ذات شباط/ فبراير من العام 2007، كان “حزب الله” يعمل على إعادة تفعيل ترسانته العسكرية، بعد حرب عام 2006، حينما ضبط الجيش اللبنانية شاحنة محملة بالصواريخ التي تم تمويهها بغطاء من علف الحيوانات المعروف بــ“التبن“.
يومها علق رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على الواقعة قائلا: “افضل بكثير يا سيّد (حسن نصرالله أمين عام حزب الله)، ان تعطي الصواريخ والمدافع الي الجيش اللبناني، افضل بكثير، اما التبن والشعير فأعطهم لحلفائك، (التيار العوني)”!
يبدو ان ما قاله جنبلاط عام 2007 سيصبح واقعاً، وإن تأخر، بعد اندلاع الثورة في لبنان!
فقد انقلبت الادوار، وتحول الحزب “القوي” المهيمن على رئاسة الجمهورية بالإتفاق مع الرئيس عون، وعلى المجلس النيابي بنتيجة الانتخابات الاخيرة، الى حزب “ضعيف مدجج بالصواريخ” وسائر انواع الاسلحة! وأصبح “الضعيف”، أي رئيس تيار المستقبل، ورئيس الحكومة المستقيلة، مع حلفائه السابقين وليد جنبلاط وسمير جعجع، اكثر قوة.
فكل سلاح نصرالله لم يسعفه في قمع الثورة المندلعة في لبنان منذ ١٧ تشرين الاول/أكتوبر الماضي. وتشير معلومات الى ان نصرالله اتفق مع التيار العوني على ان يتولى كل من جهته العمل على إخماد الثورة في مناطقه، إلا أن الخطة العونو–إيرانية، اصطدمت يارادة الثوار الذين حرصوا على تجديد وتأكيد “سلمية” ثورتهم، وواجهوا غزوات رعاع حزب الله وحركة امل، وأعادوا ترميم كل ما أمعن عناصر “الحزب” و”الحركة” في تخريبه وتكسيره وحرقه في ساحات الثوار خصوصا في المناطق الشيعية. وأظهروا عزيمة لا تلين على “سلمية المواجهة” والعودة الى الساحات بعد ان ينسحب منها غزاة الحزب والحركة.
اما في الجانب المسيحي فأظهر التيار العوني صعفا مطردا، تجلى في عدم قدرته على مواجهة أهالي بلدة بكفيا، الذين منعوا موكبا سياراً للتيار من عبور البلدة، في اتجاه أضرحة آل الجميل، ومنزل الرئيس السابق امين الجميل- ما اضطر التيار العوني الى الاستعانة بعناصر من الحزب السوري القومي الاجتماعي المتواجد اصلا في منطقة المتن، وبعناصر الجيش اللبناني، ما حال دون تفاقم المواجهة بينهم وبين الاهالي.
في العاصمة بيروت، لم يكن مصير فرق “موتوسيكلات الحزب الالهي وحركة امل أفضل حالاً.
فقد عمل اهالي المناطق السنية والمسيحية على مواجهة هذه المسيرات السيّارة والاستفزازية، حيث تعرضوا لهجوم منسق في محلة “قصقص” غرب العاصمة بيروت، وعند أطراف المدينة الرياضية، عند مدخل محلة “الطريق الجديدة“، وتم تكسير عدد من الموتوسيكلات والتعرض بالضرب لعدد من المشاركين في المسيرة. في حين واجه اهالي عين الرمانة، الحي المسيحي، وأشهر خطوط التماس خلال الحرب الاهلية، مسيرات الموتوسيكلات بالتجمع وتبادل السباب والشتائم ورمي الحجارة، وخلال اقل من نصف ساعة، تواجد اكثر من الفي شاب مدججين بالعصي والهراوات، ما حمل الجيش على التدخل الفوري والسريع للفصل بين الجانبين.
نجحت غزوات رعاع الثنائي في تدمير ساحات الثوار في مناطق نفوذهم، ولكن نجاحهم لم يدم سوى انتظار شروق الشمس فاعاد المتظاهرون ترميم الساحات منددين بالزعران.
واثر فشل الغزوات في ترهيب المتظاهرين اصدر امين عام حزب الله بيانا ليل امس، “تمنى فيه على انصاره عدم النزل الى الشارع“، إلا أن الحزب نفى رسميا ان يكون قد صدر البيان عن امينه العام، لان إقرار الحزب بصدور مثل هذا البيان رسميا عنه يعني تحميله مسؤولية الغزوات واعمال الشغب التي رافقتها، هذا وكانت معلومات من ضاحية بيروت الجنوبية أشارت الى تعميم جديد صادر عن الحزب الإيراني يحذر فيه الانصار من استعمال الموتسيكلات خارج نطاق الضاحية.
مصادر سياسية في بيروت تترقب الخطوة التالية لردة الفعل للثنائي والتيار العوني، بعد فشل جميع المحاولات لاحباط الثورة، ما يعني عمليا عزل سلاح الحزب على قوته، في حين اظهر التيار العوني عجزا مضاعفا.