في ضوء مساعي وصلِ العراق في محيطه العربي وتحرّره من “القبضة” الإيرانية، وصل وفد سعودي رفيع المستوى برئاسة وزير التجارة ماجد القصبي إلى بغداد الثلاثاء لتفعيل وتنفيذ الاتفاقيات المنبثقة عن “مجلس الأعمال السعودي – العراقي” وتعزيز التواصل وفتح مجالات الاستثمار بين البلدين. ويرافق القصبي وفد كبير يتكون من 10 جهات حكومية ورجال أعمال يمثلون 22 شركة.
وأشاد بيان رئاسي عراقي “بعمق وتطور العلاقات الأخوية العراقية – السعودية، وحرص البلدين على تطوير التعاون والتنسيق الثنائي الوثيق، وتجسير العلاقة بين العراق ومجلس التعاون الخليجي”.
كما أكد البيان على “عراق آمن مستقر ذي سيادة وعلاقات راسخة مع عمقه العربي وجواره الإسلامي” باعتباره “المرتكز في ترسيخ الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة، والعمل المشترك من أجل إرساء السلام لشعوبها”.
ويُظهر البيان الرئاسي العراقي، أن بغداد باتت حريصة اليوم على الاقتراب أكثر فأكثر من محيطها العربي، وخاصة الخليجي، بما يعني سعيها للتحرر من “القبضة” الإيرانية، السياسية والاقتصادية والأمنية، بحيث لا يجعلها ذلك أسيرة لجهة على حساب جهة أو جهات أخرى. فالعراق، الذي يعاني الأمرّين من النفوذ الإيراني وبات شعبه يواجه مختلف آثار الخضوع لطهران، أصبح يطرق الأبواب العربية/الخليجية لمعالجة ذلك.
ويبدو أن الأفق الخليجي هو الأكثر قدرة على إيجاد العلاج، خاصة في ظل دور سعودي قيادي وفي إطار نفوذ الرياض السياسي في المنطقة، مما يجعل المملكة قادرة على لعب دور مهم. إضافة إلى إمكان طرح الرياض مشاريع استثمارية ضخمة قد تساهم في حلحلة مشاكل العراق الاقتصادية والمالية.
وفيما أكد المحلل السياسي السعودي سامي المرشد “حرص الرياض وبغداد على زيادة التنسيق بينهما، وفتح الآفاق الجديدة للتعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والتنمية”، أشار الكاتب والباحث السياسي السعودي سالم اليامي إلى أن العزلة التي فرضتها الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية للعراق تشهد حلقتها الأخيرة، موضحاً أن العلاقات الثنائية هي “تفاعل طبيعي بين البلدين الشقيقين، وتساعد بغداد في العودة إلى المحيط العربي”.
ورأي اليامي، في إشارة إلى الأحزاب والجماعات العراقية الموالية لإيران، أن الممارسات السلبية من بعض الكتل السياسية في العراق (تجاه التقارب بين بغداد والرياض) لم تؤثر في الداخل العراقي، الذي أصبح يعي جيدا أن العلاقات الثنائية هي لمصلحة وأمن واستقرار المنطقة العربية ككل. واعتبر أن “التنظيمات الحزبية والميليشياوية الموالية لإيران لا تريد تعافيا للعراق، لأنه سيخرجها من أراضيه مباشرة بعد ذلك، والميليشيات والأحزاب تتحدث بلسان إيران، وليس الشعب العراقي”.
وفيما قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي ظافر العاني إن “زيارة الوفد السعودي تؤكد جدية السياسات السعودية تجاه العراق وبأنها عازمة على المضي في تنمية آفاق التعاون التجاري والتنموي”، مشيرا إلى أن “العرب لم يضعوا حاجزا بينهم وبين العراق، بل أن تراكم السياسات العراقية الخاطئة جعلته يدور في فلك دول إقليمية مبتعدا عن اشقائه العرب”، قالت رئيسة الباحثين في “منتدى صنع السياسات” في لندن « رنا خالد: أن زيارة الوفد السعودي إلى العراق تؤكد أن الروابط والعلاقات بين البلدين “أقوى من مهاترات قوى الفوضى واللادولة التي تريد أن ترسم صورة مشوّهة عن واقع العراق وعمقه العربي”.