« الشفاف »- الكويت
يبدو أن الكويت تعودت على أن تعيش أزمة تسمى بأزمة “الحاكم المقبل” مع كل عارض صحي يتعرض له أمير البلاد أو بعد أن يتوفى.
ففي عام ٢٠٠٦ وبعد وفاة حاكم الكويت الثالث عشر والثالث بعد الاستقلال، الشيخ جابر الأحمد الصباح، نشبت أزمة “الحاكم المقبل” بعد رفض ولي العهد آنذاك الشيخ سعد العبدالله الصباح، والذي كانت أوضاعه الصحية متردية، التنازل عن الحكم، استنادا إلى العرف السائد في أن يصبح ولي العهد أميرا للبلاد محل الأمير المتوفى.
وقد أدت هذه الأزمة إلى تفعيل المادة الثالثة من قانون توارث الإمارة من قبل مجلس الوزراء، وأدت إلى تنحية “الأمير” سعد العبد الله عن الحكم وتزكية “الأمير” صباح الأحمد من قبل مجلس الوزراء ومبايعته حاكما للبلاد من قبل مجلس الأمة.
وفي العارض الصحي الراهن الذي تعرض له الأمير الشيخ صباح الأحمد (٩١ عاما) في منتصف يوليو الماضي، تصاعد الحديث مجددا عن الشخص الذي سيليه في الحكم ويصبح أميرا للبلاد في ظل الأنباء التي تحدثت عن مرض ولي العهد الحالي الشيخ نواف الأحمد الصباح وكبر سنه.
وقد تعرض الشيخ صباح الأحمد لانتكاسة صحية في منتصف يوليو الماضي، نُقل على أثرها إلى أحد المستشفيات حيث أجريت له عملية جراحية وصفت بـ”الناحجة” حسب وزير الديوان الأميري الشيخ علي الجراح. لكن بعد أيام قليلة قررت السلطات الكويتية نقل الأمير إلى الولايات المتحدة لمتابعة حالته الصحية التي وُصفت حتى كتابة هذا التقرير بـ”المستقرة”.
نواف الأحمد
ورغم الأنباء بشأن صحة الشيخ نواف الأحمد وكبر سنه، إلا أنه يظل من أبرز المرشحين لتولي مهمة حاكم البلاد القادم. فهو ولي عهد الكويت منذ فبراير ٢٠٠٦، والابن السادس لأمير الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر الصباح، وتولى عدة مناصب وزارية خلال مسيرته السياسية قبل تقلده ولاية العهد، منها الداخلية والدفاع والشؤون الاجتماعية، ومنصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.
والشيخ نواف الأحمد من مواليد ١٩٣٧ ويبلغ من العمر ٨٣ عاما وخضع لعدة عمليات جراحية ورحلات علاج داخل وخارج البلاد، لذلك يمكن أن تحول اعتبارات السن والمرض، بينه وبين حكم البلاد.
ناصر صباح الأحمد
هو الابن الأكبر للأمير الحالي، وقد تصدر المشهد السياسي في البلاد خلال الأعوام القليلة الماضية بتسلمه وزارة الدفاع في ٢٠١٧ إلى جانب منصب نائب رئيس مجلس الوزراء.
ويتصدر ناصر الصباح (٧٢ عاما) المرشحين لخلافة والده، وهو يقود مشروع “رؤية الكويت ٢٠٣٥” الذي يستهدف بناء اقتصاد كويتي متعدد الموارد ينهض بالبلاد خلال مرحلة ما بعد النفط.
ويعد الأمير المرتقب بقيادة البلاد نحو وقف الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيسي للبلاد وبناء مدينة اقتصادية شمالي الكويت، تعرف باسم مدينة الحرير، إضافة إلى مشروع تطوير ٥ جزر كويتية وجعلها وجهة سياحية.
