استضاف مركز Politica الدكتور سامي نادر في ندوة حوارية حول مؤتمر CEDRE وما يجب أن نعرفه، حيث ألقى محاضرة دقيقة تبعها نقاش مستفيض من المشاركين، وذلك يوم الخميس 14 آذار 2019.
وقد حضر الندوة كلٌ من السيدات والسادة: احمد سنكري، احمد فتفت، بول موراني، توفيق كسبار، جاي السنكري، حسان قطب، حسن عبود، حنا صالح، خليل طوبيا، ربى كبارة، رجينا قنطرة، رضوان السيد، رلى موفق، سام منسى، سامي شمعون، سامي نادر، سمير عبد الملك، سمير مسعد، سوزي زيادة، سيرج بو غاريوس، صلاح حنين، طانيوس شهوان، طوني حبيب، علي ابو دهن، غازي يوسف، فاتنة السنكري، فارس سعيد، فيليب دو بسترس، لقمان سليم، لينا حمدان، محمد البارقي، منى العتيبني، مياد حيدر، ناجي سابق، نبيل دو فريج، وسام ابو حرفوش.
رحّب الدكتور فارس سعيد بالضيوف وممثلي السفارة السعودية وقال اننا من خلال هذه الندوة سنحاول الاجابة عن بعض الأسئلة حول موضوع مؤتمر CEDRE، وتابع:
منذ مؤتمر أصدقاء لبنان في واشنطن في 16 كانون الاول 1996 ينقسم الرأي العام السياسي حول وجهتي نظر:
الأولى، تدعو إلى ارتباط لبنان بمشاريع شراكة اقتصادية ومالية مع المجتمع الدولي وبالتحديد مع دول اوروبية وعربية مانحة ومسهّلة لمشاريع إنمائية وإنتاجية في لبنان؛
والثانية، تعتبر ان هذا الارتباط يشكّل خطراً على لبنان بحيث أنه يحدّ من حرية حركته السياسية بحكم الديون، ويعمل على إبقاء اقتصاد لبنان خارج “التدويل” بحجّة – “استقلال القرار السياسي“!
لقد عبّر عن هذا التباين بشكلٍ واضح وليد جنبلاط في صيف الـ2000 وبعد الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب حين قال: “علينا أن نختار بين هانوي وهونغ كونغ”، من أجل تحديد البوصلة والاتجاه لاقتصادنا الوطني!
وبشكلٍ أوضح هناك من يقول “بتدويل” الاقتصاد لأن لا حلّ لأزمة الاقتصاد اللبناني إلا من خلال التدويل؛
بمعنى أنه حين يكون لبنان في مواجهة أو على عداء مع دوائر القرار العربية والدولية عندها لا يمكن ان ننقذ الاقتصاد اللبناني، على هذه الشراكة أن تكون قائمة وقوية.
وهناك من له وجهة نظر مختلفة ويعلن رفضه “التدويل“. ونرى بالحد الأدنى في الاحداث السياسية زيارة الرئيس الايراني الاخيرة إلى العراق وبحثه عن فتح أسواق جديدة للمنتجات الايرانية في الاسواق العربية وربما أيضاً في هذه اللحظة السياسية الحرجة في لبنان هناك مسعى لمحاولة احتواء مؤتمر CEDRE ومحاولة ربط لبنان باقتصاد قد لا يكون مناسباً لوجهة النظر العربية والدولية.
يناقش اليوم الدكتور سامي نادر وهو خبير اقتصادي.
وبكلمتين سأسرد عليكم كيف تعرّفت على سامي نادر: كنا في مرحلة التحضير لـ”قرنة شهوان” وكنا نعمل على كتابة البيان التأسيسي للتجمّع، والذي كان انطلق وقتها كتجمّع مسيحي لكن بهدف الحوار الوطني والتلاقي مع الشريك المسلم. وقد شمل البيان بطبيعة الحال الامور الداخلية لكنه تطرّق أيضاً للأمور العربية. وقد لا يتذكر البعض، إنما أتى البيان التأسيسي لـ”قرنة شهوان” على ذكر المطالبة باستقلال فلسطين وعاصمتها القدس. وقد وقّع على هذه البيان أركان المجتمع المسيحي في لبنان وقتها. وكان سامي نادر من الاشخاص الذين لعبوا دوراً أساسياً في صياغة النص، ولكنه خرج من التجمع على طلب من التيار الوطني الحرّ لأننا اعتمدنا في صياغتنا للبيان على اتفاق الطائف. آنذاك كان التيار معارضاً للاتفاق بشكل واضح. هذا الرجل دفع غالياً ثمن قناعاته خلال هذه المرحلة وهو من أشد المدافعين عن الشرعية الدولية والتي تؤكد وتؤمّن استقلال لبنان وتعطيه الفرص للخروج من محنته الاقتصادية اليوم. نحن طالبنا بالشرعية الدولية بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وذهبنا إلى المحكمة الدولية لأننا اعتبرنا أن المحاكم اللبنانية آنذاك غير قادرة على البت في هذا الموضوع. اليوم وكما قلت في مقدمتي أنه هناك وجهتي نظر لمقاربة الازمة- تدويل الاقتصاد اللبناني من خلال شراكة متوازنة ولكن هذا لا يعني التحاق لبنان بمن يعطينا المال بل التدويل من أجل انقاذ هذا الاقتصاد وانقاذ ما تبقى لنا من استقرار مالي واقتصادي أو الحاق لبنان بمحور اقليمي يريد منّا ربما مواجهة العالم العربي اولاً ومن ثم مواجهة المجتمع الدولي.
يسرّنا في مركز Politica استضافته، أهلاً بالدكتور سامي، تفضّل الكلمة لك.
