رغم تأكيد وزير الخارجية الأمريكي بأن الرئيس ترامب لا يريد حربا مع إيران، إلا أن تسلسل الأحداث وتوقعاتها يشير إلى أن الحدث العسكري القادم المتعلق بالأزمة الإيرانية الأمريكية سيكون أخطر وأوسع من تفجير ناقلات النفط، وسيتجاوز ضرب طائرتين أمريكيتين من دون طيار بصاروخي “سام” أو مهاجمة قاعدة عسكرية عراقية فيها مستشارين أمريكيين، في ظل ارتفاع وتيرة الهجمات الحوثية على أهداف سعودية.
هكذا تشي الوقائع السياسية والعسكرية، وهذا ما يتوقعه المراقبون في ظل ما أسموه بالتصعيد الإيراني “المحسوب”، وفي ضوء ضبط النفس الأمريكي “المحسوب” أيضا.
هذا التوقع يأتي فيما قررت طهران زيادة إنتاجها من اليورانيوم المنخفض التخصيب بمعدل أربعة أضعاف حجمه الحالي، وهي خطوة سياسية لتحدي واشنطن، لكنها قد لا تخدم ما تبقى من تعاطف دولي مع الموقف الإيراني من قبل بعض أصدقاء إيران من القوى العظمى، فقرار الزيادة سينتهي إلى تحدّي بنود الإتفاق النووي الذي رفضت طهران الإنسحاب منه ردا على الخطوة الأمريكية. وإزاء ذلك، ستكون الورقة العسكرية في الأيام أو الأسابيع القادمة هي الأكثر بروزا على سطح الأحداث، سواء من قِبل طهران للضغط على واشنطن، أو من قِبل واشنطن إذا ما أصرت طهران على التصعيد. ومن ثم، سيكون الحدث العسكري القادم تصعيديا وبصورة نوعية، بهدف تأثير كل طرف على الآخر.
ورغم أن ردود الأفعال الأمريكية على التطورات العسكرية الأخيرة، تعكس عدم رغبة واشنطن في تحويل الأزمة إلى مواجهة عسكرية، فيما تشير التصريحات الإيرانية أن طهران تسعى إلى ذلك، غير أن الأمريكان أشاروا أيضا بأنهم يدرسون خيارات التدخل العسكري. ويقول الخبير الألماني بشؤون الشرق الأوسط غيدو شتاينبيرغ بأنه إذا استمر التصعيد الحالي في الخليج، فإن حرباً وشيكة قد تنشب بين الولايات المتحدة وإيران. وهو ما جاء أيضا على لسان آش كارتر، وزير الدفاع الأمريكي السابق أثناء رئاسة باراك أوباما، الذي طالب إدارة ترامب بإبقاء الخطط العسكرية لمواجهة مع إيران جاهزة.
والسؤال الذي يُطرح نفسه هنا: لماذا ارتفعت توقعات التصعيد العسكري؟
ترى إيران، حسب بعض المراقبين، بأن التصعيد سيخلق معطيات جديدة في المنطقة تكسر معه القيود والعقوبات التاريخية، بعدما جعلتها هذه العقوبات تعيش ظروفا اقتصادية غير طبيعية تتجاوز جميع ظروفها الفائتة، كظروف حربها مع العراق، لذا تعتقد بأن حربا تفضي إلى ما يسمى “بعزة وضمان للحقوق وتنكيل بالخصم، أفضل من سلام في ظل حصار متواصل وتجويع ممنهج”. أي أن التصعيد العسكري، بعبارة أخرى، سيخلق فرصا لطهران تحقق من خلالها مصالحها وأهدافها. وعلى حد تعبير صحيفة “التايمز” فإن إيران تقرع طبول الحرب للحصول على تنازلات. وهذا ما يعزز توقعات التصعيد، سواء من قبل إيران وحلفائها، أو من طرف الولايات المتحدة.
خاصة وأن مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة كشفت عن خطة أمريكية لشن ضربة تكتيكية ضد إيران ردا على هجومي بحر عمان، بعدما عرضت الإدارة الأمريكية صورا جديدة حول الهجومين تقول بأنها تقطع بمسؤولية طهران عنهما.
ssultann@hotmail.com
*كاتب كويتي
*
إقرأ أيضاً من أرشيف ٢٠١٥:
“كل ليلة كان الجيش و”الحرس” قلقين من هجوم يطال إيران كلّها”!: روايات جديدة حول المفاوضات
خاص- ”خدعة” إتفاق فيينا: المنطقة ستشتعل، و”الحرس” سينتقم من الإيرانيين، والرياض تريد “القنبلة”!