وزادت أسهم الشيخ ناصر الصباح في الشارع الكويتي بعد تفجيره قضية فساد كبيرة بشأن الاستيلاء على نحو ٨٠٠ مليون دولار من صندوق لمساعدة العسكريين وهي القضية المسماة بـ”صندوق الجيش”، قبل توليه منصب وزير الدفاع، وهو ما عجل باستقالة حكومة البلاد في نوفمبر الماضي.
لكن قيام أمير البلاد بإقالة نجله من منصبه أثار الشكوك حول مستقبله السياسي، وبات لا يشغل حاليا سوى منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط، وسط ترجيحات بأن كلمة القضاء في قضية “صندوق الجيش” ستعزز صورته كمسؤول مناهض للفساد، وقد تدفع به مستقبلا لولاية العهد، ومنها إلى سدة الحكم.
احمد الفهد الصباح
يعتبر الشيخ أحمد الفهد الصباح أحد المرشحين لاستلام منصب حاكم البلاد باعتباره وريثا لوالده الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح التي قتل أثناء الغزو العراقي للكويت عام ١٩٩٠. ويتمتع الشيخ أحمة الفهد (٥٦ عاما) بنفوذ واسع في عالم الرياضة على المستويين الدولي والقاري، وهو رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي ورئيس الاتحاد الآسيوي لكرة اليد. ويُعتَبَر المُتَسَبِّب بفرض حظر على الرياضة الكويتية لعدة سنوات.
قبل سنوات، واجه الشيخ أحمد الفهد اتهامات بالفساد من قبل الادعاء السويسري، وكذلك اتهامات بالفساد من قبل البرلمان الكويتي. وتولى في السابق وزارات النفط والطاقة والإعلام والصحة، وكان رئيسا لجهاز الأمن الوطني ونائبا لرئيس الوزراء وأمينا عاما لمنظمة “أوبك”.
ويقول مراقبون إن صراعاته الشخصية التي خاضها داخل وخارج البلاد، والجدل الذي يثيره دوما بأحقيته في الحكم، هي أمور تجعل فرصه محدودة لتولي السلطة.
محمد صباح السالم
يعد الشيخ محمد صباح السالم الصباح مرشح جناح السالم الأول لمنصب ولاية العهد، وهو نائب رئيس مجلس الوزراء سابقا، وتولى عدة مناصب وزارية في السابق، أبرزها الخارجية والنفط والمالية والتخطيط.
ويحظى الشيخ محمد الصباح (٦٤ عاما) بالقبول، بعد أن استقال من الحكومة أواخر ٢٠١١ احتجاجا على فشل الحكومة في مواجهة الفساد. لكن في ضوء تراجع نفوذ جناح السالم مقابل تمدد جناح الجابر في أروقة السلطة، والغياب اللافت للشيخ محمد عن المشهد السياسي، فإن فرصه تتضاءل في الوصول إلى سدة الحكم.
وينص الدستور الكويتي، في المادة (١) من قانون توارث الإمارة، على أن “الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح” الذي حكم الكويت من ١٨٩٦ إلى ١٩١٥، لكن طريقة انتقال الحكم لم تحدد بشكل واضح، ما يجعل ترتيب بيت الحكم أحد التحديات الكبرى التي تواجه الأسرة الحاكمة في الكويت.
ويقول الكاتب بوبي غوش، في مقالة له على موقع “بلومبيرغ” الأمريكي، إنه لا يتوقع أن يمر موضوع انتقال الحكم الراهن، إذا ما توفى الأمير الحالي، “بسلاسة”، نظرا للصراع على السلطة بين جناحي الجابر والسالم.
وحسب التقارير فإن العائلتين كانتا تتناوبان على الحكم، إلا أن الأمير الحالي الشيخ صباح الأحمد كسر التقاليد بتعيين الشيخ نواف الأحمد الذي ينتمي لجناح الجابر، وليا للعهد كي يخلفه.
لكن، ما قد يميز التجربة الكويتية، هو دور مجلس الأمة الكويتي في تنصيب الحاكم القادم، مثل ما حدث مع صعود الأمير الحالي إلى السلطة في ٢٠٠٦.