د. سامي نادر
صباح الخير، انا سعيد بوجودي اليوم معكم وتاريخ اليوم رمزي ايضاً وزيز جدا على قلوبنا، وهو أهم حدث في تاريخ لبنان الحديث، لكن الموضوع الذي ستناوله اليوم موضوع مهم جداً. ونحن كـ14 آذار لم نعط الجانب الاقتصادي الاهتمام اللازم ربما، بل كان الاهتمام بالجانب السيادي وعلى استرجاع مقومات السيادة الوطنية. ولكن الاخطار المحدقة اليوم لربما أهمها هو الخطر الاقتصادي أو حتى خطر الانهيار اللبناني إذا لم نستطع اقتناص الفرصة المعطاة والمتاحة لنا اليوم.
ومن المهم لفت النظر إلى أن المجتمع الدولي مهتم بنا اليوم ليس من جانب اهتمامه بمصالحنا بقدر اهتمامه بمصالحه الخاصة لا سيما فيما يتعلّق بأزمة اللاجئين السوريين، لذلك قرر تقديم مساعدات من خلال مؤتمر CEDRE للدولة اللبنانية، وهذا سيكون مرتكز النقاش اليوم. أقول أن هذه الفرصة الوحيدة اليوم المتاحة، ولكنني لست متأكداً من قدرة السلطات اللبنانية على التقاط هذه الفرصة لأن المساعدات الاقتصادية المطروحة على لبنان مرتبطة بسلّة من الاصلاحات- هناك اصلاحات اقتصادية هيكلية ولكن هناك حداً أدنى من الاصلاحات السياسية ايضاً. (“سياسة النأي بالنفس” وما هو ظاهر حتى اليوم منذ تشكيل الحكومة يناقض هذا الالتزام الذي أخذته الحكومة على عاتقها كما أن هناك أيضاً خطوات عملانية لم تقوم بها الحكومة أو حتى تناقض الشروط أو الالتزامات التي يجب أن يقوم بها لبنان هيكلياً على المستوى الاقتصادي). ولكن قبل الدخول في هذا النقاش لنقوم بقراءة اقتصادية لما هو الوضع اليوم.
سأختصر قدر المستطاع مع التركيز على الامور الأساسية كمقدمة لمؤتمر CEDRE – ما هي الخلفية الاقتصادية لمؤتمر CEDRE، ما هو المؤتمر وماذا يطرح، ما هي المساعدات ومن هي الدول المانحة وما هي الاصلاحات المطلوبة.
على المستوى الاقتصادي يعاني لبنان اليوم من مشكلة أساسية تسمى TWIN DEFICIT أي توأمة العجز. هناك عجز في خزينة الدولة، اي نحن ننفق أكثر مما نجبي، هذا من جهة، وهناك عجز في ميزان المدفوعات أي هناك أموال (عملات صعبة) تخرج من لبنان أكثر من الأموال التي تدخل إليه.
ما هي مسببات عجز ميزان الخزينة: بداية في الارقام، العجز الذي كان متوقعاً لهذا العام (5 مليارات دولار) يبدو أنه سيتجاوز الـ 7 مليارات، أي تقريباً 11% من الناتج المحلي (الناتج المحلي هو 54 مليار دولار)، و11% وحسب كل المعايير هو رقم خطير جداً بينما في اوروبا المعيار هو 3% اي تخطينا المعيار بأربع مرات. (ملاحظة من د. احمد فتفت: هذا العجز في الخزينة أو في الموازنة؟) هذا الذي حُقق أي الخزينة اما الموازنة فهي ماذا يتوقّعون. ملاحظة بمكانها. بخصوص هذا العجز، في 2018 عندما كانوا في CEDRE وقبل موازنة الـ2018 التزموا تخفيض العجز بنسبة 1%، على ان خلال خمس سنوات المفروض تخفيض العجز بنسبة 5% (وهذا من شروط CEDRE) علماً انه كان 9%، ورغم هذا الالتزام أتت موازنة 2018 لتزيد النفقات بنسبة 30%. ويظهر من الارقام، ونحن ما زلنا ضمن موازنة 2018، أن العجز سيتجاوز الـ7 مليار دولار، ما يعني أننا قفزنا فوق الـ10% من الناتج المحلي. وما يعني أن الالتزامات التي اعطيت والتي هي ضمن شروط CEDRE لم يتم الوفاء بها وهذا امر مقلق جداً.
ما هو سبب العجز وكيف هو مركّب؟ هناك ثلاثة بنود تتآكل بسببها الموازنة، البند الاول هو الرواتب؛ وهو يشكّل 32-33% من نفقات الدولة (دون ذكر النفقات الادارية) تذهب رواتب أجور، البند الثاني هو خدمة الدين كذلك 32-33% ثالث بند هو قطاع الكهرباء ويأتي بنسبة 8%. ما يعني 74% من الموازنة وهذا لم يكن كذلك، ومع اضافة النفقات الادارية لا يبقى للنفقات الاستثمارية إلا 1.4%. وهذا الرقم أي 1.4% يذهب فقط إلى الاستثمار في الناتج المحلي! أي الاستثمار في خلق الثروة. وهنا تكمن أهمية مؤتمر CEDRE، وأنا أصور المؤتمر على أنه الفرصة الاخيرة ولكن هذا لا يعني انه لا توجد تحديات أساسية. للاختصار، آخر أربع سنوات ومع تراكم عجز الخزينة في هذه السنوات يصل لـ20 مليار دولار بينما زاد الناتج المحلي ب 4 مليار دولار، (اي الاقتصاد نما بـ4 مليار دولار بينما العجز نما بـ 20 مليار) وهنا السؤال الذي يُطرح هل هذه الاموال التي تُصرف تخلق الثروة بالطبع ليس بالنسب المطلوبة. وهنا لبّ المشكلة. نحن في اقتصاد لا يخلق ثروة، أن الدين الذي يتراكم لا يتراكم مع خلق ثروة في المقابل. ما يعني ان الاموال تذهب بغير الاتجاه المطلوب. انا أشدّد على هذه النقطة لانكم ستسمعون بالمقابل من يقول ولكن هذه الرواتب تصرف وهي بالتالي تزيد الانتاج، نعم ولكن ليس بالنسب المطلوبة. المطلوب خلق فرص عمل وليس حشو القطاع العام بالوظائف. وهنا الفرصة التي يعرضها CEDRE، فمع تقلص الهامش المالي FISCAL SPACE وهو اصبح غير موجود اليوم وهو الهامش الذي يسمح للحكومة بالاستثمار بالاقتصاد هنا أتت الفرصة من المجتمع الدولي، ولولا وجود عامل اللاجئ السوري لما أتت. اذا هذا هو الوضع على مستوى المالية العامة.
