. وقال يزدي: “حتى لو اختلف رأيي مع رأي المرشد، إلا أنني مكلّف بأن استجيب لرأي المرشد. فضرر ذلك أقل بكثير من كسر حرمة ولاية الفقيه. وذاك الشخص (صادق لاريجاني) يهدد باللجوء إلى النجف. فلينفذ تهديده. فهل نتيجة ذلك ستؤدي إلى وقف العمل في حوزة قم؟ إن وجوده (لاريجاني) في قم لم يكن مؤثرا، فما بالنا إذا ذهب إلى النجف”.
ثم يشير يزدي إلى اعتقال أكبر طبري (مدير مكتب لاريجاني أثناء رئاسته للقضاء، والذي كان يحظى بمهام نائب الرئيس وبمجموعة واسعة من السلطات) قائلاً: “تم اعتقال من كان مسؤولاً عن مكان مهم لمدة 5 سنوات، ثم يحتج (لاريجاني) قائلا لماذا يتم اعتقاله؟ هذا الرجل بنى قصرا بمسمى بناء حوزة دينية (مدرسة دينية). فمن أين جاء بالأموال لكي يبني ذلك؟”. وطبري حاليا قيد الاعتقال بتهم تتعلق بالإستغلال المالي والأخلاقي.
الصحفي الإصلاحي فريد مدرسي، المتخصص في شؤون رجال الدين الشيعة والحوزات الدينية، هو أول من أورد انتقادات يزدي القاسية ضد لاريجاني. ووفقا لمدرسي، فإن يزدي في انتقاده “لأحد علماء قم” (في إشارة إلى لاريجاني) قال بإنه “سيعارض وصوله إلى منصب المرجعية”. وحول الأنباء المتعلقة بتهديد لاريجاني بترك إيران واللجوء للنجف إذا لم يتم الإفراج عن طبري، قال مدرسي: “الأخبار المتعلقة بهجرة لاريجاني غير صحيحة. يجب تحليل خلفية هذه الأخبار وإضفاء المزيد من التفكير عليها”.
وأصبح جليا في هذه الأيام مشاهدة عبارة “الطبقة المخملية من رجال الدين” في الصحافة الرسمية، وبات واضحا نقد التوجهات والمشاريع المالية والعمرانية الفاخرة لهذه الطبقة. وبشكل عام، ومنذ انتخاب رئيسي على رأس الجهاز القضائي، ازدادت أنباء “تطهير” القضاء من الفساد. في الوقت نفسه، يقال إن رئيسي ولاريجاني يحلم كل منهما بخلافة خامنئي والجلوس على عرش ولاية الفقيه. لهذا السبب، بدأ أنصار وأقارب كل من الشخصين الدخول في منافسة شرسة وحرب سرية. حتى أن موقع “اعتماد أون لاين” المحافظ كتب أن “البعض يعتقد أن الخلاف بين الطرفين لحذف لاريجاني وأنصاره من السلطة القضائية، في حين أن الأصوليين يسعون لحذف اللاريجانية من هيكل السلطة بأكملها”.
ورغم التطورات الأخيرة، لم يُظهر يزدي في الماضي اهتماما كبيرا بإخوان لاريجاني. لكنه انتقد مؤخرا علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى، خاصة موقفه فيما يخص اتفاقية “فاتف”. وفي ١٧ أغسطس الجاري، أيد ٥٠٠ من المتطوعين (الباسيج) في جامعة طهران، في رسالة إلى رئيسي، إجراءاته لمكافحة الفساد، وخاصة الفساد في الرئاسة، والإطاحة ببعض القضاة المخالفين، وكذلك محاكمة بعض رجال الدين الفاسدين.