بات معلوماً أنه عندما تقّل خيارات الحزب، أو عندما يحسّ ان الوضع الداخلي ليس لصالحه، فإنه يلجأ إلى سلاحه غير الشرعي لتسوية الأوضاع بطريقة مباشرة أو عبر رسالة ما أو عبر حدث أمني أو إستفزازي يجّر الداخل والشارع إلى ما لا تُحمد عقباه، ويُبعِد النظر والحديث المعارض عنه. خاصةً أن المشهد والأرقام في جلسة الغد تدلّ بوضوح إلى معارضة اللبنانيين لمشروع الحزب.
فالتوقعات جميعها تقول أن أزعور حتى وإن كان لن يصل إلى أي منصب في جلسة الغد، لكنه سيحصد “إذا حصلت وتم العدّ” بالتأكيد أكثر مما سيحصده فرنجية من اصوات. وقد أشار الأخير بخطابه يوم الأحد في ذكرى مجزرة إهدن أنه يرسم حدود الخلاف بينه و بين الآخرين كأنه يعيد فتح جراح الماضي. فما هي مصلحته من خطاب ناري عالي السقف لشدّ العصب، ومن دفعه بهذا الإتجاه وما الهدف؟ خاصةً أنه كان دائماً يشدد على طي هذه الصفحة وقد ذهب شخصياً سنة ٢٠٠٣ إلى سوريا و أعاد إلى لبنان “حنّا شليطا” المتهم بقتل شقيقته والذي كان موقوفاً لدى النظام.
هل هذه إحدى مناورات الحزب الذي، بعد أن زاره المطران عبد الساتر موفداً من البطريرك الكاردينال الراعي، استغل تلك الزيارة كمناسبة لـ”شيطنة” الطائفة السنيّة و إلهاء المسيحيين بمشكل سنّي-مسيحي جديد؟
هذيان حسن نصرالله وصل به هذه المرّة إلى اتهام فؤاد السنيورة و حكومته التي كان “الحزب” ممثلاً بها عبر محمد فنَيش بالطعن بالمقاومة عبر مسعى لترحيل شيعة لبنان إلى جنوب العراق!
جدير بالذكر أن السنيورة وقتها كان يرزح تحت وابل نيران وطيران العدوان، وسعى جاهداً لوقف إطلاق النّار الذي أنقذ الحزب بعد ان ناشد أمينه العام في اطلالة ٩ آب ٢٠٠٦ وطالب بالإلتزام بالنقاط السبع. وكان يرجو العالم كلّه لوقف اطلاق النار بتلك الإطلالات اليومية في تلك الحقبة. وما أن تم ذلك وهدأت النيران فوق رؤوسنا بفضل مساعي السنيورة، حتى اتهم الحكومة بالخيانة في خطاب ١٤ آب ٢٠٠٦.
طبعاً ينفي السنيورة وأحمد فتفت اللذان كانا في الحكومة حينها هذه الإتهامات التي كان الهدف منها واحد وهو “شيطنة” الطائفة السنيّة وتوجيه البوصلة عليهما، بالوقت الذي لا أحد يعطّل و يتحدّى في موضوع رئاسة الجمهورية غيره. خاصةً بعد توحيد الرؤية والصفوف المسيحية بإتجاه جهاد أزعور. بعد أن صرّح نبيه برّي أن المشكل هو ماروني-ماروني! وللتذكير أن مسيحيي تلك الحكومة بتنوّعهم لم يذكروا يوماً هذه الحادثة فما هي إلا هذيان ورواية صبيانيّة من نسج الخيال وتأتي اليوم في سياق القَول أنّ الأمس كان دَورنا نحن الشيعة بالترحيل وإذا لم تتحدوا معنا اليوم سيكون غدكم مشروع ترحيل! وسلاحنا الذي يضمننا و ويضمن وجودنا سيضمنكم ويضمن وجودكم! وتناسى أن سلاحهم سلاح غير شرعي ويستقوون به في كل مناسبة و أحتلّوا عبره الرئاسة الثانية و أتوا برئيس ميليشيا على رأس البرلمان غيّر القوانين وعدّل الدساتير لضمان بقائه على نفس الكرسي أكثر من ٣٠ سنة. وتناسى الأهمّ أن السنّة منذ نشأة لبنان الكبير لم يأتوا برئيس “ميليشيا” إلى رئاسة الحكومة و لم يحكموا بالامتيازات التي كرسها لهم الدستور كما الحال بالنسبة للمسيحيين حتى في اقوى مراحل لبنانه حين كان يمثلون ٧٠٪ شعبياً و ٦/٥ مكرر برلمانياً كانوا رمزاً للإعتدال و العمران و الإزدهار.