على المستوى الثاني للعجز وهو الأمر الجديد على اقتصاد لبنان- العجز على مستوى ميزان المدفوعات. لطالما كان في لبنان عجزاً في الميزان التجاري. اليوم هو بحدود 17 مليار دولار، نستورد بحدود 20 مليار دولار وكنّا نصدّر بـ 4 مليار (مؤخراً 2018 اقل من 3 مليار دولار). هذا عجز هيكلي. هذه أموال تخرج من الجسد الاقتصادي اللبناني، ولكن كنا نعوض بالتحويلات (7 مليار دولار)، بالتصدير، بالتصدير الداخلي -السياحة وكنّا نحقق فائض يغطي بحدود 3-4 مليار دولار. منذ العام 2011 اصبح العجز يشكل رصيد سلبي. انعدمت السياحة أو خفّت بشكل كبير جداً التحويلات تقلّصت ايضاً في السنتين الاخيرتين ومع العقوبات ايضاً، كما ان التصدير تقلّص مع الازمة السورية وأزمة الخليج. اذا هذا العجز الجديد اصبح نمطاً مستداماً على فترة ثماني سنوات باستثناء سنة 2017 بنتيجة الهندسة المالية. المشكلة اصبحت هيكلية تتطلب المعالجة. اعطاء الأمل انه اذا تم استخراج النفط يغطى هذا العجز غير جدّي فهذا الامر هو ليس قبل 5-6 سنوات وهذا اذا تم اقرار القوانين اليوم. وهذا العجز أصبح يشكل ضغطاً على الاقتصاد اللبناني وهذا العجز كان سبب خطة “ماكنزي” أو السبب الذي دفع إلى اصدار تقرير “ماكنزي”. وباختصار هذه الخطة هي ايجاد الحلول من أجل اصلاح الاقتصاد وايجاد السبل الكفيلة بجذب الاستثمار إلى القطاعات.
على المستوى الثالث يأتي الوضع النقدي ووضع المصارف: ليس خافياً على احد القول أن نسبة ارتفاع الفوائد في القطاع المصرفي تقوض القطاع الخاص وهو القطاع المحرك للنمو في البلد والقطاع المنتج. لقد أصبحت المصارف شبابيك للمصرف المركزي لا أكثر، أي ان المصارف تحوّل الودائع أو قسم كبير منها لتمويل سندات الخزينة، وهذا وجه من الاقتصاد الريعي. والاقتصاد الريعي له وجهان، الوجه الاول هو تحويل الاقتصاد لتمويل القطاع العام مع كل فساده وهدره والوجه الثاني هو تقاضي الناس لرواتب من الدولة: اين القيمة المضافة واين خلق الثروة؟ أين الاموال التي يجب أن تذهب إلى الاستثمار في القطاع الخاص والناتج المحلي؟ غير موجودة. ففي هذا الاقتصاد الريعي لدينا المصارف التي تحقق ارباحاً ولكن ارباح من العمليات المالية مع المصرف المركزي وليس في الاستثمارات. الاستثمارات في القطاع الخاص شبه معدومة اليوم. صحيح انه يوجد 30 مليار دولار استثمارات في القطاع الخاص ولكن هذا الامر قديم وفي السنوات الثمانية الاخيرة لم ينمو هذا الرقم إلا بشكل بسيط جداً. لقد تراجع الاستثمار في القطاع الخاص بنسبة 30% وهذا الرقم هو الذي قدّمته الحكومة في مؤتمر CEDRE، وايضاً النفقة الاستثمارية للحكومة في هذه السنوات كانت 1.4% وهذه الارقام هي للحكومة في تقريرها للمؤتمرين. اذا هذا الاقتصاد الريعي الذي يعيش على الربح من الاستثمار في سندات الخزينة والتي لا تذهب إلى استثمارات منتجة وجزء منها يمتصها الهدر والفساد. هذا هو الاقتصاد الريعي وهذه سياسة “لحس المبرد”.
المستوى الرابع هو الاقتصاد. معدل نمو الاقتصاد منذ 2011 هو 1.5%. لكن هذا النمو يعتبر ركوداً بالمقارنة مع معدل النمو العالمي الذي هو 2.4-2.5%، وذلك دون الاخذ بالاعتبار 1.5 مليون لاجئ سوري الذين لو فقط أكلوا وشربوا قهم يحركون عملية النمو، وإذا اخذنا النمو Per Capita اي نسبة لعدد السكان فنحن نعيش في حالة ركود. نسبة البطالة في لبنان وفقاً لليونيسف هي 30% وهذا الرقم ايضاً في تقرير الحكومة في CEDRE. لبنان بحاجة سنوياً إلى 40 الف فرصة عمل بينما يقدم لبنان فقط 3500 فرصة عمل ما يعني أننا في نقص لـ 36.500 فرصة عمل.
