(الصورة: خامنئي و”المماليك”! وفيها الجواب على سؤال خليل علي حيدر!)
لماذا لا يدخل السيد علي الخامنئي بوابة تاريخ إيران بدلاً من أن يُقذف به خارجها ذات يوم قريب؟ ولماذا لا يحاول أن يكون «غورباتشوف» الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدلا من «تشاوتشيسكو» رومانيا؟ ولماذا لا يكثر من الحسنات وهو المريض الموشك على الرحيل بعد 43 عاماً من تبديد ثروات إيران وضياع مستقبل الملايين من شبابها وإخراجها عن سكة النهوض؟
جهاز القمع اليوم جريح ومتعطش للانتقام وتسوية الحساب مع المتظاهرين والمشاركين في المسيرات من الفتيات والشباب، ولا أحد من قادة إيران ومؤيدي ولاية الفقيه يسأل نفسه بعض الأسئلة البدهية مثل: لمَ لا يتمتع الإيرانيون بمثل ما نتمتع به جميعاً في المنطقة الخليجية؟ وإلى متى تستطيع هذه القيادة فرض هذه الدكتاتورية الدينية وهذا الاستبداد الممتد منذ أربعين سنة، وربما بأربعين جهاز قمع وأكثر من 400 ألف رجل دين ومعمم من المتسلطين على نواحي الحياة كلها؟! بل ما الحكمة في تبني القيادة الدينية في إيران كل هذه المدة وبإصرار لا معنى له «الحجاب الإجباري» وهذه الملابس الداكنة الكئيبة للنساء، والبدل الرثة مع منع حتى ربطات العنق للرجال؟ ومن أين أتى الولي الفقيه الأول بنظام الجمهورية بدلاً من الإمامة أو الخلافة مثلاً؟ وكيف تكون «جمهورية» وفيها كل هذا الموقف ضد المرأة «نصف الجمهور» والانتخابات فيها بلا حرية اختيار… للرجال والنساء؟
حتى إن استمر النظام بالقوة والتحالف مع روسيا والصين، فالواقع أن هذه الجمهورية بحاجة ماسة إلى مراجعة شاملة في دستورها وقوانينها وسياساتها بعد مضي كل هذه السنين على وضعها! وبخاصة في مجال احتكار الولي الفقيه القائد، لكل هذه السلطات التي لا تتماشى مع أي نظام جمهوري، في حين تنسجم كل الانسجام مع أي نظام دكتاتوري استبدادي، «بلا حساب أو كتاب»!
يحاول الدستور الإيراني حصر سلطات القائد المرشد أو الولي الفقيه في المادة (110) وهي إحدى عشرة سلطة لا تُبقي ولا تذر ولا تترك لأي معارض أو منتقد مسرباً، ومن هذه المواد التي يعرفها الكثيرون تعيين السياسات العامة والإشراف على تنفيذها، فهو إذاً يتحكم في المسار السياسي للدولة، وله حق الموافقة والرفض على كل الأمور وفي كل الأحوال، وبيد المرشد الموافقة والمعارضة على أي استفتاء عام، وبيده في المجال العسكري، بموجب هذه المادة الدستورية «القيادة العامة للقوات المسلحة»، و«إعلان الحرب والسلام»، كما أن المرشد هو المتحكم في تعيين وإقالة رئيس القيادة والقائد العام لقوات حرس الثورة والقيادات العليا للقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي، وكل قذيفة من أصغر رصاصة لأكبر صاروخ، فتأمل القوى النارية وكمية الأسلحة والبنادق والمدافع والصواريخ التي يتحكم فيها القائد المرشد.
وللمرشد قائد الثورة نفسه دستورياً حق تنصيب وعزل وقبول استقالة أعلى مسؤول عسكري وقضائي ورئيس الإذاعة والتلفزيون، فهو يتحكم الى جانب الحياة السياسية والعسكرية كذلك بالقضاء والإعلام والثقافة وبالجد والترفيه، ويعطيه الدستور حق تنظيم العلاقات بين السلطات الثلاث وحل مشكلات النظام التي لا يمكن حلها بالطرق العادية، والعفو أو التخفيف من عقوبات المحكوم عليهم كما يوضح الدستور.
ولعل أخطر ما للمرشد من سلطات التحكم في تنصيب رئيس الجمهورية بعد انتخابه من الشعب، كما ينبغي أن ينال ترشيح هذا الرئيس لموافقة المرشد المسبقة كذلك، وللمرشد أيضاً «حق عزل رئيس الجمهورية بعد صدور حكم المحكمة العليا»، ولكن القضاء والمحاكم بيد المرشد كذلك، كما ذكرنا، حيث يتحكم المرشد في «نصب وعزل وقبول استقالة كل من فقهاء مجلس صيانة الدستور وأعلى مسؤول في السلطة القضائية».
هل يمكن لنظام سياسي أن يعطي كل هذه السلطات لشخص لم يتم انتخابه رئيساً، وأن يضع رئيس الدولة المنتخب تحت رحمته فيثبته أو يقتلعه إن شاء؟ وهل تعطي أي جمهورية مثل هذا الولي الفقيه كل هذه السلطات الشمولية بلا حسيب أو رقيب وبلا مراعاة لمبدأ توازن القوى وتوزيع السلطات ودون التفات الى روح العصر وشرائح المجتمع، وتعتبر نفسها مع ذلك جمهورية بل رائدة وقدوة لدول العالم الإسلامي؟
لقد سرق الفقيه ثورة 1979 واحتكر الحكم أكثر من أربعين سنة، وها هو الشعب الإيراني يحاول منذ 80 يوماً استردادها! وسينجح!
بالمناسبة، هل هناك أي دراسة قانونية في المكتبة العربية للدستور الإسلامي الإيراني؟ وهل حاول القانونيون الخليجيون أو غيرهم إبداء رأي أو تسليط أضواء؟
الجريدة Kham