61% من اللبنانيين تؤيّد الترسيم البحري مع إسرائيل
رغم استمرار حالة التردد بشأن اتفاقيات إبراهيم للسلام، ظلت الموافقة على الاتصالات مع الإسرائيليين ثابتة حتى عام 2022.
كشف استطلاعان نادران وموثوق بهما للرأي العام أجراهما معهد واشنطن في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2022، ما إن اتضح أن بنيامين نتنياهو سيصبح مجددًا رئيس وزراء إسرائيل، وعن قبول شعبي للاتصالات مع الإسرائيليين بنسبة ثابتة تفوق قليلًا 40 في المئة من مواطني الدولتين الخليجيتين. وتثير النتائج المفاجأة إذ يعتبر 90 في المئة من الشعبين أن انتخاب نتنياهو سيخلّف تأثيرات سلبية على المنطقة.
وفي الواقع، بقيت نسبة القبول الشعبي في السعودية والإمارات للاتصالات مع الإسرائيلين مستقرة جدًا منذ إجراء استطلاع مماثل في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 تمامًا بعيْد الإعلان عن اتفاقات إبراهيم. ضاعفت تقريبًا هذه الاتفاقات نسبة الموافقة على الاتصالات مع إسرائيل، مقارنة بنتائج استطلاع رأى آخر أجري قبل فترة قصيرة من الإعلان عن الاتفاقات. ولكن تبين لاحقًا أن توترات المسجد الأقصى وحرب أيار/مايو 2021 بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة لم تخلّف تأثيرًا واضحًا على هذا المستوى المرتفع من الدعم الشعبي، انطلاقًا من استطلاعات رأي أجريت في دول الخليج العربي بعد بضعة أسابيع.
ويبدو الآن أن عودة نتنياهو إلى السلطة لا تغير هذا النمط، مع أنه لا يحظى بشعبية كبيرة لدى هذه الشعوب الخليجية. كما أن استطلاع الرأي الموازي الذي أجري في البحرين في تموز/يوليو 2022 قد أسفر عن نتائج مشابهة إلى حدّ كبير، إذ تبلغ نسبة البحرانيين الذين يؤيدون أيضًا الاتصالات مع الإسرائيليين 37 في المئة. وحتى في قطر التي لم تنضم إلى اتفاقات إبراهيم، تظهر أحدث البيانات المتوفرة (تشرين الثاني/نوفمبر 2021) مستوى مماثلًا تقريبًا من القبول الشعبي للاتصالات مع الإسرائيليين في صفوف مواطني هذه الدولة الخليجية.
يمكن الاستنتاج منطقيًا أن هذا الجانب من التطبيع مع إسرائيل أصبح بحدّ ذاته “طبيعيًا” نسبيًا لدى معظم شعوب الخليج العربي، حتى مع بقاء أغلبية ضئيلة في كل دولة تعارضه بشكل شخصي على الأقل “إلى حد ما.” لقد بقيت الأرقام متشابهة جدًا وثابتة على مدى السنوات الثلاث الفائتة، بمعزل عن ضمها رسميًا إلى اتفاقيات إبراهيم أو استبعادها، أو التغييرات السياسية في إسرائيل، أو التوترات على الأرض في الساحة الفلسطينية.
أكثر نصف الشعب الفلسطيني تقريبًا يتقبل بعض الاتصالات مع الإسرائيليين
تجدر الإشارة أيضًا في هذا الصدد إلى أن آخر البيانات الرقمية المتوفرة المستخلصة من استطلاع رأي (حزيران/يونيو 2022) أجري مع فلسطينيين تظهر نسبة أعلى من الناحية الإحصائية. إذ تؤيد نسبة 60 في المئة على الأقل من كل مجموعة فرعية – إجراء اتصالات معينة مع الإسرائيليين. وفي هذه الحالة، شمل استطلاع رأي أجراه مستطلع فلسطيني محلي مستقل في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية سؤالا عن الاتصالات الشخصية مع “معسكر السلام الإسرائيلي لحث المزيد من الدعم من أجل التوصل إلى حلّ عادل للصراع”. أعربت آنذاك نسبة مفاجئة من فلسطينيي القدس الشرقية، بلغت 48 في المئة، عن وجهة نظر إيجابية تجاه اتفاقات إبراهيم. إلا أن قرابة نصف عدد سكان قطاع غزة والضفة الغربية فحسب وافقوا على هذا التقييم.
وجهات النظر حول الاتصال مع الإسرائيليين تختلف عن وجهات النظر حول التطبيع الدبلوماسي الكامل
يندرج التمييز السائد في الوعي العربي بين الاتصالات مع الإسرائيليين واتفاقات السلام الرسمية مع إسرائيل ضمن الخصائص المهمة للرأي العام في الخليج أيضًا. ففي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، أظهر الاستطلاع الأخير أن الذين يعتبرون اتفاقات إبراهيم ستخلّف “تأثيرًا إيجابيًا في المنطقة” لا تتعدى نسبتهم 20 في المئة لدى كل من الشعبين. ولكن في المقابل، عندما تم الإعلان عن تلك الاتفاقات للمرة الأولى، أسفرت موجة أولية من التفاؤل عن أرقام بلغت نسبة 40 في المئة تقريبًا للآراء الإيجابية التي أعرب عنها كل من الشعبين.
