(صورة من الأرشيف: الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وشقيقه وولي عهده الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح)
من أحمد حجاجي
الكويت (رويترز) – أسفرت انتخابات مجلس الأمة التي أجريت يوم الثلاثاء بالكويت عن مشهد برلماني معقد فاز فيه غالبية من النواب المعروفين تقليديا بمواقفهم المعارضة للحكومات السابقة، وهو ما قد يعقد مهمة رئيس الوزراء الشيخ أحمد النواف الصباح في اصلاح الاقتصاد والمالية العامة، إذا لم يتمكن من الوصول معهم لتفاهمات حول القضايا الشائكة.
نسبة التغيير في المجلس الجديد المكون من خمسين عضوا بلغت 24 في المئة مقارنة ببرلمان 2022، الذي تم انتخابه في 29 سبتمبر/أيلول وحكمت المحكمة الدستورية ببطلانه في مارس آذار الماضي، إذ تمكن 38 عضوا من أعضائه من العودة مرة أخرى.
مقاعد الشيعة تقلصت من تسعة مقاعد في 2022 إلى سبعة فقط، وفازت النائبة جنان محسن رمضان بمقعد وحيد للمرأة، مقارنة بمقعدين للمرأة في 2022.
وحافظت الحركة الدستورية الإسلامية (الإخوان المسلمون) على نفس المقاعد الثلاث المعلنة لها، لكن يُعتقد أن لها نوابا آخرين غير معلنين، بينما فاز السلفيون بعدد آخر من المقاعد.
* عودة مرزوق الغانم
التغير المهم في هذه الانتخابات هو فوز مرزوق الغانم، رئيس البرلمان الأسبق الذي هيمنت شخصيته على الحياة السياسية والبرلمانية الكويتية طوال العقد الماضي، بعضوية المجلس الجديد، بعد أن عزف عن خوض انتخابات 2022.
ويعتبر الغانم الذي ينحدر من عائلة ذات نفوذ سياسي وتجاري كبير، خصما لدودا لرئيس الحكومة، وقال في ابريل نيسان الماضي في مؤتمر صحفي بأن وجود رئيس الوزراء في منصبه “خطر” على الكويت.
ويرى محللون أن الغانم الذي كان متحالفا مع رؤساء الحكومات السابقة طوال عشر سنوات وكان هدفا لهجوم المعارضة التقليدية، قد يشكل كتلة من “المعارضة الجديدة”.
كما لا يستبعد هؤلاء تحول كثير من نواب المعارضة السابقة، التي تضم إسلاميين وقبليين وليبراليين ومستقلين وسنة وشيعة، إلى تأييد رئيس الحكومة الحالي.
وقال المحلل السياسي الدكتور صالح السعيدي إن استمرار حالة الاضطراب السياسي مرهق للحكومة والبرلمان، متوقعا ألا يغامر النواب بصدام جديد مع الحكومة وصولا لحل البرلمان “لأن العودة للانتخابات تشكل كابوسا لهم. أن يخوضوا أربع انتخابات في أربع سنوات، هذا لم يحدث في تاريخ الكويت”.
وتوقع السعيدي أن تستخدم الحكومة هذه الورقة “لتهدئة وترويض أي جموح للمجلس”.
وقال السعيدي إن خلق توافق بين الحكومة والبرلمان يتطلب وجود عدد أكبر من النواب المنتخبين كوزراء في الحكومة، لأن اختيار “وزيرين (من نواب البرلمان) لا يكفي لكي تكون هناك علاقة قوية بين المجلس والحكومة”.
بينما اعتبر نصار الخالدي، رئيس شركة مجموعة قياس للاستشارات السياسية والاستراتيجية، أن يكون بمقدور مرزوق الغانم تشكيل كتلة من “المعارضة الجديدة” تزيد عن عشرة نواب، وهذا في حد ذاته قد يدفع أغلبية نواب البرلمان للتحالف مع رئيس الحكومة.
وقال الخالدي إن ما وصفها “بالكتلة الوطنية” التي شكلت المعارضة سابقا وتشكل الآن أغلبية النواب “لا تمتلك مشاريع جماعية وإنما مشاريع فردية”، متوقعا أن يسعى رئيس الحكومة لتعيين وزراء يمكنهم إجراء حوار بين نواب هذه الكتلة والحكومة “رغم فشل تجربة الحوار في المجلس السابق”.
وأضاف الخالدي أنه “عندما نشخص المشاكل نعرف الحل. الكل فاهم أنه لابد من إيجاد حلول وسط”، مشيرا إلى أن برنامج الحكومة وأولوياتها وكيفية التفاهم حولها مع النواب سيشكلان أهم قضايا المرحلة المقبلة.
* الإصلاح الاقتصادي والمالي
وتعيش الكويت منذ سنوات صراعا مستمرا بين الحكومة والبرلمان عطّل مشاريع الإصلاح الاقتصادي والمالي لا سيما إقرار قانون الدين العام، حيث تعتمد الميزانية العامة على الإيرادات النفطية بنحو 90 في المئة.
وبعد أزمة طاحنة بين الحكومة السابقة التي كان يقودها الشيخ صباح الخالد والمعارضة، قام ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، الذي يتولى معظم صلاحيات الأمير العام الماضي بحل برلمان 2020 والدعوة لانتخابات جديدة، جرت في سبتمبر أيلول وفاز فيها أغلبية من النواب المعارضين.
وقضت المحكمة الدستورية في مارس آذار الماضي ببطلان انتخابات 2022 وإعادة برلمان 2020، الذي لم يكن على وفاق مع الحكومة التي يرأسها الشيخ أحمد نواف الصباح نجل أمير البلاد.
وفي أول مايو أيار تم حل برلمان 2020، مرة ثانية بمرسوم أميري والعودة للشعب لاختيار ممثليه من جديد.
وقال صندوق النقد الدولي يوم الاثنين إن أسعار النفط المرتفعة تساعد الكويت على التعافي من ضغوط الجائحة على المالية العامة، لكن إقرار قانون الدين العام الجديد قريبا هو أمر بالغ الأهمية.
وتوقع السعيدي أن تكون الاصلاحات الاقتصادية التي ترغب الحكومة في تمريرها موضع تفاوض وتفاهم مع غالبية النواب بحيث يتم تمريرها مقابل قضايا تحظى باهتمام النواب وقواعدهم، في “عملية تبادل في المصالح من أجل استمرار الطرفين”.
لكن الخالدي اعتبر أن إقرار قانون الدين العام “لم يعد قضية مستعجلة” لا سيما أن صندوق الاحتياطي العام الذي يتم تمويل الميزانية منه بدأ يسترجع رصيده بسبب ارتفاع أسعار النفط.