فقد طلب نائبان على الأقل من محكمة المحاسبات التدقيق في الطريقة – التي قد تكون اتسمت بشيء من التسرع حسب رأيهما – التي قبلت بها جامعة جنيف هذا المبلغ القادم من الكويت. وتبعا لذلك، يبدو أن تحقيقا أشمل حول الإسهامات المالية الخاصة (في تمويل الجامعة) قد بدأ بعدُ، إلا أن رئيس المحكمة فرانسوا بايشار قال للقناة: “نحن لا نُدلي بأي تصريحات في هذه المرحلة”.
في الأثناء، يُلفت مراقبون النظر إلى أن عودة الحديث عن هذه الهبة في هذه الآونة له علاقة بالمعلومات المُتداولة منذ عدة أشهر في جنيف في إطار معركة قضائية دائرة بين بعض أطراف عائلة آل الصباح الحاكمة في الكويت. فمن جهة، هناك الشيخ ناصر محمد أحمد الجابر الصباح المتبرع السخي الذي شغل منصب رئيس الوزراء حتى عام 2011 قبل أن يُغادر السلطة بعد أن وُجّهت إليه اتهامات بالفساد لم تثبت عليه حتى الآن، ولا زال رغم كل شيء في موقع جيّد لخلافة أمير الكويت. ومن جهة أخرى، هناك ابن عمه الشيخ (فهد) الأحمد الصباح، العضو النافذ في اللجنة الأولمبية الدولية المُتّهم بالسعي لتشويه سمعة الشيخ ناصر.
في الواقع، يدور جـزءٌ من أطوار هذه المعركة القضائية أمام المحاكم في جنيف. ذلك أن الشيخ ناصر نجح في استصدار لائحة اتهام بالتزوير بحق ابن عمه وأربعة من شركائه. وبما أنه من المقرر أن تُجرى مُحاكمة في وقت قريب، يعتقد بعض المتهمين أن المليون فرنك المُهدى من طرف الشيخ ناصر جاء في هذا السياق لكن “جان بيار جاكُـمُـو”، أحد المحامين المدافعين عنه في جنيف رد بالتأكيد على أن “هذه اللفتة من جانبه خالية تماما من أي نفع شخصي”.
من ناحيته، أكد إيف فلوكيغر، عميد جامعة جنيف أنه ليس لديه ما يُخفيه وقال إنه اتخذ كافة الإحتياطات الضرورية لدى القبول في نهاية عام 2016 بهذه الهبة التلقائية وغير المشروطة. كما أوضح أن الجامعة تحصلت أيضا على موافقة وزارة الخارجية.
وفيما تعتبر جامعة جنيف أنها لم ترتكب أي خطأ، يبدو أن للنائبين اللذين توجّها بالشكوى إلى محكمة المحاسبات رأي مُخالف. ومع أن الجميع يُحجم عن الإدلاء بأي تصريحات علنية في الوقت الراهن، فإن خطر الفساد الكبير في الكويت هي الحجة الأكثر ترددا للتشديد على أنه لم يكن يتعيّن على مؤسسة عمومية قبول هبات من هذا البلد. وكانت نفس الانتقادات قد طرحت في المملكة المتحدة عندما قامت نفس الشخصية الخليجية بإهداء أكثر من ثلاثة ملايين فرنك إلى جامعة دورهام.
في المقابل، يرفض عميد جامعة جنيف من الناحية المبدئية فكرة وضع قائمة سوداء للبلدان، لكنه قال إنه منفتح لمناقشة الفكرة الداعية إلى مزيد الترفيع في إجراءات التدقيق الداخلي.