(الصورة: المستعمِر الإيراني، الجنرال قآني رئيس فيلق القدس، سبق بشّار الأسد إلى حلب!)
حتى ولو كانت إمكاناتنا ضئيلة، فإن مساعدة الشعب السوري في محنته واجب انساني أهمُّ من الجيرة ووشائج القربى والخلافات.
تشعر بألم إضافي حين تقارن مشاهد عمليات الإنقاذ في تركيا، حيث إسعاف المصابين فوري ومدروس، بتلك الجارية بإمكانات ضئيلة ومهارة متدنية في الأماكن المنكوبة الواقعة تحت سيطرة النظام السوري، باعتبار أن الحالة في مناطق المعارضة يرثى لها، وبؤسها غنيٌ عن البرهان.
ليس الوقت مناسباً لإقحام السياسة في كارثة زلزال رهيبة أدمت سوريا وتركيا وشاءت المصادفات الحسنة أن ترأف بلبنان. لكن مواطنينا ووزراءنا الممانعين، مثل حلفائهم الدمشقيين، رأوا في الحادث الجلل مناسبة للتطبيع السياسي وللمطالبة بـ”فك الحصار عن سوريا”، وهو استغلال رخيص وانتهازي في غير محله على الإطلاق.
نسي المزايدون، وعلى رأسهم جبران باسيل، أن طرقات سوريا البرية مفتوحة مع كل جيرانها باستثناء اسرائيل. فالمساعدات يمكن ان تصلها عبر لبنان والأردن مثلما يمكن تلقِّيها على طول الحدود مع العراق. وموانئ سوريا الجوية والبحرية ليست محاصرة بدليل أن الطيران الايراني يقوم برحلات منتظمة وينقل الى حليفته ما شاء بدءاً من توابل البازار حتى قطع المسيَّرات وأنواع السلاح، فيما موسكو حاضرة شرطةً وقواعد بحرية ومستشارين في وزارة الدفاع. وهي دولة نووية يفترض أن تبادر ليس الى الانقاذ فحسب بل الى إعادة البناء أيضاً، بعدما أثبتت فعاليتها في منع النظام من الهلاك بفعل براميل صدَّعت معظم المباني التي هدمها زلزال الإثنين على رؤوس السوريين في مناطق النزاع.
تستثني العقوبات أصلاً ما يتصل بالطبابة والمساعدات الانسانية. لكن خيار سوريا الانتساب الى محور الممانعة لم يحسب سوى القدرة على صمود النظام واستمراره في السلطة غير آبه بنوعية الحلف ولا ما يمكن أن تقدمه دولُه لرفاه الشعب السوري أو لإبقائه على قيد الحياة.
اليوم، مع سقوط المباني على قاطنيها يتضح مدى قيمة التحالف الذي أقامته دمشق. فأين طهران لترسل جسراً جوياً انسانياً لنجدة السوريين وتدفع جزءاً بسيطاً من “الكاش” الذي تبدده في اليمن ولبنان وسائر مواقع امتداداتها؟ وأين روسيا تقوم بالمثل على نطاق يليق بدولة من الدول الصناعية العشرين وتمتلك أضخم انتاج من الغاز؟
كارثة الزلزال محكٌ لتحالفات الدولة وكفاءتها. تركيا تتلقى المساعدات من كل دول العالم الغربي، فيما سوريا التي لم تترك لها حليفاً سوى دول الممانعة تجد نفسها عاجزة لأن حليفيها الرئيسيين مشغولان، إما بعدوان على الجارة اوكرانيا يستنزف معظم موارد روسيا ويُظهر تخلفاً تقنياً تعوِّضه بالتدمير، أو بتمويل ميليشيات زرَعت الإضطراب في الدول المستهدَفة وهبَطت بثلث الإيرانيين تحت خط الفقر.
لسنا بمنأى عن خطر زلزال شبيه بالذي فتك بتركيا وسوريا. ولا يُفيدنا ضربُ أخماس بأسداس لو وقعت الواقعة مسلِّمين أمرنا الى الغيب والأقدار. المعطيات لا تشجع على توقع أداء يتجاوز الصفر. فـ”المنظومة” التي احترفت على مدى ثلاثين عاماً النهبَ و”الإفلاتَ من العقاب” لم يكن لديها الوقت إلا لمشروع “الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث والأزمات” التي لم تبصر النور كي ينشب على توزيعها الطائفي الخلاف. ويبدو انها مطمئنة الى “الهيئة العليا للإغاثة” التي – إذا استثنينا الفساد ـ “لا خيل عندها تهدينا”، ولا إمكانات.
من حظنا اننا لم نَنجَر “شرقاً” كي يبقى لنا مَن نفتقده “في الليلة الظلماء”.
نقلا عن “نداء الوطن“