خاله الوزير الراحل جان عبيد، وشقيقه أنطوان شريك جبران باسيل في مقاولات
كثر الحديث مؤخراً عن جهاد ازعور كمرشح “توافقي” ضمن البازار الرئاسي المتعثر منذ سبعة أشهر. وكان إسمه ظهر لأول مرة عندما طرحه وليد جنبلاط منذ خمسة أشهر كواحد من بين ثلاثة اسماء ضمت اليه النائب السابق صلاح حنين وقائد الجيش جوزف عون. وكان هدف جنبلاط، الذي أعلن رفضه سليمان فرنجيه كمرشح تحدٍ، ان يتوافق مختلف الأفرقاء اي الثنائي الشيعي من جهة ومعارضوه من جهة أخرى على مرشح من بين الثلاثة.
فمن هو أزعور، ولماذا تم اخيرا ما يبدو انه توافقّ عليه من قبل الكتل المعارضة والعونيين كمرشح مستقل تأمل ان يحظى بتأييد “الثنائي الشيعي”؟
أزعور الذي يشغل حاليا منصب مدير ادارة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي هو من أصول شمالية،، مواليد سير الضنية، 4 ايار 1966. نشأ وترعرع في مدينة البترون حيث انتقلت العائلة للاقامة والعمل، وتابع دروسه الابتدائية والثانوية في مدارسها، وكان عمه كاهنا خدم لفترة في الرعية. ثم نقل فيما بعد نفوسه الى مدينة جبيل.
وهو، من جهة أخرى، ابن شقيقة الوزير والنائب السابق الشمالي ايضا الراحل جان عبيد، ابن علما في قضاء زغرتا.
درس أزعور العلوم المالية الدولية في باريس وحصل على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية من معهد الدراسات السياسية في باريس. عام 1998 جاء به جورج قرم الى وزارة المال حين عين وزيرا للمالية بين عامي 1998 و2000 في الحكومة التي رأسها سلبم الحص في عهد اميل لحود، وشغل يومها أزعور منصب مدير برنامج الامم المتحدة الانمائي في الوزارة (UNDP). وعند عودة رفبق الحريري الى رئاسة الحكومة عام 2000 وعودة فؤاد السنيورة الى وزارة المالية بقي أزعور في منصبه. وبعد اغتيال الحريري عام 2005 تسلم السنيورة رئاسة الحكومة وعين أزعور وزيرا للمالية حيث استمر حتى عام 2008. وبعدها انتقل الى صندوق النقد الدولي وغاب عن الشاشة طيلة هذه السنوات.
لكن كيف وقع الاختيار على اسمه؟ يبدو ان جنبلاط حاول تسهيل التوافق بين القوى الثلاث التي تتجاذب الاستحقاق الرئاسي، اي “الثنائي الشيعي” الذي يسعى لفرض فرنجيه، والفريق المعارض اي القوات اللبنانية والكتائب وكتلة “تجدد” وبعض المستقلين، الذي كان رشح النائب الزغرتاوي ميشال معوض، والذي اعلن معظم اطرافه ان لا مانع لديهم في تاييد قائد الجيش.
اما الطرف الثالث فهو الذي يمثله التيار العوني الحائر في تموضعه بعد ان خرج عن طاعة “حزب الله” ولكنه لا يريد القطع النهائي معه، والذي كان رئيسه جبران باسيل قد لمح الى اسم ازعور كمرشح غير سياسي، مستقل وصاحب خبرة اقتصادية ومالية تحتاجها المرحلة.
وبعد أشهر من التجاذبات والمناورات وعدم تمكن الثنائي الشيعي من حسم المعركة وتأمين أكثرية نيابية (65 صوتا) لصالح فرنجيه ولا النصاب اللازم لعقد جلسة انتخاب (86 صوتا)، مقابل عجز القوى المعارضة والتيار العوني عن الاتفاق على مرشح يواجه فرنجيه الذي يحظى بدعم استثنائي من فرنسا “الأم الحنون” للموارنة ولبنان.
