كانت تقف في المصعد وحيدة، دخلت سيدة ابتسمت لها ثم سألتها: رائحة عطرك حلوة، ما اسمه؟ قالت اسمه «جميلة»، فردت السيدة: «نعم، وأنت كذلك». مجرد كلمتين من غريبة جعلتا المرأة تخرج من المصعد وهي منتشية تمشي على الهواء.
نحن محاطون بالغرباء يوميا، في المجمعات والأسواق، في المستشفيات والعيادات، في الطرقات ووسائل المواصلات، في الوزارات والشركات، لكننا وبطريقة غريبة نتحاشاهم، نبتعد عنهم أو نضع حدا بيننا وبينهم عبر الإمساك بكتاب أو جريدة، وفي أغلب الأحيان الهاتف النقال، معتقدين أن الحديث مع الغرباء مزعج، غير مريح، وأحيانا خطر. بيد أن الدراسات تفيد بأن الحديث مع الغرباء يجلب سعادة غير متوقعة للإنسان وله أثر إيجابي على الطرفين، المتحدث والمتحدث معه، فنحن مخلوقات اجتماعية ويجب علينا أن نتواصل.
أحياناً نتخوف من الحديث مع الغرباء، الاقتراب منهم يقلقنا، ويجعلنا نختبئ في ذواتنا لحماية أنفسنا. ادخل أي غرفة انتظار، قف في أي طابور، ادخل مصعد، وستجد كل من حولك منكسا رأسه يعبث في تلفونه. ليس بالضرورة أن يكون يتابع أمراً مهماً، أو يرد على اتصال عمل أو يبحث عن صفقة، هو يضغط أزراراً ويقلب شاشات، محاولاً أن يتحاشى النظر اليك أو الحديث معك.
تقول الدراسات: ان الحديث مع الغرباء يجعل حياتك أكثر ثراء ويطور شخصيتك، إضافة الى أن تعاملك مع الغريب يجعل تعاملك مع القريب أفضل. الحديث نفسه لن يغير حياتك، لكنه يمكن أن يجمل يومك ويعطيك دفعة صغيرة من التفاؤل والإيجابية. جرب أن تفتح حديثاً مع سائق أجرة، ستجده يحكي لك قصصاً وحكايات إن لم تغنك تسلّك. قل صباح الخير مبتسما عندما تدخل غرفة انتظار، سيضطر المنتظرون الى مبادلتك الابتسامة والتحية، ويمكن أن تكون بادئة حديث شيق مع أحدهم. علق إيجاباً على مظهر أحدهم حتى إن كنت تراه لأول مرة، تعليقك سيسعده ويسعدك أنت أيضا. سلم على نادل القهوة وناده باسمه، سيكون رفيق صباحاتك وسيحفظ نوع القهوة التي تحبها وربما يفتقدك إن غبت.
الغرباء ليسوا أعداء، فلا داعي للتخوف منهم، هم بشر مثلي ومثلك، يسيرون في هذه الحياة، كل يحمل همومه ومشاكله على ظهره، كل ما يحتاجونه منك ابتسامة.. كلمة مرحبا أو صباح الخير، ستجعل يومك ويومهم أحلى.
الحديث مع الغرباء سهل ومريح، فلا أحد سيتذكر ما قلته له بعد الفراق، ولا تنسى، ربما كلمة حلوة من غريب تستطيع أن تمحو كلمة بشعة من قريب.
dalaaalmoufti@
D.moufti@gmail.com