(بعد نشر هذا المقال، أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية أن “علي رضا أكبري” لم يشغل منصب نائب وزير الدفاع أبدًا، وإنما شغل منصب رئيس “مكتب دراسات الدفاع”!)
*
دور روسي في اتهام “أكبري” وإعدامه؟
التيار المتشدد، بقيادة رئيسي، يريد للورقة الأمنية أن تكون السلاح الأوحد لمعالجة الصراع الداخلي، ويبدو شمخاني وآخرون ضد ذلك..
كشفت أسرة علي رضا أكبري، الإيراني-البريطاني الذي أعدمته السلطات الإيرانية منذ أيام، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس،تفاصيل جديدة حول كواليس استدعائه ومحاكمته ثم إعدامه.
وكان أكبري مستشارا لعلي شمخاني عندما كان الأخير وزيرا للدفاع في دورتين في عهد محمد خاتمي (1997-2005) وخلال الأعوام 2005 إلى 2007. ويشغل علي شمخاني (المتحدر من أسرة عربية) حالياً منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران.
وقال مهدي أكبري، شقيق علي رضا أكبري، لـ”بي بي سي فارسي”، إن شقيقه عاد إلى إيران في يوليو 2019 بدعوة من علي شمخاني، ومنذ البداية فقد وُضع تحت المظلة الأمنية لوزارة الاستخبارات، وتم استجوابه في مقرات سرية مختلفة تابعة لوزارة الاستخبارات.
ولم تقدم أسرة أكبري والمسؤولون الإيرانيون أي معلومات عن ظروف اعتقاله والاتهامات التي وجهت إليه خلال السنوات الثلاث الماضية.
وبعد مغادرته إيران والسفر إلى النمسا وإسبانيا وفي النهاية إلى بريطانيا، بدأ نشاطه الاقتصادي هناك، وعاش أكثر من عقد في بريطانيا، وحصل على الجنسية المزدوجة.
واعتقل في عام 2019 بتهمة التجسس وإفشاء معلومات مهمة، وحوكم أمام القاضي صلواتي في الفرع 15 لمحكمة الثورة، وحكم عليه بالإعدام، وبعد رفضه الحكم استأنف الحكم، وأعيد النظر في القضية في المحكمة العليا التي أيدت الحكم الأصلي وحكم الإعدام ضد علي رضا أكبري.
وكان المركز الإعلامي للقضاء الإيراني قد أعلن السبت 14 يناير، أن حكم الإعدام الصادر بحق أكبري تم تنفيذه “بتهمة الإفساد في الأرض والتحرك واسع النطاق ضد الأمن الداخلي والخارجي للبلاد من خلال التجسس لصالح أجهزة استخبارات الحكومة البريطانية”.
وقال أكبري في تسجيل صوتي مسرب من داخل السجن، نشرته “إيران إنترناشيونال” يوم الجمعة: “بعد أكثر من 3500 ساعة من التعذيب والعقاقير المخدرة وأساليب فسيولوجية ونفسية أخرى، سلبوا مني إرادتي. لقد دفعوني إلى حافة الجنون.. غرسوا في داخلي ما يريدون وأجبروني على الإدلاء باعترافات كاذبة وفاسدة بقوة السلاح والتهديد بالقتل”.
وأكد أكبري أن عناصر الأمن وعدوه بالحرية مقابل الاعترافات القسرية، وقالوا إنه إذا قاوم سيرسلونه إلى زنازين سجن إيفين المحصنة، حيث “يستخدمون السياط في تلك الزنازين”.
وفي غضون ذلك، قدم مصدر مقرب من الحرس الثوري الإيراني ملفات ووثائق إلى “إيران إنترناشيونال” تظهر أن حكم الإعدام الصادر بحق أكبري بتهمة “التجسس”، جاء إثر خلافات داخل الحرس الثوري وجهاز الأمن الإيراني لإزاحة شمخاني من دائرة السلطة.