فإذا تكلمنا عن ركائز الاقتصاد الوطني، ولبنان بحالة يمكن تشبيهها بالكرسي ذي اربع ركائز ثلاثة منها معطوب ويقف فقط على ركيزة واحدة التي تتمثّل بالاستقرار النقدي لكن الكلفة الذي يتكبدّها غالية جداً تمثّلت بارتفاع قيمة هذه الفائدة إلى 18%، ما يعني اننا نتجه إلى منطقة خطرة جداً اقتصادياً وتهدد بالانهيار. هنا أتى مؤتمر CEDRE، فما هي حسناته. بداية يربط المؤتمر المساعدات بالاصلاحات، أي لا مساعدات بدون اصلاح فلا مساعدات تذهب لتمويل الفساد والهدر. الاهمية تكمن في ان الاستثمارات توظّف في قطاع البنى التحتية اي هذه الاستثمارات ستزيد من الانتاجية وستشكل محرك للنمو الاقتصادي، وهناك ايضاً تركيز على خلق فرص عمل ودعم القطاع الخاص الذي كان مهمشاً في السنوات الماضية. هذه هي حسنات CEDRE. لكن هذا المساعدات هي ديون، ولقد كان افضل للبنان لو استطاع جذب الاستثمارات دون الاستدانة للقطاع الخاص، فلو كان لبنان بحالة سياسية مستقرة وهناك ثقة باستقراره لكان استطاع جذب هذه الاستثمارات ولكن بغياب هذه القدرة فهو مضطر للاستدانة وهذه الديون هي عبء على الاقتصاد اللبناني ولذلك يجب ان تكون ادارة هذه الديون شفافة ودقيقة.
كيف توزّع هذه الاموال. هناك مرحلتان، اول دفعة هي 11 مليار والثانية 6 مليارات. ما يعني 17 مليار دولار موزعة بالشكل التالي: قطاع الصرف الصحي والمياه بحدود 5.5 مليار،
قطاع النفايات 1.5 مليار،
قطاع النقل ويشمل الطرقات تحسين وتطوير والمطار الدولي 5.6 مليار،
قطاع الكهرباء 3.5 مليار،
قطاع الاتصالات 700 مليون وقطاع السياحة 339 مليون،
المجموع 17 مليار 253 مليون دولار.
مصادر التمويل مقسمة على الشكل التالي: البنك الدولي 4 مليار، البنك الاوروبي للاستثمار مليار دولار، البنك الاسلامي للتطوير 0.75 مليار، البنك الاوروبي 1.35 مليار، السعودية مليار، فرنسا 150 مليون باقي الدول 700 مليون وغيرهم.
د. غازي يوسف
يجب لفت النظر إلى ان التمويل لن يأتي على دفعة واحدة بل على عدة سنوات، بمعنى أن الـ17 مليار غير انها مقسمة على مرحلتين هناك خطة موضوعة للتمويل على فترة طويلة. فهناك فترة سنتين إلى ثلاث سنوات من اجل انشاء المعامل مثلاً، ومن أجل أن تكون عملية الانفاق هادفة لخلق فرص عمل وزيادة الانتاجية وتؤسس لأرضية خصبة من اجل جذب مزيد من الاستثمارات. يعني هذا برنامج طويل الامد وهو برنامج إذا نجحنا في تنفيذ الاصلاحات والوعود والالتزامات يمكن ان يساعد في الخروج من الازمة الاقتصادية في فترة لا تقل عن خمس سنوات.
د. سامي نادر
هذا صحيح. اريد ان اضيف أن اولوية الاولويات هي الاصلاحات. أول اصلاح مطلوب هو تخفيض العجز في المالية العامة 1% سنوياً لتصل بعد خمس سنوات 5% على الناتج المحلي. لكن ما قامت به الحكومة في 2018 هو عكس ذلك للأسف ولا يبدو انها تنوي التقيد بما وعدت به. فموازنة الـ2018 والتي هللوا بتقديمها أتت مع زيادة في النفقات وليس تخفيضها، فاذا كانت السلطة جديّة في الاصلاح الاول فيجب البدء اولا بإصلاح قطاع الكهرباء والعمل على مستوى الرواتب والاجور. فتخفيض العجز يمكن العمل عليه في هذين الاتجاهين الكهرباء والرواتب والاجور، اما خدمة الدين وهو الاتجاه الثالث فلا يمكن لنا تخفيضها للأسباب التي شرحتها في البداية مع زيادة الفائدة عالمياً وتنامي العجز. أولاً على مستوى الرواتب والاجور التي لا بد من اعادة النظر بأنظمة التقاعد والتي زاد بعضها بنسبة 120% وهذا امر لا يمكن للاقتصاد اللبناني ان يتحمّله وثانياً اصلاح قطاع الكهرباء. فلقد بدأ التراشق بتحميل المسؤولية من اليوم من قبل فريقين، فريق يقول بإيقاف التوظيف واعادة النظر بسلسلة الرتب والرواتب، مع العلم أن غالبية مجلس النواب صوت عليها برفع الأيدي، وفريق يدفع باتجاه إصلاح قطاع الكهرباء والصحيح أن يتم العمل بالاتجاهين سوياً بدون تأخير. واليوم اذا واكبتم موضوع الكهرباء قضية البواخر لم نخرج منها، فقد طالعتنا الوزيرة المختصة بقطاع الكهرباء بأن موضوع البواخر سوف يتم تمديده لفترة سنتين كفترة انتقالية، علماً ان موضوع General Electric والذي ذكّر به السفير الفرنسي بمناسبة 14 تموز العام الماضي انه على طاولة CEDRE كان هناك طرح لتقليص عمل البواخر لفترة 9 اشهر مع طرح من شركة General Electric لتأمين التيار 24/24 خلال هذه الفترة وبكلفة أقل من 14 سنت للكيلو واط.