كما طالبوا أيضاً في نفس اللقاء مع المطران عبد الساتر بضمانات!
وبطبيعة الحال تلك الضمانات المزعومة تأتي من خارج النصوص والدستور! بل إن تلك الضمانات تأتي بخرق الدستور، مطالبة برئيس “لا يطعن” ظهر المقاومة! و الطعن بنظرهم تقديس سلاحهم والرضوخ تحت نيرهم؛ وعدم تنفيذ القرارات الدولية وعلى رأسها ١٥٥٩، ١٦٨٠، ١٧٠١، ٢٦٥٠. ألا يعني ذلك تغيير الصيغة و الميثاق إلى صيغة تشرعن وجود المقاومة الثابت وسيطرتها الدائمة على كلّ مكامن ما تبقى من لبنان الكبير… خرق يريدونه كما خرق ميشال عون مرات عديدة وعديدة جداً المادة ٦٠ من الدستور. فالمعركة اليوم بالنسبة لهم وجودية ومصيرية ومواجهة نهائية ومفتوحة وأهم من انتخابات ٢٠٠٥ التي أدخلتهم الحكومة للمرة الأولى. وبعد أن فقدوا بعض هذه السيطرة في مجلس ٢٠٢٢ حيث كانت مطلقة سابقاً و كانت الأمور بفرض القوة و السلاح تجعل الدّولة على الشاكلة التي يتمنّاها الحزب. فالذي أوهم الناس بإنتصار غير موجود في حرب تمّوز ٢٠٠٦ و دمّر بيروت في ٧ أيّار ٢٠٠٨، لم يعد لديه القدرة اليوم على خوض غمار أيّة مغامرة داخليّة! فكلّ قدراته الوهميّة لا تستطيع إرغام ١٥ نائب على إعطائه أصواتهم و إيصال رئيس “صورة” على كرسي “واجهة” لطاغية أجرم وهجّر الشعب السوري من أرضه كما يتهجّر اللبنانيون الأحرار من بلدهم.
آن الأوان لمواجهة الطاغية في هو مكبّل، والإجماع على مشروع رئيس يحصل حوله إجتماع اللبنانيين والعودة إلى صيغة لبنان الكبير المزدهر الذي شهده و شهد له العالم عبر الشراكة التي لا تزال صيغة ميثاق ١٩٤٣ وهيكلية لبنان الكبير.
للأمانة، ومنعاً للتأويل، زار وفد لجنة التنسيق مع الأزهر يضم السادة احمد فتفت، خالد قباني، فؤاد السنيورة، لينا التنير، حسن منيمنة، مصطفى علّوش، أنطوان مسرّة و فارس سعيد يوم الأحد المنصرم بكركي و التقوا الكاردينال الراعي ونقل لهم هذه المعلومات.
كذبة نصرالله عن مشروع ترحيل شيعة لبنان إلى جنوب العراق مستوحاة من الخيال « النازي » أو « السوفياتي »! لا أحد في لبنان يريد ترحيل « المواطنين » (كلمة لم يسمع بها نصرالله) الشيعة! ببساطة! بالدارج كلام نصرالله يقال عنه « تفنيصة »! وكان حرياً البطرك الماروني أن يسمّيها بهذه التسمية! مشكلة نصرالله الحقيقية ليست في طعنه بالظهر! مشكلته مزدوجة: أولاً، الحزب الإيراني بات « خفيف الوزن » بين الشيعة اللبنانيين: تحت الم ١٠ بالمئة بعد أن تخلّى عنه حتى مرتزقة « أمل » الذين ظلوا يقبضون « رواتب » بالليرة اللبنانية طوال ٤٠ سنة الماضية! ما قيمة « رواتبهم » الآن؟ ٥٠ دولار، ٨٠ دولار؟؟ « لحسوا المبرد »، حسب التعبير القديم. وثانياً، النظام الإيراني دخل… Read more »