من الذكريات الغريبة والمضحكة في نفس الوقت، عندما نشأنا صغارا في القاهرة كان أذا حاول شخص ما أن يخدعك، كنا نقول له: “إيه ده… إنت فاكرني هندي”؟
اليوم يتولى شخص من أصول هندية (ريتشي سوناك) رئاسة وزراء بريطانيا، فمن هو (ريتشي سوناك)؟
هاجر والداه (من أصول هندية بنجابية) إلى بريطانيا من شرق إفريقيا في الستينات. هو من مواليد مدينة “ساوث هامبتون” عام 1980. والده كان طبيبا عاما ووالدته صيدلانية، وتلقى تعليمه في كلية وينشستر، ودرس الفلسفة والسياسة والاقتصاد في كلية لينكولن في جامعة أكسفورد، وحصل على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا بصفته باحثًا في برنامج فولبرايت. أثناء دراسته في جامعة ستانفورد التقى بزوجته المستقبلية “أكشاتا مورتي”، ابنة رجل الأعمال الملياردير الهندي “ناجافارا راماراو نارايانا مورثي” مؤسس شركة “إنفوسيس”. وريتشي سوناك وزوجته أكشاتا مورتي يأتيان في المركز 222 لأغنياء بريطانيا بثروة مجتمعة تبلغ 730 مليون جنيه إسترليني اعتبارًا من عام 2022. بعد تخرجه عمل في بنك “غولدمان ساكس”، ولاحقًا كشريك في شركات لصناديق الاستثمار. وهو يعتبر أغنى من شغل منصب رئاسة وزراء بريطانيا. وقد أصبح عضو البرلمان البريطاني عن دائرة ريتشموند عام 2015.
كما أنه شغل منصب وزير الخزانة عام 2020 أيام كان بوريس جونسون رئيسا للوزراء.
وقبل ذلك تولى باراك حسين أوباما (أبوه مسلم من كينيا) رئاسة أمريكا لمدة 8 سنوات.
دعونا نتخيل أمكانية أن يتولى شخص من أصول هندية، بوذية أو هندوكية، رئاسة وزراء مصر مثلا (“نجوم السماء أقرب له”)! في مصر، لا يمكن أن يكون وزير الدفاع أو وزير الخارجية أو الداخلية مصريا مسيحياً مثلا (“لا قدر الله”)!
فما هي عقلية التسامح في المجتمع الإنجليزي والأمريكي تحديدا للسماح لأشخاص أكفاء من أصول أجنبية ومن ديانات مختلفة بتولي أهم مناصب في البلاد؟ أهم شيء في تولي المناصب تأتي الكفاءة والمقدرة في المقام الأول.
وعلى سبيل المثال هذه قائمة للشركات الأمريكية والبريطانية الكبرى التي تولى رئاستها مديرون من أصول هندية:
سوندار بيشايي (شركة ألفا بيت تملك شركة جوجل)
ساتيا ناديللا (شركة ميكروسوفت)
ارفيند كريشنا (شركة أي بي أم)
شانتانو نارايين (شركة أدوبي)
اندرا نوويا (شركة بيبسي كولا)
راج سابرامانيام (شركة فيديكس)
ليينا ناير (شركة شانيل للموضة)
باراج اجراوال (شركة تويتر)
فينكاتاكريشنان (بنك باركليز)
سونيا سينجال (شركة جاب للملابس)
فما هو السر في تفوق الهنود لتولي رئاسة أضخم شركات العالم؟
السر هو في نظام التعليم، ففي الهند مثلا يوجد معهد له شهرة عالمية وهو (المعهد الهندي للتكنولوجيا) وهو يكاد ينافس معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم أي تي) في كفاءة الخريجين وفي صعوبة الالتحاق بالمعهد حيث لا يقبل إلا قمة المتفوقين.
وكانت بريطانيا العظمى تعتبر الهند هي أهم جوهرة في التاج البريطاني، ولكن بعد مرور 75 سنة على استقلال الهند عن بريطانيا يتولى هندي رئاسة بريطانيا.
و”يا فرحة أمك بك يا ريتشي يا أبن سوناك”!
تخيل ماذا يقول (غاندي) الآن!