د. غازي يوسف
الحقيقة ان الذهاب الى اصلاح قطاع الكهرباء هو المخرج الوحيد. لانه لزيادة ايرادات الخزينة يجب ايجاد موارد. الضرائب التي ندفعها اليوم عالية جداً مقارنةً مع مستوى الدخل لدى المواطن. لذلك لا يمكن لوزارة المالية رفع الضرائب او خلق ضرائب جديدة. يمكن زيادة الايرادات من خلال معالجة ابواب الهدر والتي تلقائياً تزيد من الايرادات مثل المرفأ والمداخل الحدودية البرية ووقف التهريب وثانياً من خلال تحسين عملية الجباية. فوزارة المالية عليها تحسين موضوع الجباية حيث ان في لبنان مناطق لا تخضع لجباية ضرائبية. فالمناطق الخاضعة لقوى “حزب الله” و”حركة أمل” لا يعرفون ما هي الـTVA، وهذه امور يجب التركيز عليها من أجل زيادة الايرادات. والدول المانحة لن تركّز فقط على موضوع الاصلاحات بل ايضاً على موضوع تحسين الجباية الضرائبية والجمركية. كما أن موضوع سلسلة الرتب والرواتب هو أسوأ مما حصل لنا في حرب تموز. وبرأيي انه صعب اعادة النظر بما اقريناه يمكن العمل على توحيد “الصناديق” (قوى الامن، الجيش، امن الدولة، القضاء الخ) وبالطبع كما تفضلت قطاع الكهرباء. وقطاع الكهرباء اذا كان هناك جدية في معالجته يمكن تخفيض العجز او حتى مَحوه. لكن الذي هو ظاهر انه لا جدية فكما قلت ان موضوع البواخر فُتح من جديد لجلب بواخر جديدة بقدرة 400 ميغاوات وبصرف النظر عن المعامل وفتح الكلام عن استجلاب الغاز من سوريا. والمشكلة هي وضوح عدم جدية الفريق في قطاع الكهرباء، فالوزيرة الجديدة طلبت فترة ثلاثة اشهر للدراسة ولتقديم مشروع التأهيل بينما هي كانت الشخص الاول في الوزارة بعد الوزير لفترة اكثر من اربع سنوات!
د. سامي نادر
انا ما احاول لفت النظر اليه في موضوع الاصلاحات، وبالطبع تحسين الجباية الضرائبية هي امر اساسي، لكن الاولوية هي حصر النفقات وتحسين قطاع الكهرباء. ففي موضوع تحسين الجباية برأيي كمرحلة اولى انه يجب الانتظار لحين رفع مستوى النمو لأن مطالبة الشركات اليوم بتسديد الديون المترتبة عليها يمكن أن يتسبب بإقفالها. واليوم يوجد شركات عديدة عليها مستحقات ولكن أذا ما طالبتها بتسديدها فإنها ستفلس وتغلق أبوابها وتطرح موظفيها في سوق العاطلين عن العمل. (ملاحظة من د. احمد فتفت: المطلوب تعميم موضوع الجباية فكما قال زميلنا ان هناك مناطق لا تدفع). صحيح لكن خوفي انا من ان يؤخذ هذا الموضوع، وكالعادة، حيث هو أسهل في التطبيق وبالتالي نكون في عملنا هذا زدنا من المشكلة ولم نعالجها. فصندوق النقد طرح علينا زيادة الضرائب وتحسين الجباية صحيح ولكن طلب منا حصر النفقات وهذا اولوية. وهناك مثال على ذلك السنة الماضية زادت الحكومة الضرائب فكانت النتيجة ان عائدات الدولة انخفضت ففي حالة الركود عندما ترفع الضريبة تقفل الشركات الضعيفة.
ثالث نقطة وهي النظام التشغيلي Operating System وهو نظام المحاصصة والذي لا يؤمن قواعد الحد الادنى من الحوكمة الجيدة. وهذا النظام هو عمق المشكلة وأظن ان CEDRE لم يلحظ هذه المشكلة. وهنا دور مجموعة كمجموعتنا في الاضاءة على الخلل. فلا يمكن ان يعمل نظام من دون ان يكون هناك محاسبة اي بتوازن السلطات. اين هي سلطة المعارضة التي تحاسب. في النظام التوافقي الوزير يحاسب وزير ولا يوجد مراقبة إذا التصحيح يجب أن يكون اولاً بقانون انتخاب يؤمن وصول معارضة تستطيع ان تحاسب والكف عن الحكومات التوافقية. فمحاربة الفساد تكون بضرب منظومة الفساد اي نظام المحاصصة الموجود في بلدنا وهو نظام مسهّل. يجب العمل على ايجاد أو خلق اطار مراقب بانتظار تجديد النظام السياسي من أجل مراقبة عمل السلطة في غياب المعارضة.
د. احمد فتفت
يجب لفت الانتباه إلى امر خطير جداَ وممنهج. هناك قرار سياسي يعمل على افلاس البلد وليس اخطاء ادارية او سياسية اقتصادية او نظام محاصصة. بدأ في 99 – 2000 قبل انتصار الرئيس الحريري ولم يستطع الاستمرار لكن عاد إلى الواجهة مع حكومة “القمصان السود” في 2011 وهو مستمر إلى اليوم. فاذا نظرنا إلى فترة ما قبل 2011، نلاحظ نمو اًبالرغم من: 2005 اغتيال رفيق الحريري، 2006 حرب اسرائيل على لبنان، 2007 حرب نهر البارد، 2008 اجتياح “حزب الله” لبيروت وقد كان نمو ملاحظ خلال هذه السنوات، بينما بعد 2011 نلاحظ زيادة في الواردات وانخفاضاً رهيباً بالنمو ،وكأن الامر مقصود ومبرمج. اي وُضِعت اليد على البلد بشكل او بآخر وثبّت نظام محاصصة أُقِر في الدوحة مع شراكات وفيتوهات متبادلة من أجل اغراق البلد اكثر وبحيث لا يمكن محاسبة احد. الموضوع اعمق من مشكلة اقتصادية او مالية الموضوع، هناك قرار سياسي اقتصادي واضح لأخذ البلد باتجاه الافلاس والضغط من اجل تغيير التوجه الاقتصادي إلى اقتصاد موجه وممسوك كما في سوريا وبعكس التطور العالمي. وبرأيي ليست لدى هذا الفريق اي مشكلة اذا فشل CEDRE، وما الحملة التي قادها “حزب الله” مؤخراً “ضد الفساد” الا تأكيد على هذا المخطط، ليُقال في نهاية الامر في هذا البلد فساد محكم ولا يمكن انقاذه ولدفع الجهات المانحة والممولة الى العزوف عن التوظيف في لبنان. “حزب الله” لديه دورته المالية المستقلة وبالرغم من كل المشاكل التي تواجهه اليوم لا يهمه ما يحصل في البلد، فالقرار سياسي استراتيجي وللأسف لا احد في لبنان يعمل بشكل استراتيجي الا “حزب الله”.
