كادت الفتنة ان تعود الى لبنان بالامس من بوابة الجبل هذه المرة. إذ حاول ازلام وئام وهاب استفزاز محازبي الحزب التقدمي الاشتراكي منطلقين في موكب من عشرات السيارات التي ضم بعضها مسلحين، في شتى قرى قضاء الشوف، وعبروا بلدة “المختارة”، مسقط رأس الزعيم وليد جنبلاط، وصولا الى بلدة “المعاصر”، حيث قطع انصار جنبلاط الطريق عليهم في منطقة “جبل الباروك” وحاصروهم بين “المعاصر” و”الباروك”، ومنعوهم من العودة أدراجهم عبر قرى الجبل.
موكب ازلام وهاب كان انطلق من بلدته “الجاهلية”، ليعبر قرى الشوف في عراضة استفزازية، ما أدى الى استنفار بين انصار “الحزب التقدمي الاشتراكي”. فتقاطروا نحو “المختاره”، وقطعوا الطرقات في سائر قرى الجبل. ما حدا بوهاب الى محاولة الرد مستعملا مكبر الصوت في بلدته “الجاهلية”، حيث دعا ازلامه الى قطع الطريق في “الجاهلية”. إلا أن دعوته لم تلق اذانا صاغية، فبقي ازلامه محاصرين بين الباروك والمعاصر، ولم يستطيعوا العودة الى بيوتهم قبل ان يحدد لهم انصار جنبلاط طريق العودة عبر محافظة البقاع،! ولدى وصولهم الى بلدة راشيا في البقاع الغربي، قطع عليهم انصار الاشتراكي الطريق فارغموهم الى الالتفاف مجددا وتحاشي العبور في القرى الدرزية، حيث عمدت قوى الجيش اللبناني فجر اليوم إلى فتح طرقات قرى الجبل بالتنسيق مع انصار جنبلاط. وأوقف الجيش 57 من ازلام وهاب بعد ان ضبط بحوزتهم اسلحة وعتادا حربيا.
الزعيم وليد جنبلاط، الذي التزم الصمت طوال يوم امس وخلال الليل، غرد عبر موقع تويتر قائلا “ان حملات التشهير والتزوير وصلت بالامس الى حدود الشغب والتحدي على طرقات الجبل. انني اشكر الجيش الذي فتح الطرقات واعتقل المشاغبين لكنني اوضح بان المختارة خط احمر ايا كانت الموازين الاقليمية! ومن جهة اخرى وفي مجال النفقات اوقفوا كل انفاق غير مجدي لكن معاشات الجيش هي ايضا خط احمر“، وكان جنبلاط استبق تغريدته بأخرى يوم امس قال فيها :” يبدو ان أمر العمليات بالتهجم والتعرض للكرامات وإختلاق الاكاذيب وألاساطير معمم .لكن من حق المرء ان يحفظ حقه وفق الاصول القانونية على حد علمي“.
وئام وهاب المعروف بأنه من مخلفات نظام الوصاية الامني السوري في لبنان، كان بدأ قبل ايام هجوما عنيفا على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وتطاول على الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولم يتوقف عن حملاته المسعورة، ما ادى الى أمرين: الاول، ردة فعل سنية متضامنة مع الحريري، من قبل الشارع السني ، حيث عمد انصار الحريري، على ايام متتالية الى قطع الطرقات في مناطق الناعمة والطريق الجديدة وطرابلس، والثاني، وقوف الزعيم وليد جنبلاط، مدافعا عن الحريري، والتعرض لكرامته، ما حدا بوهاب لدفع أزلامه الى القيام بعراضة استفزازية في الجبل كادت ان تتسبب بوقوع ضحايا.
المعلومات تشير الى ان وهاب يتحرك بغطاء ودعم من اجهزة المخابرات السورية، وبغطاء من حزب الله الإيراني. ولكن حركة وهاب الاخيرة يبدو كأنها جاءت غير منسقة مع الحزب الإيراني، حيث ان المجلس الاعلى للدفاع اجتمع قبل يومين في القصر الجمهوري بذريعة البحث في التدابير الامنية الواجب اتخاذها قبل حلول موسم الاعياد، علما ان الاعياد لن تحل قبل شهر، ومن المبكر البحث في تدابيرها الامنية. الا ان المعلومات تشير الى ان حزب إيران أدرك ان الشارع السني لن يقبل بالاستمرار في التطاول على قياداته، وان الامور تتجه نحو التفلت حيث لن يستطيع احد ان يضبط الشارع بعد ان تكاثر قطع الطرقات وانتقل من مكان الى اخر، فبادر الى الطلب الى الاجهزة الامنية عقد جلسة للمجلس الاعلى للدفاع، لبحث التدابير التي تحول دون تفلت الشارع، فما كان من وهاب الا ان أطلق سهامه نحو جنبلاط، ونقل الفتنة من الشارع السني الى الجبل.
ويبقى السؤال الى متى تستطيع القوى الامنية الحفاظ على الامن الممسوك بطريقة هشة؟
وهل هناك خلاف او تباين في وجهات النظر بشأن الوضع في لبنان، بين النظام الامني السوري، والنظام الامني الايراني؟
فالسوريون يرغبون في التصعيد وتأزيم الامور في البلاد، والايرانيون عبر “حزبهم” هل أصبحوا اعجز من ان يضبطوا حركة الشارع والشارع المضاد؟