الواقع
أصبح الاحتلال الإيراني للبنان بواسطة حزب الله هو الوضع الطبيعي، وضع الاستقرار، وأصبحت مواجهته تحدّيًا للاستقرار! فكل سيادي يرفض الاحتلال، بالأخص من يطمح لمنصب رئيس الجمهورية، هو “مرشّح تحدّي”!
أما الدعوة إلى “الحوار والتفاهم” على رئاسة الجمهورية من قِبل حزب الله وأتباعه فتعني فعليًّا الدعوة إلى الخضوع لشرط الحزب الأساسي، وهو انتخاب رئيس للجمهورية يغطّي ويدعم الاحتلال الإيراني، وإلا لن يكون هناك تفاهم ولا رئيس مهما طال الوقت. فسلاح حزب الله وحروبه أمر خارج أي نقاش. إن الاستراتيجية الحالية لحزب الله/إيران هي نفسها الاستراتيجية السابقة التي نجحت بالإتيان بميشال عون رئيسًا للجمهورية بعد خضوع معظم الأطراف السيادية لابتزاز “حوار وتفاهم” دام سنتين ونصف.
حقيقتان تتحكّمان بالوضع اللبناني: لن يسمح حزب الله/إيران بانتخاب رئيس للجمهورية يرفض الاحتلال الإيراني، ومن المستحيل أن يخرج لبنان من أزماته ليعود بلدّا طبيعيّا من دون إزالة الاحتلال. لذلك، لن يُنتخب رئيس للجمهورية إلا رئيس يدير الأزمة فقط في أحسن الأحوال. وكل كلام آخر كلام في الهواء.
لبنان اليوم هو بلد محتلّ، حيث تنظر السلطة الحاكمة إلى الاحتلال كوضع طبيعي ودائم. إن الاحتلال وضع غير طبيعي بأي اعتبار، والاحتلال يمثّل بحد ذاته عدم الاستقرار. ومن المستحيل أن يعود لبنان بلدّا مستقرًّا أو طبيعيّا إذا لم نبدأ بإزالة الاحتلال الإيراني، المستند كليًا على ميليشيا حزب الله التي خلقتها إيران بأفرادها اللبنانيين. هذا مؤكّد.
المواجهة
لن نقبل بتاتًا وفي أي حال من الأحوال الخضوع لهذا الاحتلال، لأي احتلال. هذا مبدأ سامٍ، ومبدأنا في المطلق. فلننطلق، بداية، من الحلول الدستورية. فميليشيا حزب الله، وبالاعتراف العلني لأمينها العام، هي جيش تابع بالكامل وبالمطلق دينيًا، وسياسيًا، وتسليحًا، وعسكريًا، وماليًا، للولي الفقيه حاكم إيران. وجيش حزب الله يشارك في عدة حروب في بلدان عربية. كل هذا بقرار إيراني.
لذلك، فإن أضعف الأيمان القانوني والدستوري يقتضي موافقة مجلس النواب اللبناني، بثلثي أعضائه، على الوجود العسكري لحزب الله في لبنان، وعلى تسليح وتمويل إيران له المستمرّ منذ عقود من دون موافقة قانونية واضحة من المجلس النيابي. هذا مبدأ قانوني و”طبيعي” يُطبّق في كل بلدان العالم. ما عدا لبنان.
فبأي حق أو قانون يوزّع حزب الله بكل حرية مقاتليه وعشرات آلاف الصواريخ في مختلف أنحاء لبنان، ويتسلّح بانتظام من قِبل إيران، واضعًا اللبنانيين وكل لبنان في عين الخطر والدمار؟ إن هذا الواقع الصارخ يجعل من ميليشيا حزب الله ميليشيا غير شرعية محتلّة، ومن مجلس النواب اللبناني الصامت كلّيًا عن الاحتلال مجلسًا تابعًا لحزب الله/إيران، ومن الرؤساء الثلاثة، وكل مسؤول آخر، متواطئين مع الاحتلال. أما الشعب اللبناني فقد أصبح رهينة الاحتلال والسلطة الحاكمة الناتجة عنه.
إن استمرار الاحتلال بسلاح حزب الله هو أمر وجودي للحزب، ومهدِّد في الوقت نفسه لوجود لبنان. أي إن المسألة الوطنية المفروضة علينا فعليًا هي: إما وجود لبنان أو وجود حزب الله مع احتلاله الإيراني. خيارنا واضح وبديهي، مما يجعل كل سبل المقاومة متاحة وحتميّة.