د. فارس سعيد
شكراً د. فتفت، سأعطي الكلام للأستاذ لقمان سليم لكن قبل ذلك باختصار، ما قاله د. فتفت هو ان ليس هناك فقط سوء تدبير في الادارة المالية لكن هناك قرار سياسي بأخذ البلد في الاتجاه الذي يذهب اليه اليوم وهناك من يريد عرقلة عملية الانقاذ وقيام اي اصلاح جدي يؤدي الى انقاذه. السؤال الذي يُطرح ماذا يريد هذا الفريق، اذا كان لا يريد انقاذ البلد إلى اين يريد أخذه؟
الاستاذ لقمان سليم
بشكل سريع مقدمة سريعة وسؤالين. في مقدمتي سأرتكز على موضوع تدويل الاقتصاد اللبناني الذي تكلم عنه د. سعيد، وعطفاً ما تفضّل به د. فتفت من أن هل من عاقل يمكن ان يصدّق أن “حزب الله” ومن وراءه سيقبل بتدويل الاقتصاد اللبناني ووضع لبنان تحت المجهر الدولي. سؤالي عن نظام المحاصصة أو النظام التشغيلي القائم وبالرغم من ما قاله د. نادر، ولكن لنكن صريحين اليس نظام المحاصصة هذا هو الشرط المشروط للحفاظ على الاستقرار أو ما يسمى الاستقرار، بين هلالين، وهذا الاستقرار هو أحد مطالب المجتمع الدولي كما ان هذا الاستقرار هو إحدى أوراق القوة التي يستخدمها “حزب الله” كلما دعت الحاجة لابتزاز هذا المجتمع؟ وثانياً، هل يمكن أن تعطينا د. نادر صورة عن ما يمكن أن يكون واقعياً السيناريو الاسوأ أو السيناريوهات الأسوأ؟
د. سامي نادر
بالطبع لبنان مركّب من مكونات طائفية تقاسمت السلطة وقوى سياسية من هذه الطوائف تتكلّم باسم كل طائفة تمثلها، وهم متفقون على تقاسم السلطة فيما بينهم ومتفقون على تقاسم غنائم السلطة وكل الصفقات والتسويات تتم على اساس هذه القسمة وهذا التوزيع، لكن ما أقوله هو، الا يمكن مع هذا التقاسم أن يذهب قسم من النفقات الى خلق ثروة أكبر وليس هدراً؟ (ملاحظة من لقمان سليم: لكن ما تقوله الا يعتبر تناقضاً؟) صحيح لكن انا اريد أن اعطي هذه السلطة فرصة، اليس ما تقوله هو انها تريد الاصلاح؟ كل هذه الاموال التي تؤخذ من مجال القطاع الخاص ألم يكن بالإمكان توظيف قسماً منها بالتجاه الصحيح لخلق مزيد من الثروة ومزيد من الانتاج؟ ولكن صريحين، حتى في الـتسعينيات كان هناك هدراً وسرقة وقوميسيونات (“مجلس الانماء والاعمار”، “صندوق المهجرين”، التوظيف المحسوب، الخ)، ولكن كان هناك قسم من الاموال يُستثمر في النمو والبنى التحتية ولو بالحد الادنى، في الثماني سنوات الاخيرة حتى هذا الحد الادنى لم يعد موجوداً. لقد كنت مخطئاً عندما ظننت ان التسوية أتت لتحاول انقاذ ما تبقى، لكن بدا واضحا عكس ذلك. فعندما نرى اليوم حملة “حزب الله” الممنهجة على CEDRE وعلى الدول المانحة لأنه يرى ان الامر سيؤدي إلى عملية تحوير اقتصادي تكون على حسابه وهذا ما يجعلني متشائماً من فرص نجاح مؤتمر CEDRE.
فيما يخص السيناريوهات السيئة. ممكن ان نصل لحد أن لا تتمكن الحكومة من تسديد مثلاً فاتورة النفط، أو يتقدم أحد المواطنين المودعين لسحب مبلغ من حسابه في احد البنوك ويرفض البنك ذلك لعدم وجود نقد كافٍ. وهذا يمكن أن يولّد موجة من الذعر في البلد. عند بداية الازمة اليونانية، كنا دائماً نقول ان أوجه الشبه بين الدولتين متطابقة (عجز خزينة كبير، لا يوجد شفافية في الارقام…) إلا في امر واحد وهو أنه لدينا ملاءة مصرفية داخلية تمكننا من امتصاص عبء الدين العام ليست موجودة في اليونان الامر الذي اليوم لم يعد متوفراً بشكل قوي واصبحت مقيّدة. (ملاحظة من د. فتفت: اليونان كانت ديونها من الاتحاد الاوروبي الذي كان له مصلحة في تغطيتها نحن ليس لدينا احد ممن له مصلحة في انقاذ اقتصادنا!).
الاستاذ سام منسى:
اريد أن أبدأ بكلام د. فتفت ولكن اخالفه في التوصيف، فليس بالضرورة و”حزب الله” الذي هو مسيطر على القرار بلبنان أن يأخذ البلد نحو الانهيار او الافلاس لكنه بالتأكيد ينحو منحى استلام الدولة لتصبح على صورته ومثاله. أنا سؤالي هنا، ألا نكون حين نعمل على تحقيق كل ما يصبو اليه مؤتمر CEDRE الا نكون نموّل دولة “حزب الله” في لبنان؟ بمعنى أننا نحاول حل المشكلة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان ولكن هل هذا الحل سوف يساعد على حل المشكلة السياسية التي نعاني منها؟ وألم يكن السبب هو مسار سياسي أوصل لبنان إلى ما وصل اليه اليوم. وحتى اليوم الخطاب السياسي للرئيس سعد الحريري يمكّن دولة “حزب الله” في لبنان! وكل بحث آخر من مشكلة النفايات إلى معالجة الوضع الاقتصادي هو تحوير عن معالجة المشكل الاساسي، وCEDRE هو مهدئ من المهدئات. هذا إذا كان هناك امكانية لتنفيذ CEDRE. والاوروبيون لديهم هاجس واحد بـ11 أو 17 مليار عالجوا موضوع اللاجئين السوريين وسوف يتفاهمون مع دولة “حزب الله” هذا النقطة التي لا نراها. الغرب على استعداد للتفاهم والتعايش مع دولة “حزب الله” او مع اي فريق يستلم البلد وتأمين اسقراره خدمة لمصالحه فقط لا غير.
