شط اسكندرية يا شط الهوى
رحنا اسكندرية رمانا الهوى
يا دنيا هنية وليالي راضية
أحملها بعينيه شط إسكندرية
…
زوروني كل سنة مرة
حرام تنسوني بالمرة
…
كانت هذه اول أغاني سمعتها لفيروز حيث كانت تغنيها باللهجة المصرية: واذكر انني شاهدت فيلم بياع الخواتم (والمنتج عام ١٩٦٤) لم اكن افهم اللهجة اللبنانية (مثل معظم المصريين) ، لذلك نزل الفيلم مصر وتحته ترجمة من اللهجة اللبنانية الى اللغة العربية الفصحى!!
…
وعندما سمعت أغنية (حبيتك بالصيف …) لأول مرة وقعت في حب فيروز وكنت أعيش وقتها حالة حب في فصل الشتاء. لذلك سعدت ان فيروز لم تكتف بـ« حبيتك بالصيف » ولكنها اضافت « حبيتك بالشتي »! لذلك، اصبح حبي حبا شرعيا حسب قانون فيروز والعباقرة الرحابنة!
على فكرة انا اكتب هذا المقال وانا استمع الى فاصل من أغاني فيروز حيث تغني (يا قمر على دارتنا…)، وتغني أيضا (سألوني الناس عنك يا حبيبي).
واعتقد ان فيروز كانت احد الأسباب الرئيسية لوقوعي في حب تلك الفتاة في ذلك الشتاء، في منتصف السبعينيات! ويبدو انني عندما توقفت عن سماع أغاني فيروز، على أساس اني خلاص ضامن محبة فتاتي، فوجئت بان فتاتي قد تركتني بدون ابداء الأسباب بعد حب عميق في الصيف وفي الشتي وفي العيد الكبير والعيد الصغير وحتى رمضان لم نكن نتوقف عن الحب! هل تتخيل لو فيروز كانت تغني (حبيتك في رمضان … بعد التراويح)!! يبدو ان فتاتي احست بغريزتها الأنثوية انني قد توقفت عن سماع أغاني فيروز، فاعتقدت انني قد توقفت عن حبها،(والله مش قصدي … حرمت خلاص)! ولكني لا زلت احمل ذكريات جميلة لهذا الحب، وكلما سمعت فيروز اذكرها وخاصة اذا سمعت أغنية (حبيتك بالصيف).
…
وفي أواسط القرن العشرين (من عام ١٩٤٥ وحتى ١٩٧٠) استطاعت ام كلثوم ان توحد العالم العربي من المحيط الى الخليج ليلة الخميس الأول من كل شهر. كان ذلك اعجازاً، حيث كان العرب يلتصقون بجهاز الراديو لسماع هذا الصوت الأسطوري. وصوت ام كلثوم كان يبعث في نفسك الشعور بالقوة، والفخر، وهجر الحبيب:
هجرتك يمكن أنسى هواك . وأودع قلبك القاسي
وقلت اقدر في يوم أسلاك . وأفضي م الهوى كاسي
لقيت روحي في عز جفاك . بافكر فيك وانا ناسي
…
وعاوزنا نرجع زي زمان
قل للزمان ارجع يا زمان
…
انت فين والحب فين
انت عارف قبله معنى الحب ايه
…
لم تتمكن فيروز من توحيد العرب بالشكل الذي نجحت فيه ام كلثوم، ولكنها نجحت بالتأكيد في توحيد العشاق والمحبين العرب.. وإذا لم تحب سماع فيروز، فأستطيع ان أقول لك: « انت فين والحب فين؟ »
وبالرغم من ان فيروز لم تتمكن من توحيد العرب، فالأمل هو ان تتمكن في توحيد (لبنان)! فلا يوجد لبناني عاقل لا يحب فيروز، سواء كان مسلما سنيا او شيعيا او درزيا او مسيحيا مارونيا او كاثوليكيا او اورثوذكسيا، او حتى لو كان بلا ملة. فالكل يحب فيروز. وإذا كنت لبنانيا ولا تحب فيروز فسوف ابلغ عنك وزارة الداخلية لاسقاط الجنسية اللبنانية عنك!
لذلك انا مقتنع تماما ان هناك اجماعاً لبنانياً على حب فيروز. وهذا شيء نادر على ان يجمع اللبنانيون على الموافقة او على حب أي شيء سوى حبهم للحياة. فالشعب اللبناني من اكثر الشعوب التي رايتها محبة للحياة واستمتاعاً بالحياة.
لذلك انا مقتنع تماما بان ما يحدث في لبنان اليوم، هو شيء “غير لبناني” هو شيء دخيل على لبنان! بل ان جمال لبنان كان دائما في تنوع طوائفه مثل تنوع ألوان الطيف السبعة، وما حدث في الحرب الأهلية اللبنانية بين عام ١٩٧٥ وحتى عام١٩٩٠ كان حربا دخيلة على لبنان، وكان سببها الأساسي عناصر دخيلة على الشعب اللبناني. وذلك عندما قامت الميليشيات الفلسطينية باحتلال جنوب لبنان، وتكونت مقابلها ميليشيات مسيحية، وأوهمت الميليشيات الفلسطينية المسلمين بانها سوف يقوم بحمايتهم من الميليشيات المسيحية، كانت حقبة سوداء في تاريخ لبنان. ولكن لبنان، بفضل شعبه المحب للحياة والمحب لفيروز عاد (للحياة) من جديد.
وعندما خرجت العناصر الدخيلة من لبنان خلقت فراغا امنيا وعضويا، فقامت باستغلال هذا الفراغ عناصر دخيلة أخرى، ولا زالت موجودة بقوة حتى الان.
وأرجو ان لا أكون متشائما لتخيل ان هناك حربا أهلية لبنانية قادمة بسبب تلك العناصر الدخيلة التي قامت باحتلال جنوب لبنان وأصبحت دولة داخل الدولة ولها جيش أقوى من الجيش اللبناني! وأصبحت تلك العناصر الدخيلة المموّلة من خارج لبنان تتحكم في كل شيء داخل لبنانّ ولكني اثق في قدرة اللبنانيين على حب الحياة وحب فيروز، وسوف يقوم بلفظ الدخلاء وعودة بوتقة لبنان الجميلة والتي ينصهر داخلها كل الطوائف وكل ألوان الطيف،
وإذا لم تستطع فيروز إنقاذ لبنان بتوحيده مرة أخرى، فمن يستطيع؟