وخلال الايام الاخيرة، كثرت المساعي والوساطات ومورست الضغوط على القوى المعارضة المسماة “سيادية” ما دفعها الى القيام بما يشبه عملية اختزال بين الاسماء التي لا تلقى تأييدا من هذا وذاك، او التي لا تقاطع حولها، قام بها النائب المستقل غسان سكاف فتم الاتفاق على اسم ازعور كونه الوحيد الذي يرضي التيار العوني ولا يزعج “القوات” علما ان كلا من الطرفين ينتظر الآخر كي يعلن التزامه رسميا به.
واللافت ان تأييد باسيل المحتمل لجهاد أزعور يعود الى كون شقيقه انطوان أزعور رجل أعمال تربطه برئيس التيار العوني مجموعة مصالح ومقاولات.
فهو يملك شركة “لافاجيت” الملتزمة جمع النفايات في طرابلس ويرأس شركة “بانكو” للمقاولات والتعهدات، وهو الذي قدم مجموعة خدمات لباسيل والتزم تنفيذ مشروع سد المسيلحة في البترون، وما ادراك ما هو سد المسيلحة الذي مر عليه اكثر من ست سنوات ولا يزال حنى الآن غير صالح للاستعمال! وهذا عدا أن أنطوان أزعور يملك علاقات وثيقة مع البطريركية المارونية!
لا يعني بالضرورة ان جهاد أزعور متورط او له علاقة بالمشاريع والصفقات التي ينفذها شقيقه، ولكن هناك من يعتبر انه كان مسهلا لها بحكم وجوده في وزارة المالية لعدة سنوات وبحكم علاقته باركان السلطة. اما سياسيا، فان المرشح أزعور عاصر كتكنوقراط اولا مرحلة الحريري الأب لعدة سنوات، وثانيا كوزير ومعني بالشأن العام مرحلة السنيورة رئيسا لحكومته والحريري الابن واجواء انتفاضة 14 آذار.
أزعور لم يكتف بما هو، فقد سعى لتسويق نفسه لدى “الثناني الشيعي” فكانت له جولة اتصالات ولقاءات سواء مع بري او مع محمد رعد من “حزب الله” مركزا على حياديته وخبرته الاقتصادية والمالية من دون ان يطرح اي موقف سياسي له علاقة بالسيادة.
ونقل عن رعد سؤاله لأزعور ما اذا كانت كتفاه تتحملان ضغوطات البنك الدولي والاملاءات الاميركية! بعدها راح ازعور يعلن رفضه ان يكون مرشحا في مواجهة “الثنائي الشيعي”. ومع ذلك، تحول فجأة الى مرشح مرفوض من قبل “حزب الله” لأن الهدف من ترشيحه هو تطيير ترشيح فرنجيه، كما أعلن رعد نفسه!
ان تسلسل الاحداث يظهر ان باسيل سعى منذ البداية الى عدم القطيعة مع “حزب الله” او تحديه، وحاول ضمنيا ان يجد مرشحا يرضي نصرالله فوقع خياره على أزعور الذي يصيب فيه باعتقاده عصفورين بحجر، اي الاتفاق مع المعارضين حول اسمه من جهة وضمان عدم معارضة “حزب الله” له من جهة ثانية. وقد تنبه للامر رفيقه وزميله آلان عون الذي خرج معلنا ان المرشح التوافقي الذي يمكن ان يتقاطع طرفا المعادلة الرئاسية حوله يجب ان يكون من التيار العوني. وكانت النتيجة ان “الثنائي الشيعي” رفض أزعور معتبرا ان ترشيحه مناورة ولو ان ازعور سعى الى استمالة تأييده، وقد ارتاح باسيل من الورطة لانه كان يعلم انه لا يمكن للثنائي ان يتبنى مرشحا ليس “من الخط” او تابعا، ولكونه شماليا يشكل تحديا مباشرا لفرنجيه ولباسيل في الوقت عينه.
فهل من تواطؤ ضمني على الأمر؟ والى اين سيصل ترشيح ازعور؟