بتأكيد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن بلاده ستنسحب من معاهدة منع الانتشار النووي إذا أحيل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، سنكون أمام سؤالين مهمّين:
ماذا يعني تهديد إيران بالانسحاب من المعاهدة، هل يعني أن الخطوة التالية لها هي إنشاء القنبلة النووية؟
وإذا أقدمت إيران على إنشاء القنبلة، ماذا سيكون مصير فتوى المرشد الإيراني بحرمة صناعة مثل ذلك؟
على الرغم من أن طهران “لم تغلق باب المفاوضات” في إطار جهود حل الخلاف المتعلق بالاتفاق النووي مع القوى العالمية، إلا أن فشل الجهود بين الطرفين قد يفضي إلى إقدام إيران على اتخاذ خطوة “متهورة”، حسب تعبير نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف. فهل يشير هذا التعبير إلى توقعات بإنشاء إيران القنبلة النووية؟
وبتفعيل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وهي من الدول الموقعة على الاتفاق النووي، آلية تسوية المنازعات بسبب ما وصفته بـ”انتهاكات إيرانية”، فإن تفعيل هذه الآلية، المنصوص عليها بالاتفاق، قد يؤدي لاتهام الدول الأوروبية الثلاث لإيران رسميا بانتهاك بنوده، وبالتالي قد يفضي إلى إعادة فرض العقوبات الدولية عليها.
وكان المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي أصدر فتوى في عام 2003 تحرم استخدام سلاح الدمار الشامل. وبعد عامين أعلنت الحكومة الإيرانية عن ذلك بشكل رسمي في اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا. ونشرت هذه الفتوى على الموقع الرسمي للمرشد. وعدّ الرئيس الإيراني حسن روحاني الفتوى أكبر ضمان لتحرك إيران في مسار التكنولوجيا النووية السلمية، في حين اعتبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الفتوى تشكل آلية جيدة للالتزام بالاتفاق النووي.
ويبدو أن الفتوى باتت اليوم في مواجهة مع التطورات السياسية والعسكرية المتعلقة بالصراع الإيراني الأمريكي، وبالذات مع تهديد طهران بالانسحاب من معاهدة الانتشار النووي، وهو ما قد يدعو المرشد إلى التنازل عن الفتوى بناء على ما تقتضيه المصلحة الإيرانية العليا، في ضوء أن العديد من الفتاوى تطلق بناء على موضوع المصلحة.
لذا سؤال المراقبين، في حال قررت إيران الإقدام على إنشاء قنبلة نووية، هو:
ما مدى قرب طهران من امتلاك القنبلة؟
حسب تقرير لوكالة “رويترز” للأنباء، فإن الانتهاكات الإيرانية للاتفاق قللت من الوقت المطلوب لامتلاك سلاح نووى قليلا لكن تقديرات ذلك تتفاوت حاليا. كما يعتقد العديد من الدبلوماسيين والخبراء فى المجال النووى إن التقديرات الأولية التى حددت تلك المدة بعام كانت متحفظة.
ويقول تقرير “رويترز”: أحجم دبلوماسى أوروبي، كان قد حدد الوقت اللازم لإيران لامتلاك سلاح نووى من قبل بأنه 12 شهرا، عن تقديم تقدير جديد لكنه قال إن الخطوات التى تتخذها إيران حاليا “لها تأثير خطير”. وأشار دبلوماسى آخر لبيان من وزير الخارجية الفرنسى قبل أيام قال فيه إن امتلاك إيران قنبلة نووية قد يستغرق ما بين عام وعامين لكن لم يتضح إن كان يقصد المواد المشعة اللازمة أم السلاح نفسه.
وقال ديفيد أولبرايت، وهو مفتش أسلحة سابق للأمم المتحدة وينتهج موقفا متشددا حيال إيران، لـ”رويترز” إن طهران يمكنها خلال ما بين خمسة وعشرة أشهر تكديس 900 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب لمستوى 4.5 بالمئة بالمعدل الحالى للإنتاج. وهذا الكم إذا خضع لمزيد من التخصيب قد ينتج 25 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب لمستوى تصنيع الأسلحة والمطلوب لقنبلة واحدة.
لذلك، أشارت إسرائيل هذا الأسبوع إلى إن إيران ستمتلك بنهاية 2020 القدر الكافي من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة ذرية. وأشار مسؤولون فيها أن الجمهورية الإسلامية تخصب ما بين 100 و180 كلغ من اليورانيوم شهريا بنسبة 4 بالمئة، ما سيسمح لها بإنتاج نحو 25 كيلوغراما من اليورانيوم العالي التخصيب، العتبة اللازمة لصنع سلاح نووي.
وحسب “رويترز”، تعتقد أجهزة المخابرات الأمريكية والوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران كان لديها فى وقت من الأوقات برنامج أسلحة نووية أوقفته فيما بعد. وهناك أدلة تشير إلى أن إيران حصلت على تصميم لسلاح نووى وقامت بأنشطة متنوعة متعلقة بتصنيع سلاح من هذا النوع. وقالت ثلاثة مصادر حكومية أمريكية إن خبراء من المخابرات الأمريكية يعتقدون أن إيران لم تبدِ بعد أى نية لتمزيق الاتفاق النووى بالكامل.