وتعتقد زوجته أنه التقى مسؤولين بريطانيين قبل 10 أو 12 سنة في إطار المهام الموكلة إليه من قبل النظام في إيران، وتقول زوجته إن الوثائق المرفوعة ضده أعطتها روسيا لإيران.
ونشرت إذاعة “بي بي سي فارسي” ملفا صوتيا له ينفي فيه التهم الأمنية ضده، ويقول إنه لا يوجد أي دليل ضده، ويضيف: “اعتُبر إهداء زجاجة عطر وقميص من قبلي لعلي شمخاني بغية تلقي معلومات منه، بأنه دليل على التجسس”! كما يقول في الملف الصوتي: “إذا أعطى سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي معلومات عن الدولة مقابل زجاجة عطر، فلماذا لا يتم استدعاؤه؟”.
من يخلف شمخاني؟
والجمعة، تناقلت شبكات تابعة لـ”الحرس الثوري” على “تليغرام” معلومات عن إقالة شمخاني لكن موقع “نور نيوز” الناطق باسم المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، نفى صحة تلك المعلومات، موضحاً أنه “لم يُتخذ قرار من هذا النوع”.
وذكرت قناة «صابرين نيوز»، من القنوات التابعة لـ”الحرس الثوري”، أن شمخاني ستجري إقالته، وأشارت إلى مرشحين من الجنرالات في “الحرس الثوري” لتولي المنصب. وقالت إن وزير الداخلية أحمد وحيدي أحد المرشحين لتولي المنصب، بالإضافة إلى مصطفى محمد نجار الذي تولى منصب وزير الدفاع ووزير الداخلية في حكومة محمود أحمدي نجاد، بالإضافة إلى الجنرال غلام علي رشيد رئيس غرفة العلميات المشتركة في هيئة الأركان المسلحة.
وكتب موقع “نور نیوز” أنه “من المؤسف، أن الإعلان عن توقيف وإدانة علي رضا أكبري أتاح فرصة لبعض الأشخاص غير المسؤولين لخلق موضوعات جديدة لإثارة الخلافات وتكثيفها في البلاد من خلال نشر أخبار كاذبة ومنحازة، وبهذه الطريقة يسعون وراء أهدافهم غير الوطنية”.
وألقى الموقع باللوم على “أشخاص ألحقوا أضراراً مختلفة بالنظام بسلوكهم وتصريحاتهم المتشددة”، وأضاف: “هذه المرة أيضاً يواصلون نهجهم الذي يسبب التفرقة، وينشرون أخباراً كاذبة وموجهة تضر الوحدة الوطنية”، وأضاف: “هؤلاء في فترات مختلفة يستغلون الرأي العام في الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، دون تحمل أدنى مسؤولية أخلاقية. يقومون بدور جماعات الضغط لمواصلة أهدافهم السياسية والحزبية”.
ولوّح الموقع بالرد على هؤلاء، وكتب: “في هذا المجال هناك كثير من الأشياء المهمة التي ستقال في الوقت المناسب”.
ونشر موقع “رجاء نيوز” الناطق باسم جماعة “بايداري” المتشددة، مقتطفات من مقال سابق كتبه “أكبري” في موقع “دبلوماسي إيراني”، أثناء تشكيل حكومة حسن روحاني، ويتحدث المقال عن ضرورة الإبقاء على شمخاني في منصبه.
وكان النائب السابق المتشدد حميد رضا رسايي، وأبرز وجوه جماعة “بايداري”، قد دعا الشهر الماضي إلى تغيير شمخاني، بالإضافة إلى رئيس اللجنة العليا للثورة الثقافية، ورئيس لجنة الإشراف على الإنترنت، معتبراً هؤلاء من بقايا حكومة روحاني.
وقال الناشط والمحلل السياسي الإصلاحي أحمد زيد آبادي في قناته على “تليغرام”، إنه قد رجح تغيير إقالة شمخاني من منصبه بعد ظهور قضية أكبري.