واخيرا سيبدأ الطلاب بالتقاطر الى المدينة الجامعية في “المون ميشال”، حيث انجزت الكليات الثلاث: علوم، هندسة، وفنون.
اتى ذلك بعد صبر طويل استعرناه من النبي ايوب وصلابة لا تنكسر اخذناها من اهل الجامعة والشمال. وبعد متابعة لا تنقطع من المؤمنين بهذا المشروع الحلم الذي بدأناه في اواخر القرن الماضي مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والذي اعيد اطلاقه في بداية القرن بعد انتفاضة اهالي كلية العلوم في القبة طرابلس والتي كادت مبانيها ان تنهار فوق رؤوسهم على ما كتب علي بردى في “نهار” 10-2-2001 في أعقاب وزير زيارة الأشغال والإعلاميين للكلية المتهالكة. علما ان الشماليين بكل اطيافهم وفئاتهم وفعالياتهم ونقاباتهم التفوا حول الكلية المنتفضة آنذاك وتعمّقَ هذا الالتفاف حول “مشروع المدينة الجامعية” الذي اعادت الانتفاضة بعثه.
وسيشكل هذا الانجاز حافزاً لنا جميعا في استكمال خطوات هذا المشروع الذي طال انتظاره والذي يؤمل منه ان يشكل دعامة ثقة بالجامعة اللبنانية والفروع الشمالية، اذ يعيد الامل لآلاف الطلاب ومن جميع مناطق الشمال وحتى من بلاد جبيل بالالتحاق بمبان حضارية ولائقة اكاديميا.
لقد شكلت لجنة المتابعة الواسعة التمثيل حصان السبق الرئيسي في المسيرة الطويلة والمتعرجة والمستمرة. واللجنة ضمت نقباء المهن الحرة ورؤساء الروابط الثقافية والجامعية، الى جانب العمداء واعضاء قيادة رابطة الاساتذة الشماليين وممثلي الاساتذة في مجالس الفروع، فضلا عن مطلقي المشروع.
استطاعت اللجنة توحيد جميع القوى والهيئات حول المشروع متخطية الالغام والصعوبات الكثيرة نتيجة الانقسامات السياسية التي وصلت احيانا حدود الانشطار، خصوصا في المراحل الاولى التي رافقت اختيار المكان ونقل الملكلية والاستملاكات وإعداد الدراسات المعمارية والهندسية. ومع انها صمدت وعاندت واستمرت رغم زلزال اغتيال الحريري وتداعياته الدراماتيكية، الا انها عانت في السنوات الأخيرة من بعض الجمود والترهل والمراوحة، لولا بعض المتابعات الفردية من مطلقي المشروع ومهتمين والمتابعة الفنية بالطبع من الجامعة للأبنية والمرافق الملازمة التي انجزت، وهو ما لا يعوض عن الحركة الأساسية التي التف حولها الشماليون والتي وحدها تستطيع تأمين القرارات الحكومية الضرورية لتأمين الأموال والالتزامات. واذا نظرنا الى ما تبقى مما نصبو اليه، لوجدنا ان الدرب ما زال طويلا.
فالى جانب قضية كلية الصحة الني فتحت مناقصتها في ٢٨-٢-١٧ ولم تلزم بعد، لم تؤمن بعد اموال من مقرضين او مانحين لاي من الكليات الاربع الباقية وفي مقدمتها كلية ادارة الأعمال رغم ما أبداه بنك التنمية الإسلامي من استعداد، ولم تلحظ الدراسات مراكز الأبحاث وسكن الطلاب، وهما دعامتان اساسيتان للمجمع. كما لم تلزم مناقصة الجانب الشرقي من الطريق الدائري الذي يسهل الوصول للمجمع رغم وجود الاموال من البنك المقرض وذلك بسبب عدم دفع اموال الاستملاكات المقرة في ابي سمراء من سنوات، كما لم يستكمل تأهيل وتطوير منطقة البحصاص الفائقة الأهمية، مع الإشارة لأهمية ما أنجز فيها حتى الآن.
ولضخ دماء جديدة في شرايين لجنة المتابعة، عقدت لقاءات مع رئيس غرفة التجارة السيد توفيق دبوسي الذي اعتبر ان المدينة الجامعية تشكل مرفقا اكاديميا وثقافيا واقتصاديا أيضا، نظرا لدورها في الدراسات والابحاث وانتاج الكوادر للادارة والاقتصاد وخصوصا في موضوع (cosmo,bio and soft technology)، وبالتالي ضمها للمرافق الاساسية التي تعزز اعتبار طرابلس عاصمة اقتصادية للبنان.
ويجري الاعداد مع السيد دبوسي للقاء موسع مع رئيس الحكومة بحضور اصحاب العلاقة
من الجامعة اللبنانية ومجلس الانماء والاعمار والشركة الاستشارية الى جانب لجنة المتابعة طبعا لوضع خريطة طريق لاستكمال هذا المشروع الذي طال انتظاره، وهذا يتطلب رعاية مباشرة من الرئيس الحريري لتنفيذ الخريطة، كما فعل والده الشهيد بالنسبة للمدينة الجامعية في الحدث.
لا يظن أحد أن الحجر كاف لحل الأزمة الأكاديمية، خصوصا في الفروع والتي تعاني من مركزية شديدة وتهميش كبير، إلاّ أن هذه قصة كبيرة أخرى تقع مقاربتها ومعالجتها في مكان آخر وفي التوقيت المناسب، علما أن المبان الجامعية اللائقة تشكل الحد الأدنى الضروري لحياة أكاديمية سليمة.
talalkhawaja8@gmail.com
*طرابلس