إثر الانقسام الجمهوري في المواقف تجاه أحداث دخول الكونغرس الأميركي، بعدما كان الموقف الجمهوري متماسكا وقريبا من التوحّد تجاه الاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية، هل يشكل الرئيس دونالد ترامب وأنصاره “الجدد” حزبا جديدا يتجاوز ما حدث من انقسام في المواقف؟
فلم يكد ترامب ينهي خطابه في أنصاره الذين حشدهم أمام البيت الأبيض في تجمع أطلق عليه “أنقذوا أميركا” حتى توجهت الحشود إلى مقر الكونغرس ملبية مناشدة ترامب لها بـ”وقف سرقة الانتخابات الرئاسية” ومترجمة قوله “لن نستسلم أبدا، ولن نتنازل، ولن نعترف بالهزيمة في الانتخابات”، وهو ما أفضى إلى اقتحام الكونغرس وحصول أحداث عنف وإطلاق نار.
أدى ذلك بترامب إلى دعوة أنصاره “للعودة إلى ديارهم، وإلى الالتزام بالسلام والقانون والنظام، وإلى تحقيق الأهداف سلميا”، كما دعا الكونغرس لمنع المصادقة على فوز الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن في الانتخابات الرئاسية، مجددا ادعاءاته بأن الانتخابات الرئاسية “سرقت” منه.
وكان مجلسا النواب والشيوخ قد علّقا جلسة التصديق المشتركة على فوز بايدن عقب اقتحام الكونغرس. وبعد السيطرة على الأوضاع استؤنف نشاط المجلسين وتم التصديق على فوز بايدن بأصوات المجمع الانتخابي ليصبح بذلك الرئيس المقبل للولايات المتحدة.
وسارع ترامب بعدها إلى نشر بيان قال فيه: « رغم أنني اختلف كليا مع نتيجة الانتخابات، والحقائق ظاهرة بالنسبة لي، مع ذلك سيكون هناك انتقال منظم للسلطة في 20 يناير الجاري”، معتبرا أن تسليم السلطة لبايدن “ينهي أعظم فترة رئاسية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية”، مؤكدا أن “هذه هي البداية فقط في قتالنا لإعادة أميركا إلى عظمتها”.
ويشير هذا البيان إلى نية الرئيس الأميركي المنتهية ولايته الاستمرار في حملته ضد نتائج الانتخابات، وإلى عزمه الدفاع عن مواقفه التي ربطها بمستقبل أميركا. وهذا يعني عدم توافقه في نظرته هذه مع العديد من رموز الحزب الجمهوري وعلى رأسهم نائبه « مايك بنس » الذي هاجمه ترامب بعدما رفض طلبه بمعارضة تثبيت فوز بايدن.
وهذا يعني أيضا أن ترامب قد يتوجه لتشكيل فريق (أو حزب) يستطيع أن يتناغم في السير معه في هذا الطريق، والذي ظهرت أحد ملامحه مبكرا من خلال مؤشرات اعلان ترشحه للإنتخابات الرئاسية في ٢٠٢٤.
وكانت موجة من الاستقالات ضربت إدارة ترامب في رد سريع على أحداث اقتحام الكونغرس. فاستقالت كبيرة موظفي السيدة الأميركية الأولى ستيفاني غريشام ونائبة السكرتير الصحفي سارة ماثيوز، كما تحدثت الأنباء عن نية مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين ونائبه ماثيو بوتينغر الاستقالة. ووفقا لوسائل إعلام أميركية، أصدر ترامب أوامره بمنع دخول مارك شورت كبير موظفي نائبه مايك بنس إلى البيت الأبيض.
وفي ظل التوقعات بتشكيل ترامب فريقه السياسي، أو حزبه، تقول صحيفة “نيويورك تايمز” إن حالة “السخط” التي تسود أوساط شريحة كبيرة من الناخبين الجمهوريين يمكن أن تدفع بهم نحو دعم مرشح ثالث من خارج الحزبين الجمهوري والديمقراطي من أجل ضمان عدم وصول ترامب إلى البيت الأبيض مجددا. وتضيف الصحيفة أن “فكرة إنشاء حزب ثالث إلى جانب الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة ليست مستبعدة اليوم في ظل حالة السخط التي تسود أوساط الجمهوريين على الإدارة الأميركية”.
وتقول الصحيفة إن هذه الفكرة مطروحة اليوم على طاولات مراكز الأبحاث وفي الأوساط الاجتماعية في واشنطن حيث يتساءل الجمهوريون الساخطون عمّا إذا كانوا يستطيعون إطلاق حزب جديد في حال تمكنوا من الإتيان بمرشح حقيقي قوي تماماً كما فعل الجمهوريون الأصليون في عام ١٩٨٠.
فهل يتحقق هذا الهدف، أم تدفع التطورات الجديدة بترامب لتأسيس فريق جديد يتبنى سياسات تتناغم وأهدافه؟..