الحزب في مأزق وباسيل رفض إغراءات نقلها له برّي لانتخاب فرنجية
أوساط واسعة الاطلاع في بيروت كشفت لـ«الراي» أن إعلان «حزب الله» الرسمي عن دعْم فرنجية جاء ربْطاً بطلبٍ من بري بناءً على رغبة السفيرة الفرنسية في بيروت “آن غريو” في سماعِ تبنّي الحزب لترشيح فرنجية بـ «الصوت والصورة» رغم إدراكها هذا التوجّه وهي التي تُكْثِرُ من زيارة معقل «حزب الله» في الضاحية الجنوبية ولقاء مسؤولين فيه.
ورأت هذه الأوساط أن الحرصَ الفرنسي على «تدوين» موقفٍ رسمي من «حزب الله» بدعْم ترشيح فرنجية ربما يعود إلى المعادلة التي سعت “غريو” إلى التسويق لها والقائمة على المقايضة بين موقعيْ رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة عبر مداولاتٍ أطلقتْها وجرى تسريبهُا وفيها اقتراح سليمان فرنجية للجمهورية ونواف سلام للحكومة، وهي المعادلة التي كانت موضع عنايةٍ لدى «الثنائي الشيعي» الذي لم يمانعها رغم موقفٍ سابق لـ «حزب الله» يرى في نواف سلام «فؤاد سنيورة آخَر».
وإذا كانت معادلة غريو مرّت بسلامٍ في عين التينة (مقر بري) وحارة حريك (معقل نصرالله) فإنها قوبلتْ بأبواب موصَدة في دوائر قوى سياسية أخرى تجتمع على رفْضٍ حاسمٍ لانتخاب فرنجية رغم خلافاتها الحادة حيال المسائل الأخرى.
فـ «التيار الوطني الحر» برئاسة جبران باسيل يكاد أن يفترق عن «حزب الله» ويعرّض تَحالُفهما للاندثار بسبب الموقف من فرنجية، الذي تخوض المعارضة، وتتقدمها «القوات اللبنانية» برئاسة سمير جعجع، معركةً شرسةً لإحباط أي محاولةٍ لانتخابه.
وأكدت مصادر موثوقة الروايةَ التي تحدّثت عن أن نصرالله لم يشأ استقبال باسيل الذي طلب موعداً للقاء الأمين العام لـ«حزب الله» لمناقشة لائحة بأسماء مرشَّحة للرئاسة.
فرئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا اعتذر عن عدم تحديد موعد لباسيل حين أدرك أن اللائحة التي في جعبته أَسقطتْ اسمَ المرشحِ الفعلي للحزب سليمان فرنجية (ومن الأسماء التي تضمّنتْها جهاد أزعور وبيار الضاهر)، في تطوّرٍ عَكَسَ حالَ الافتراق بين الطرفين والانهيار الفعلي لتحالفهما الذي أصبح في حال موتٍ سريري وأكثر.
نصرالله ينتخب باسيل رئيساً.. بعد ست سنوات!!
ولم تُخْفِ تلك المصادر اعتقادَها أن باسيل أصبح في مكانٍ آخَر بعدما رَفَضَ كل العروض التي قُدمت له لقاء إمرار فرنجية إلى الرئاسة، ومن بينها رعاية «حزب الله» تفاهماً بين الرجلين والتعهّد بضمان تطبيقه، أو ما دار في «اللقاء السري» بين بري وباسيل حين أسرّ الأول باستعداد «الثنائي الشيعي» لتبنّي ترشيح باسيل بعد رئاسة فرنجية عبر وعْدٍ ممهورٍ بتوقيع نصرالله الذي وفى، حين عطّل الاستحقاق لعامين ونصف عام، بوعده بإيصال الزعيم التاريخي لـ «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون إلى الرئاسة وهو ما حصل في 2016.
وتُفْشي المصادر نفسها معلومات عن أن عرْض بري لباسيل تضمّن أيضاً أن تكون له حصة الأسد من الوزراء المسيحيين في حكومة ما بعد الانتخابات الرئاسية (ثلثا الوزراء المسيحيين)، وأن ينتدب شخصية يختارها وتواكب من القصر الجمهوري مسارَ الإصلاحات التي يعتبرها «التيار الحر» من أولويات معركته لبناء الدولة.
وتجزم المصادر ذات الصدقية العالية بأن «حزب الله» الذي ضاقَ ذرعاً بمعارضة رئيس «التيار الحر» لخياره الرئاسي بعد رفْد الحزب «التجربةَ العونية» بمقوياتٍ جعلتْها تدير البلادَ على مدى ستة أعوام، يعتزم استبعاد باسيل عن أي DEAL مع الآخَرين يتناول المرحلةَ المقبلة، رئاسةً وحكومةً وإدارةً، الأمر الذي من شأنه تعميق جروحه وسط العزلةِ التي يعانيها في أعقاب تجربته في الحُكْم.
والكلام عن الـ DEAL في الملف الرئاسي في بيروت ينطوي على مقارباتٍ عدة عَصَبُها الأساسي موقفُ «الثنائي الشيعي» الذي أشارتْ المعلوماتُ إلى موافقته على المقايضةِ التي تُرَوِّجُ لها السفيرة الفرنسية بين الرئاسة لفرنجية والحكومة لنواف سلام، وهي المعادلةُ التي قوبلت برفْض من الآخَرين، أي من المعارضة بتلاوينها المختلفة كما من «التيار الحر».
ويدرك «الثنائي الشيعي» أن طريق فرنجية إلى قصر بعبدا غير معبَّدة ولا مفروشة بالورد، وتالياً فإن التبدّلَ شبه الإستراتيجي في موقف قوى المعارضة عبر رفْعها سلاحَ تعطيل النصاب لأي جلسةٍ للبرلمان قد تفتح الطريقَ أمام انتخاب فرنجية، كرّس توازناً سلبياً يَصعب كسره من دون تسويةٍ على اسم المرشح الرئاسي، وهو الأمر الذي يفسّر الإكثارَ من الدعوات إلى الحوار.
وتَبْدي أوساطٌ على درايةٍ بخيارات «حزب الله» اعتقاداً بأن الحزب سيخوض، «قلباً وقالباً» معركةَ إيصال فرنجية، لكنه لن يمضي إلى ما لا نهاية في الدفاع عن هذا الخيار على غرار ما كانت تجربته مع العماد ميشال عون التي استدعتْ تَعايُشاً طويل المدى مع الفراغ، وتالياً فإنه سيقوم بما عليه قبل الذهاب إلى تسويةٍ قد لا يكون هناك مفرّ منها في نهاية المطاف.