غالبية اللبنانيين يؤيدون الاتفاق البحري مع إسرائيل، ولكن ليس الاتصالات الشخصية
على نحو مفاجئ، ظهر هذا التمييز المختلف في لبنان في أعقاب مجموعة من استطلاعات الرأي أُجريت في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 وطرحت أسئلة عن الاتصالات مع الإسرائيليين وعن اتفاق الحدود البحرية الجديد بين لبنان والدولة اليهودية المجاورة. لقد أفادت الغالبية العظمى من اللبنانيين، سواء أكانوا من الشيعة، أو السنّة، أو المسيحيين أو الدروز، أنهم يرفضون الاتصالات مع الإسرائيليين التي تحظرها أساسًا حكومتهم (وتلاحقهم قضائيًا بسببها). إلا أن الغالبية العظمى (61%) أعربت أيضًا عن رأي مؤيد للاتفاق البحري مع إسرائيل! وتفوق هذه النسبة بدرجة كبيرة النسبة في أي من الدول العربية الثلاث الأخرى التي شملتها استطلاعات تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
نسبة الموافقين على الاتصالات مع إسرائيل في مصر أو الأردن لا تتجاوز 10 في المئة على الرغم من عقود من السلام الرسمي
في هذه الاستطلاعات الأخيرة، تتميز مصر بشدة عن جيرانها في الخليج العربي لناحية الرفض الشعبي للاتصالات مع الإسرائيليين. وحتى بعد 45 عامًا من السلام الرسمي مع إسرائيل، لا تتعدى نسبة المصريين الذين يعتبرون حاليًا أنه “يجب السماح للأشخاص الذين يرغبون في إقامة اتصالات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين بالقيام بذلك” 10 في المئة. لم تتغير تقريبًا هذه النسبة في استطلاعات الرأي التي أجريت بشأن هذا الموضوع في تموز/ يوليو 2020، بصرف النظر عن حالة عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين أو أي متغير واضح آخر.
من المرجح أن يشكل هذا الموقف في آن السبب والنتيجة لسياسة الحكومة المصرية في خلال معظم هذه العقود. ويمكن وصف هذه السياسة على النحو التالي: تعاون أمني سري مع إسرائيل إلى جانب تغطية إعلامية سلبية جدًا موجهة من الدولة وتعليقات على كل ما هو إسرائيلي تقريبًا، بالإضافة إلى مضايقات شديدة تطال أي مصري تقريبًا (باستثناء عدد قليل من المديرين الاقتصاديين الحائزين على موافقة الحكومة) يجرؤ على التعامل شخصيًا مع أي إسرائيلي.
وفي هذا الإطار، يسير الأردن في أعقاب مصر. فقد وقّع الأردن معاهدة سلام مع إسرائيل في العام 1994، ويعمل البلدان منذ ذلك الحين معًا على أمن الحدود وحتى على بعض القضايا الخاصة بالمسجد الأقصى، ومؤخرًا أيضًا على مشاريع الطاقة والمياه. ومع ذلك، تبقى نسبة المواطنين الأردنيين الذين يقبلون الاتصالات مع الإسرائيليين ثابتة على مستوى منخفض للغاية يبلغ حوالي عشرة في المئة في كل استطلاع جديد. وأحيانًا يعترف المسؤولون الأردنيون شخصيًا بأن هذا التعارض يمثل مشكلة، إلا أنه لا تتوفر أدلة كثيرة على نيتهم في إيجاد حلّ لها.
ملاحظة منهجية
يعتمد هذا التحليل على استطلاعات الرأي التي أجريت في كل بلد بواسطة شركات أبحاث استطلاعية تجارية إقليمية ذات خبرة عالية وكفاءة تقنية وغير سياسية إطلاقًا. يتألف كل استطلاع من مقابلات مباشرة مع عينة وطنية تمثيلية من حوالي ألف مواطن، يتم اختيارهم وفقًا لإجراءات الأرجحية الجغرافية المعيارية. أظهر استطلاع عام 2022 في الضفة الغربية / غزة / القدس الشرقية، أن حجم العينة الوطنية بلغ 1315 فلسطينيًا بالغًا (فوق 18سن عامًا) ممن يقيمون في هذه المناطق الثلاثة. يتم توفير رقابة صارمة على الجودة وبروتوكولات للسلامة الصحية وضمانات للحفاظ على السرية في جميع أنحاء العمل الميداني. قام المؤلف شخصيًا بتنظيم هذه الاستطلاعات والإشراف على إجرائها، من دون التدخل بأي شكل في اختيار العينات أو إجراء المقابلات أو أي جوانب أخرى من البحث. يبلغ هامش الخطأ الإحصائي لعينات من هذا الحجم والطبيعة حوالي 3 في المئة. تتوفر تفاصيل إضافية، بما في ذلك الاستبيانات الكاملة والنتائج والتوزيعات الديموغرافية وغيرها من المعلومات ذات الصلة بسهولة على منصة بيانات الاقتراع التفاعلية الخاصة بنا.