الكويت (رويترز) – أصدر أمير الكويت عفوا جديدا عن عشرات المدانين الكويتيين بأحكام قضائية بسبب انتقادات وجهوها لمسؤولين أو دول أخرى، في وقت تحاول فيه الدولة الخليجية البناء على الجهود الرامية لتهدئة حدة الخلاف السياسي المستعر بين الحكومة والبرلمان والذي يعرقل الإصلاحات الاقتصادية والمالية المطلوبة.
* أزمة سياسية
وخلال الأسبوعين الأخيرين تفجر الخلاف بين الحكومة التي يرأسها الشيخ أحمد نواف الصباح نجل الأمير والبرلمان الذي تم انتخابه في 29 سبتمبر أيلول، بسبب اقتراح برلماني يقضي بشراء الحكومة لقروض المواطنين وقوانين شعبية أخرى تعتبرها الحكومة مكلفة ماليا، لتنتهي نحو ثلاثة أشهر من الوفاق النادر.
طلبت الحكومة تأجيل مناقشة هذه الموضوعات، وفي النهاية انسحبت من جلسة البرلمان المنعقدة في 10 يناير كانون الثاني، وهو ما أثار غضب النواب.
وتقدم نائب باستجواب لوزير المالية يتهمه فيه بالإضرار بالمال العام، كما تقدمت نائبة باستجواب آخر لنائب رئيس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء متهمة إياه بالفشل في القيام بمهمته في التنسيق بين الحكومة والبرلمان وإساءة استخدام السلطة بمنح معاشات استثنائية للوزراء، وهي تهم ينفيها الوزيران.
* ترحيب نيابي
ونص بيان أصدرته الحكومة يوم الثلاثاء على أن العفو يشمل شريحة من الموجودين في السجون بعد أن قضوا مدة في تنفيذ العقوبات وشريحة آخرى من الموجودين بالخارج.
وأكدت الحكومة في البيان ثقتها “بأن هذه الخطوة من شأنها تهيئة الأجواء نحو تعاون مثمر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية”.
ولقي الإعلان الحكومي عن العفو ترحيبا واسعا من النواب رغم أجواء الأزمة، وقدم رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون شكره لأمير الكويت وولي العهد.
وأعرب السعدون عن أمله “أن يشمل العفو كافة من عليهم أحكام رأي، وندعو الله سبحانه وتعالى أن تبقى الكويت دائما بلد العدل والحرية والمساواة وحق التعبير عن الرأي”.
وشمل العفو مجموعة تعرف بجروب الفنطاس، وتضم الشيخ عذبي فهد الصباح مدير جهاز أمن الدولة السابق وهو ابن أخ الأمير، وقد أُدين مع آخرين، طبقا لوسائل إعلام محلية، بتهم التجسس على مكالمات رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم.
* رسالة
وقال أستاذ القانون في كلية القانون الكويتية العالمية الدكتور يوسف الحربش لرويترز إن “هذا العفو الصادر من سمو الأمير الذي استخدم حقه في العفو عن بعض أبنائه يأتي منسجما مع التوجه العام في الكويت لطي صفحة الماضي والبدء بصفحة جديدة”، مضيفا “هذا توجه محمود تشكر عليه القيادة السياسية ممثلة بسمو الأمير وسمو ولي العهد”.
وأكد الحربش أن هذه الخطوة هي “رسالة للحكومة ومجلس الأمة بضرورة التهدئة وحل الخلافات السياسية وتغليب روح التسامح والسعي للبناء والتنمية”، مشيرا إلى وجود توقعات بصدور قوائم أخرى.
ورغم أن الكويت هي الأكثر انفتاحا من الناحية السياسية في دول الخليج إلا أن مراقبين يرون أن التنمية الاقتصادية فيها وقعت ضحية للخلافات السياسية والتناحر المستمر بين الحكومة والبرلمان.
وقال الدكتور غانم النجار أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت إن العفو بحد ذاته شيء جيد وإيجابي ويحسب للنظام السياسي لاسيما أن بعضهم أُدين بالإساءة لرئيس الدولة وهذا الامر لايمكن حدوثه في العديد من دول المنطقة.
وأضاف النجار أن خطوة العفو “لن يكون لها أثر كبير على حالة الانسداد السياسي المزمنة، لأن الأزمة في البلاد هيكلية ومرتبطة بالخلل في موازين القوى داخل النظام السياسي“.
وقال “الأزمة تتلخص في عجز السلطة عن الانجاز وعدم قدرة البرلمان على التحرك للأمام وسعي غالبية أعضاءه عن اثبات الذات بشكل فردي”.
وحول أثر ذلك على حرية الرأي بالكويت قال النجار إن “أي عفو بقضايا الرأي هو أمر جيد..إلا ان المسألة ستستمر طالما أن حزمة القوانين المناهضة للحريات لاتزال موجودة ومطبقة”.
في المقابل، رحب دبلوماسي غربي طلب عدم ذكر اسمه بهذه الخطوة “إذا كان هذا المرسوم يساعد الكويت على المضي قدما والتركيز على الإجماع الداخلي من أجل تسريع التطور فيها”.
وأضاف “الكويت ترى أن جيرانها يدخلون مراحل جديدة، والكويتيون يدركون الآن أنهم بحاجة إلى استعادة دورهم. وتكمن قوة الكويت في مشهد الجدل السياسي، ولا يمكن لهذا المرسوم إلا أن يدعمها”.