مهرجان «فاير».. أحدث عملية نصب كبرى حدثت في الولايات المتحدة الأميركية وعلى يد شاب لم يبلغ الثلاثين من عمره. fyre هو مهرجان موسيقي خرج بفكرته وعمل عليه شاب أميركي في العشرينات، اسمه بيلي ماكفرلاند. كان من المقرر ان يقام المهرجان في شهر مايو من عام 2017 على جزيرة نائية في جزر البهاما، وجرى الترويج له عبر منصات التواصل الاجتماعي، وبشكل خاص على الانستغرام، بمساعدة مجموعة من أهم المؤثرين والفاشينستات في العالم.
أثارت الدعايات التي وضعتها الفاشينستات على حساباتهن اهتمام الآلاف من شباب أميركا الذين كانوا يحلمون بإجازة كتلك التي صورنها لهم في مواقعهن: طائرات خاصة، يخوت، فلل فاخرة للإقامة، وجبات للذواقة من أعلى المستويات، فرق موسيقية عالمية، خدمة 7 نجوم على مدار الساعة، وشواطئ بيضاء وبحر أزرق وفتيات جميلات في كل مكان.
بيعت كل التذاكر للمهرجان، والتي تراوحت أسعارها بين الـ 500 دولار و12 ألف دولار وفوقها بعض الإضافات، وفي اليوم المحدد، وصل الناس إلى موقع المهرجان فلم يجدوا شاطئا، ولكنه موقع إنشائي، ولم يجدوا فللا بل خيم الإغاثة FEMA التي تستعمل أثناء الكوارث الطبيعية بها فرشات تسبح بالماء بعد عاصفة ماطرة، ولم يجدوا طباخين مهرة بل وجبات طعام عبارة عن سندويشات جبنة في علب بلاستك، ولم يجدوا لا خدمة ولا من يخدم ولا فرقا موسيقية ولا حتى ماء للشرب. قامت الدنيا ولم تقعد وعاد الناس إلى بيوتهم، وانهالت القضايا على ماكفرلاند وشركائه بملايين الدولارات، لكن ما شدني في الموضوع هو أن القيامة قامت أيضا على الفاشينستات والمؤثرين على شبكات التواصل لترويجهم لهذا الحدث من دون ذكر أنها دعاية مدفوعة الثمن، فكما تردد في الاعلام، قبضت هؤلاء الجميلات الملايين (الكارداشيان، بيلا حديد، هيلي بالدوين، كيندل جينر لوحدها قبضت 250000 دولار) مقابل الترويج لهذا المهرجان الزائف، من دون حتى التحقق من مصداقية القائمين عليه، مع أن القانون الفدرالي الأميركي يفرض على كل من يضع ترويجا أو دعاية لمنتج أو خدمة على حسابه في مواقع التواصل ويقبض مالا مقابلها أن يكتب أن هذه دعاية مدفوعة الثمن وأن هاشتاغ #دعاية أو #add لا يكفي لتنبيه المستهلك.
وهنا نأتي للمهم: كم فاشينستا ومؤثرا اجتماعيا عندنا يقبضون أموالا مقابل استعمالهم لمنتج أو زيارتهم لمطعم أو محل من دون أن يذكروا أنهم يقبضون مقابل ثرثرتهم، وكم دواء ومكملا غذائيا وعلاجا للسمنة والصلع ومستحضرات التجميل وغيره يتم ترويجه من قبل هؤلاء من دون ذكر أنها دعايات ومن دون حتى التأكد من صلاحية المنتج؟ وبينما نحن «ناكل المقلب» ونصدق أنهم بالفعل استعملوا المنتج وأحبوه، نجدهم منشغلين بعد الفلوس التي قبضوها مقابل الضحك على ذقوننا.
(للمهتمين، الوثائقي يستحق المشاهدة، تجدونه على نتفليكس تحت اسم fyre).
dalaaalmoufti@
D.moufti@gmail.com