الاستاذ بول موراني
بالعودة إلى موضوع التوافقية. حقيقةً التوافقية هي ضرورة كي لا تتكرر الصدامات التي حدث من 58 إلى 69 إلى 75 إلى اليوم. وهي أساس المشكل الاقتصادي. في البلدان المشابهة مشاكلها لبلدنا كسويسرا مثلاً، التوافقية ليست نفسها في القرارات التي تتخذها الدولة. فالفيتو مثلاً لكانتون محدد يمكن ان يصل إلى غالبية 80% لحل مشكل ما وذلك كي يكون هناك مجال للمحاسبة. ما ينقصنا، والطائف لم يلحظ هذا الامر لأنه تم على عجلة من اجل ايقاف حمام الدم في لبنان، هو ان يكون هناك توافقية داخل عمل الوزارات السيادية الامن والسياسة الخارجية. برأيي انه يجب اعادة النظر في كل القرارات واتخاذها من جديد باستعمال التوافقية حيث يجب أو الاكثرية حسب نوع القرار وكلفة الجمود من اجل تصحيح الخطأ.
د. فارس سعيد
فإذا لدينا وجهتا نظر: واحدة تقول بضرورة تنفيذ شروط مؤتمر CEDRE لانقاذ الاقتصاد، وأخرى تقول بان إذا دعمنا الاقتصاد نكون في دعمنا هذا ندعم دولة “حزب الله”. ما يعني أننا في مأزق. والدول المانحة همّها واحد وهو معالجة أزمة اللاجئ السوري كي لا يتحول عدم الاستقرار في لبنان إلى حالة شاذة تمتد إلى اوروبا. فدور ندوتنا هي تحديد المخاطر في كلا الحالتين والاضاءة عليها.
الاستاذ نبيل دو فريج
انا اوافق كلام د. فتفت وأريد ان اعود إلى كيف استطاع “حزب الله” أن يسيطر على لبنان. ما بين الـ1982 و1990 لم يكن لـ”حزب الله” الامكانية لفتح مركز واحد في منطقة بعلبك-الهرمل. وهو كان موجوداً في الجنوب. والسبب كان أن منطقة بعلبك الهرمل كانت تعيش من زراعة الممنوعات وكان مدخول اهالي المنطقة كافياً لتأمين احتياجاتهم على كافة الصعد الطبية والمعيشية وغيرها. في العام 1990 أتى جايمس بايكر إلى المنطقة للبحث عن دعم عسكري عربي للولايات المتحدة في حربها على صدام في الكويت، يومها استطاع الاتفاق مع حافظ الاسد الذي امن 5000 عسكري سوري لمحاربة القوات العراقية في الكويت وكان الثمن الذي قبضه الاسد هو السيطرة على لبنان.
وهذا الكلام عشته في منزل الرئيس الياس الهراوي في زحلة عندما كان الرئيس عون في بعبدا في ذلك الوقت. وكان أول قرار للحكومة اللبنانية بعد استلام الاسد للبنان منع زراعة الممنوعات في منطقة بعلبك الهرمل. خلال سنتين إلى ثلاث تدنى المستوى المعيشي للناس واستطاع “حزب الله” الدخول من خلال المساعدات بفتح المستوصفات والمدارس إلى ما هنالك وسيطر على الفقر ولكن المنطقة ما تزال فقيرة (من العام 1992) مع ان الحزب المسيطرة واحد ولديه الاموال ولكنه لا يريد للمنطقة ان تزدهر كي يبقي سيطرته عليها، وهذا ما قام ويقوم به من اجل السيطرة على كل لبنان. وبما يخص موضع CEDRE هم الجهة الاولى التي عارضت ومن اليوم الاول، لقد عارض وزير المالية حسن خليل في باريس وفي كلمته التي القاها في بداية الاجتماعات بقوله أن المجتمع الدولي بشروطه يمسّ بالسيادة الوطنية عندما يطلب منّا القيام بالإصلاحات. علماً أن هذه الاصلاحات كانت ضمن الورقة المقدمة من الحكومة اللبنانية. ما هي تسمية CEDRE؟ هي Conférence Economique pour le Développement et la Réforme et l’Entreprise وأهم كلمة في الكلمات الخمس بالنسبة للأوروبيين والمجتمع الدولي هي Réforme. ألا تظنون أن جميع هؤلاء على علم بأن الاصلاح ممنوع في لبنان بسبب “حزب الله”، بالطبع هم على علم. منذ مؤتمر باريس 2 حين أقرّت الاصلاحات المطلوبة في مجلس النواب، تنظيم قطاع الكهرباء وتنظيم قطاع الاتصالات، كان ذلك في العام 2002 اي منذ 17 عاماً، والقانونان لم يطبقا إلى اليوم. ولم يقدّم قوانين بديلة. واضح كيف يؤكل البلد وكما قال صديقنا بـ11 أو بـ17 مليار المهم أن لا ينتقل اللاجئ السوري إلى قبرص التي تبعد نصف ساعة ومنها إلى اوروبا.
لقمان سليم
“حزب الله” والسكوت عن “حزب الله” هنا المسؤولية السياسية!
