قال رئيس السلطة القضائية في إيران إن عدم الالتزام بارتداء الحجاب، هو سلوك معاد لنظام الجمهورية الإسلامية وللقيم التي يتبناها النظام. وأنه، كذلك، مثال على انتهاك الحياء وانتهاك مبادئ الشريعة والقانون، مؤكدا أن من يرتكب مثل هذا السلوك الشاذ سيُعاقب.
معروف أن العديد من النساء غير المحجبات في إيران يؤيدن النظام الإسلامي ويشاركن في الكثير من المناسبات الرسمية وكذلك في التظاهرات التي ينظمها النظام، كالمشاركة في تظاهرات ذكرى انتصار الثورة. لذا اعتبر مراقبون أن رئيس السلطة القضائية أخطأ في تصريحاته. فعدم الالتزام بارتداء الحجاب هو سلوك مخالف للقانون، لكن صاحبة هذا السلوك ليست بالضرورة معادية للنظام ولقيمه. إضافة إلى أن هذا السلوك أو هذا الحق (حق المرأة في عدم الالتزام بارتداء الحجاب) لا علاقة له بأصول الدين ومبادئ الشريعة لكي يتم اتهام من لا تلتزم بذلك بأنها انتهكت هذه الأصول والمبادئ.
استُمِدّ المحور القانوني لفرض الحجاب في إيران، من قانون صدر عن مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في السنة الثامنة من انتصار الثورة الإسلامية، أي في عام 1987. وجاء في هذا القانون: “سيتم معاقبة بائعي الملابس التي يكون استخدامها في الأماكن العامة مخالفا للشريعة أو مسيئا للحياء العام“.
فبعد 10 سنوات على إقرار القانون الفائت، صدر قانون خاص يجرّم المرأة التي لا تتقيّد بالحجاب الإجباري، ورفع مجلس الشورى عقوبة مخالفته إلى السجن.
أما في الوقت الراهن، فإن الجانب القانوني لجريمة عدم التزام المرأة بالحجاب مرتبط بالمادة 638 من “قانون العقوبات الإسلامي” والتي تقول: “النساء اللواتي يظهرن بدون حجاب في الشوارع وفي الأماكن العامة، سوف يعاقبن بالسجن من 10 أيام إلى شهرين، أو بغرامة مالية ما بين 50000 و500000 ريال”.
وعلى هذا الأساس القانوني، يعتقد مراقبون أن تصريحات رئيس السلطة القضائية لا أساس قانوني لها. فهي تعكس رأيا شخصيا. لكنها قد تعني أن أمرا سياسيا ثم قانونيا مشدّدا يتم التحضير له لإقراره.
فقبل أسابيع أو أشهر حينما كانت التظاهرات ضد الحجاب، وضد قضايا عديدة أخرى، في أوجها، سعى العديد من المسؤولين البارزين في إيران إلى التخفيف من لهجة تصريحاتهم تجاه الحجاب، لعل يساهم ذلك في تراجع الاحتجاجات وفي مغادرة المحتجين الشوارع. وبعد أن حدث ما أراده النظام واختفت التظاهرات إلى حد كبير، عاد المسؤولون ليؤكدوا مجددا على النبرة المتشددة تجاه عدم الالتزام بارتداء الحجاب. فتصريحات رئيس السلطة القضائية قد تشير إلى أن قوانين أمنية مشددة بشأن الحجاب يتم التحضير لإقرارها، تصب في خانة الدفاع عن الأمن القومي، في إشارة إلى أن أي خرق لهذه القوانين هو مثابة خرق للأمن السياسي والاجتماعي الداخلي. أي أن المسؤولين في الجمهورية الإسلامية بصدد تقوية الجبهة السياسية والقانونية الداخلية لمواجهة أي تحرك متوقع للشارع قد يهدد وجود النظام. لذا فإن أي خرق لقوانين الحجاب الجديدة المتوقع التحضير لها وإقرارها في القريب العاجل، هو بمثابة سلوك معاد للإسلام وللنظام. وكل التشدد المتوقع تجاه هذا الموضوع، مردّه خوف النظام مما قد يأتيه من تهديد وجودي من قبل الشارع الإيراني جراء سياساته الداخلية والخارجية بعد التظاهرات الكبيرة التي كان مقتل الشابة الكردية السنية مهسا أميني من قِبل “دوريّات الإرشاد” الشرارة الرئيسية لها.
لذا، هل نتوقع مشهدا جديدا من المواجهة بين النظام وبين الشعب الإيراني الرافض للقوانين الإسلامية المتشددة، إذا ما تم تشديد العقوبات الخاصة بالحجاب؟…
*كاتب كويتي
إقرأ أيضاً:
ممثل خامنئي: ما نخشاه هو التراجع عن “الحجاب الإجباري”