قبل سنوات، كان توفيق كسبار أول من حذّر من خطورة « الهندسات المالية » الفاحشة الكلفة التي مارسها البنك المركزي في لبنان لصالح المصارف، والحكومات الفاسدة، ومن أموال المودعين! الآن ينبّه توفيق كسبار إلى أن استخدام تعبير « التهريب » لوصف ما يجري على الحدود اللبنانية-السورية خاطئ لأنه « يُخفي » سياسةَ دعم لبناني « رسمي » لنظام بشّار الأسد، من أموال المودعين مرة أخرى. ما يعني أن المسؤولين اللبنانيين يعرّضون أنفسهم، ولبنان، للعقوبات الأميركية على المتعاملين مع النظام السوري.
لماذا لا ينبغي استخدام تعبير « التهريب »؟ يجيب توفيق كسبار:
الكلام شبه يومي في كل وسائل الإعلام وبين الناس عن فداحة “تهريب” المواد الأساسية المدعومة وبشكل رئيسي إلى سوريا. وسائل الإعلام تنشر صورًا عن قوافل الشاحنات المحمّلة بمختلف السلع، بالأخص البنزين، على الحدود البرّية اللبنانية باتجاه سوريا. ولقد تجرّأ بعض المواطنين أحيانًا إيقاف بعض هذه الشاحنات وتفريغها، إنما من دون جدوى. أما السلطات المسؤولة من أمنية وجمركية فلا تفعل شيئًا.
حجم “التهريب” كبير بكل المعايير. فالمواد المدعومة تضمّ مواد أساسية، أبرزها المحروقات (بنزين، مازوت، غاز، …)، والأدوية، والطحين. وقيمة هذا الدعم، الذي يُدفع من احتياطات مصرف لبنان بالدولار، 5.2 مليار دولار سنويًا وفقًا لمصادر رسميّة، علمًا أنّ تمويل هذا الدعم يأتي في نهاية المطاف من أموال المودعين بالعملات الأجنبيّة لدى المصارف. وتُقدّر قيمة المواد “المهرّبة” إلى سوريا بما لا يقلّ عن 2 مليار دولار سنويًّا!
المسألة ليست مسألة “تهريب” مواد مدعومة بل مسألة سياسة واضحة تنفّذها السلطة اللبنانية الحالية، وعرّابها حزب الله، هي سياسة تهدف إلى دعم نظام بشّار الأسد كحليف في جبهة الممانعة التي تترأسها إيران. لذلك لا يجوز الكلام عن “تهريب”، بل إن ما نشاهده يوميًّا ليس سوى الترجمة العملية لسياسة رسمية بدعم نظام بشّار الأسد من أموال اللبنانيين بالعملات الأجنبية والتي تتضاءل يوميًّا بفعل هذه السياسة.
وبالفعل، منذ أسابيع أشار الشيخ صادق النابلسي المقرّب من حزب الله في حلقة تلفزيونية إلى ما معناه أن ما يُسمّى تهريب مواد مدعومة إلى سوريا هو عمل مقاوم ضروري لا غبار عليه إذ يدعم نظامًا ركنًا في جبهة الممانعة. أما السلطات اللبنانية بكافة أركانها فلا تزال تتفرج على قوافل “التهريب” اليومية.