السيدة لينا حمدان
لدي سؤالان: الاول، عند قدوم الموفد الفرنسي صرّح أنهم سوف ينتظرون فترة ثلاثة او اربعة أشهر من أجل لمس أول بوادر للحكومة اللبنانية للتوجّه نحو تنفيذ ما هو مطلوب في CEDRE. والسؤال الثاني، من الشروط الموضوعة في CEDRE توظيف قسم من اللاجئين في المشاريع الممولة من المؤتمر. ما هي صحة هذا الكلام؟
د. سامي نادر
صحيح أن الفرنسيين والدول المانحة ليست في وارد المطالبة من اليوم الاول بتنفيذ الشروط وتخصيص قطاع الكهرباء مثلاً، والواضح ان الوضع القانوني في لبنان أصلاً مؤهّل للبدء بحيث أن مثلاً قانون PDP اشراك القطاع الخاص (2017) موجود وهو ليس بحاجة حتى إلى مراسيم تطبيقية. لكن الذي ظهر من اليوم الاول لتشكيل الحكومة هو عكس ذلك: هجوم على محاسبة الماضي، فتح ملف الـ11 مليار ولا يوجد شيء باتجاه بنود الاصلاح. من الطيران إلى البيئة والنفايات والقضاء… لكن هناك اشياء لم يلحظها CEDRE وعلينا نحن القيام بها، مثلاً بما يخص القضاء، لا يكفي ان نمكنن المعاملات القضائية في الوزارة علينا اولاً العمل على استقلالية القضاء (انتخاب القضاة مثلاً وليس تعيينهم). وهناك قرض من البنك الدولي بقيمة 400 مليون دولار باتجاه عمالة اللاجئ السوري (مشاريع البنى التحتية) وهنا يمكن ان يعمل المواطن السوري في الورش التي هو أصلاً يعمل فيها ولا يشكّل عامل منافس للمواطن اللبناني. ولكن الاموال المرصودة بهذا الاتجاه ليست كبيرة، المبالغ الكبيرة مثلاً مرصودة لمشاريع الصرف الصحي والمياه وهنا يستفيد اللبناني والسوري ايضاً و قطاع الكهرباء ايضاً. لكن مثلاً وجود اللاجئ السوري يشكل مصروف في قطاع الكهرباء بـ 870 ميغاوات بالسنة لكن هذا الاستهلاك ايضاً يشكل مدخول للبلد. أنا أرى إلى اين تريدين في سؤالك الذهاب وجوابي أن CEDRE إذا ما نجح سيعود بالفائدة على اللبناني أكثر من على السوري بالرغم من عبء وجودهم.
السيد جاي سنكري
انا اريد ان اعطي نظرة مختلفة تتعلّق بمستقبل علوم التكنولوجيا الذي يأخذ الاتجاه العام في العالم الغربي. المخاطر المستقبلية التي ستواجهنا هي اكبر من الموجودة – مثلاً في قطاع الاتصالات التي يعتبر مدخولها دعماً اساسياً في الخزينة، هناك أربع شركات عالمية اليوم تتنافس على موضوع توفير الانترنت مجاناً وهذا المشروع للخمس وعشر سنوات القادمة (ماذا سيحصل اذا فقدت الدولة هذا المدخول؟)، الامر الثاني هو الحكومة الالكترونية، اذا ما تحقق هذا الامر في لبنان فلن تعود بحاجة الدولة إلى الموظفين الذين يعملون في عدة قطاعات فما الحلول لهكذا مشكلة؟ هناك ايضاً موضوع D-printing يعني امكانية تصنيع داخل لبنان تلغي مدخول الجمارك، أيضاً ما هي الحلول المطروحة في هذا الاتجاه؟ يجب التفكير بقوانين تعوّض عن هذه الخسارات لكي نستطيع تأمين مداخيل بديلة للخزينة من اجل الاستمرارية.
الدكتور ناجي سابق
اريد الاضاءة على موضوع “حزب الله”. فالحزب موجود De facto ولا يمكن القيام بشيء إلا بتطبيق القانون على “حزب الله” وعلى الجميع بالطبع. وفقط في هذه الحال يمكن تحجيم الخطر الذي يشكله الحزب على لبنان واللبنانيين. والقانون يجب تطبيقه في عدة مجالات لوقف الهدر، من الصناديق والمجالس إلى موضوع التلزيمات التي يجب ان تراقب من خلال ديوان المحاسبة ودائرة المناقصات إلى موضوع سفر الضباط والمسؤولين الذي يرصد له مبالغ كبيرة دون جدوى تذكر. فمثلاً لماذا الاستاذ في المدرسة الرسمية الذي أخذ سلسلة الرتب والرواتب يعلم اولاده في المدرسة الخاصة (وهو يقبض بدل تعليم)، لمَ لا يُلزم بتعليم اولاده في المدرسة الرسمية التي يعلّم فيها؟ في الجباية يجب اجبار “حزب الله” على الجباية ودفع هذا الاموال للدولة.
الاستاذة رجينا قنطرة
هل يوجد آليّة لتدويل لبنان؟ بمعنى هل يمكن تشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة في الاموال المهدورة؟
د. احمد فتفت
هناك لجنة في مجلس النواب.
د. فارس سعيد
من جديد اريد طرح السؤال بشكل آخر: نقول أن تقوية الجيش يدعم “حزب الله” لأن قرار الجيش اليوم عند “الحزب”، ونقول أذا أنقذنا الدولة نكون بعملنا هذا انقذنا “حزب الله”.
السؤال: هل نريد انهيار على الدولة كي لا يستطيع “حزب الله” السيطرة عليها، أم أننا بإنقاذنا للدولة سنعمل كي يكون للحزب بدل 90% سيطرة عليها اليوم 89% غداً؟ ثانياً موضوع ان الحزب قادر على تلبية شروط المجتمع الدولي بتحقيق الاستقرار بينما الدولة غير قادرة، برأيي أن هذا الرأي مع كل الاحترام هو CADUC اي لا تستقيم. القادر هي ايران وعلى حساب المصلحة العربية والتي لبنان يشكل جزءاً منها.
احب أن اضيف ان هدفنا من هذه الندوات هو أن نخرج بمجموعة من التوصيات تصلح لان تكون برنامج لمعارضة او لمجموعة من القوى من اجل اصلاح هذا البلد.