“الفيفا” و”الفساد” توأمان. كما ثبت من “مسرحية” الحظر الجائر على الرياضة الكويتية الذي فرضته “الفيفا” واللجنة الأولمبية الدولية ابتداء من مايو ٢٠١٥ وحتى ديسمبر ٢٠١٧! ولم تمرّ فترة خلت فيها “الفيفا نوسترا” (حسب تعبير مجلة سويسرية) من رئيس فاسد أو مسؤولين فاسدين. وظلّ مسؤولو “الفيفا” يعتبرون أنفسهم فوق المحاسبة إلى أن تدخلت “الإف بي أي” الأميركية لتعتقل أكثر من ٧ مسؤولين كبار في “الفيفا” أثناء مؤتمر انعقد في أفخم فندق قي زوريخ في ٢٧ مايو ٢٠١٥ ثم في ديسمبر ٢٠١٥.
سويس أنفو– بعد اجتماع عقدته لجنة برلمانية بارزة يوم 13 مايو الجاري في برن، أصبح من المحتمل ان يكون المدعي العام السويسري ميكائيل لاوبر أول مسؤول وطني رفيع المستوى يتعرض للعزل من منصبه بسبب طريقة تعامله مع تحقيق في قضية فساد تتعلق بالاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”. فيما يلي، خلفية المسألة وتسلسلها التاريخي.
وافقت لجنة قضائية برلمانية بالإجماع يوم الأربعاء 13 مايو الجاري على دعوة لاوبر للمثول أمامها يوم 20 مايو لاستجوابه ومن ثم تحديد ما إذا كان قد خالف القواعد أو كان مُهمِلاً بشكل فادح. وجاء ذلك على إثر التماسات تقدم بها عدد من البرلمانيين.
ومن الممكن أن تمثل جلسة الاستماع الحاسمة الأسبوع المقبل الخطوة الأولى نحو إجراءات عزل محتملة – فيما يُعتبر سابقة تاريخية – ضد المدعي الفدرالي.
ما هي الاتهامات الموجّهة للسيد لاوبر؟
تعرض النائب العام السويسري لانتقادات ويُواجه دعوات للاستقالة بسبب اتهامات بأن مكتبه أفسد محاكمات رفيعة المستوى تتعلق بكرة القدم الدولية.
في شهر أبريل الماضي، انتهت أول محاكمة تشهدها سويسرا بعد تحقيقات استمرت خمس سنوات حول قضايا فساد في مجال كرة القدم بدون إصدار أية أحكام. ففي الثامن والعشرين من أبريل 2020، انتهت فترة التقادم (ومدتها خمسة أعوام) لتأمين الإدانات ضد مسؤولين سابقين في الاتحاد الألماني لكرة القدم ومسؤول سويسري سابق في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا).
في حيثيات القضية، يُزعم أن المشتبه بهم الأربعة ضللوا السلطات بشأن دفع مبلغ عشرة ملايين فرنك على علاقة ببطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2006 التي استضافتها ألمانيا. وفيما نفى الرجال الأربعة ارتكاب أي مخالفات، دافع لاوبر عن طريقة معالجته للقضية التي أوقفتها المحكمة الجنائية الفدرالية في شهر أبريل الماضي وسط تعليمات حكومية للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا بتجنب الاتصال مع الآخرين إثر تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد.
ألم يكن المدعي العام محل إجراءات تأديبية مؤخرًا بسبب كيفية تعامله مع قضية الفيفا؟
في 4 مارس 2020، قالت هيئة إشراف مستقلة تعرف باسم “سلطة الرقابة على مكتب المدعي العام الفدرالي” إن لاوبر صرح مرارًا وتكرارًا بأكاذيب وخرق مدونة قواعد السلوك أثناء قيامه بإجراء التحقيق في قضية الفساد المزعوم المثارة حول الفيفا. وقالت الهيئة إنه قام بعقد اجتماعات غير موثقة مع مع جياني إينفانتينو، الأمين العام للاتحاد الدولي لكرة القدم أثناء سير التحقيق في قضية الفساد، وأنه أساء استخدام الموارد وحاول عرقلة تحقيق سلطة الرقابة في القضية.
كعقاب له، قامت “سلطة الرقابة على مكتب المدعي العام الفدرالي” بالتخفيض في راتب لاوبر الذي يُناهز 300 ألف فرنك بنسبة 8 ٪ لمدة عام واحد.
وفي العام الماضي، تم إبعاد لاوبر من المشاركة في التحقيقات المتعلقة بالفيفا من قبل المحكمة الجنائية الفدرالية.
ماذا يقول لاوبر عن كل هذا؟
دافع المدعي الفدرالي عن كيفية تعاطيه مع القضية. وفي تصريحات لوكالة رويترز للأنباء، قال مكتب المدعي العام إنه يأسف لأنه “لا يُمكن إجراء تقييم قضائي” في القضية المتعلقة بمسؤولي كرة القدم الأربعة.
من جهة أخرى، استأنف لاوبر أمام المحكمة الإدارية الفدرالية نتائج التحقيق التي توصلت إليها “سلطة الرقابة على مكتب المدعي العام الفدرالي” والقرار القاضي بخفض راتبه. وقال مكتب لاوبر إن القرار الصادر عن سلطة الرقابة “لا يشكل نتيجة حاسمة ويجب أن يخضع للمراجعة القضائية”.
في الأثناء، لم تصدر عن لاوبر أيّ تعليقات جديدة قبل الاجتماع الذي عقدته اللجنة البرلمانية يوم الأربعاء 13 مايو الجاري.
ماذا عن تفاصيل إجراءات العزل وتوقيتها؟
بما أن إجراءً من هذا القبيل سيمثل سابقة أولى، فإن اللجنة حريصة على التأكد من أن يتم القيام به “بشكل صحيح، يتجاوز إلقاء اللوم ويتولى حماية مؤسساتنا”، وفقا لأندريا كاروني، رئيس اللجنة البرلمانية المعنية بالشؤون القضائية. وسعيا منه لتوضيح بعض المسائل التمهيدية، دعا كاروني خبيرًا من المكتب الفدرالي للعدل وأستاذ قانون إلى حضور الاجتماع المقرر ليوم الأربعاء 20 مايو الجاري.
ومن المنتظر أن تقرر اللجنة الآن ما إذا كانت ستفتح إجراءات متابعة رسمية بعد جلسة الاستماع للسيد لاوبر في 20 مايو أم لا. أما بقية الجدول الزمني فيظل مفتوحًا على كل الاحتمالات.
ما الذي يُمكن أن يحدث؟
إذا وافقت اللجنة البرلمانية على المضي قدمًا في إجراءات العزل، فيجب المصادقة عليها من خلال تصويت من طرف غرفتي البرلمان (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) يتم إجراؤه في جلسة مشتركة. وفيما يود منتقدو لاوبر التسريع في الإجراءات وأن يقوم البرلمان بالتصويت خلال دورته الصيفية. مع ذلك، يفضل آخرون انتظار حكم الاستئناف الذي سيصدر عن المحكمة الإدارية الفدرالية بشأن النتائج التي توصلت إليها الهيئة الرقابية.
في شهر سبتمبر 2019، أعاد البرلمان انتخاب لاوبر لولاية ثالثة على الرغم من الجدل الذي استمر لأشهر حول طريقة تعامله مع التحقيقات بشأن الفساد في الفيفا. ويبقى السؤال الكبير مطروحا: هل يُمكن للسيد لاوبر أن يستمر في خوض المواجهة أم أنه سينسحب هذه المرة؟