يوم ٣٠ ديسمبر ٢٠٢١ استيقظت صباحا وشعرت بجفاف في الحلق و“خشخشة” في الصدر ولم أبالِ كثيرا وذهبت الى مكتبي كالعادة، ولكني في منتصف النهار شعرت بأن خشخشة الصدر قد ازدادت، لذلك فضلت ترك المكتب والعودة الى البيت!
وبمجرد عودتي للبيت قررت ان اعزل نفسي في غرفة بعيدة تحسبا لاحتمال ان أكون قد أصابني المتحور الجديد لفيروس الكوفيد ١٩ (الاميكرون). وبدأت الدخول على الانترنت لمحاولة حجز موعد لعمل اختبار الكوفيد ١، ولكن للأسف نظرا لزيادة أعداد المصابين المذهلة والتي جاءت في موسم أمراض البرد والزكام العادية، حيث ان كل من أصيب بوعكة برد افترض ان لديه كوفيد ١٩، لذلك هرع الجميع لعمل الاختبار وانا واحد من هؤلاء. ولم أجد موعدا لعمل الاختبار سوى يوم ٣ يناير بعد الظهر. وذهبت في الموعد المقرر، وكان التنظيم جيد جدا، ولم يستغرق الاختبار اكثر من ثلاث دقائق. وعندما أدخلت المسحة الى فتحة انفي الثانية جائتني نوبة عطس رهيبة كادت تطيح بالمسحة وأنبوبة الاختبار ولكن « ربنا سلم »! ولكني فوجئت بمن ورائي في الطابور قد هرولوا مبتعدين خوفا من هول العطسة!
ورجعت البيت، وتلك كانت اول وآخر مرة اخرج فيها خلال أسبوعين، وانتظرت نتيجة الاختبار لأكثر من ٤٨ ساعة.
وخلال تلك الفترة كنت في غاية القلق، وقد زادت الأعراض قليلا فارتفعت درجة حرارتي لمدة يومين وازداد الزكام وزادت خشخشة الصدر والتهاب الخلق، وأخذت “أبلبع” كل ما تتخيله ولا تتخيله من أدوية البرد وفيتامين سي و دي والزنك. علاوة طبعا على الليمون والعسل وكل الوصفات البلدية والقروية. وأصبحت معدتي اشبه بصيدلية متنقلة، وكان كل أملي الا اضطر للذهاب للمستشفى. والحمد لله استجاب الله لرجائي، ولم اذهب للمستشفى.
وعندما جاءت نتيجة الاختبار إيجابية وثبت اني مصاب بالكوفيد ١٩ لم أفاجأ بالطبع، بل ولم أنزعج! بالعكس انبسطت، وقلت لنفسي: أخيرا حالة الرعب التي لازمتي من الكورونا طوال العامين الماضيين انتهت، وأصبحت من رجال الكورونا! وعلى رأي استاذنا نجيب محفوظ عندما قال أن :”الخوف من الموت لا يمنع الموت ولكنه يمنع الحياة“! الان فقط أستطيع ان احيا حياة طبيعية بدون الرعب من الكورونا. والمحصلة الان اني قد أخذت جرعتين لقاح مودرنا الأمريكي علاوة على الجرعة المنشطة، وأيضا أصبت بفيروس الكورونا، يعني بصريح العبارة، ما فيش أي احد له أي كلام معي ولا أجعص طبيب له كلام معايا.
والحمد لله باني في أواخر المرض، وقد ارجع لمكتبي خلال يومين. ولكن هذه التجربة اثبتت لي أهمية اخذ اللقاح، لان احد الأصدقاء الرافضين لأخذ اللقاح قال لي: ايه فايدة اللقاح، اهو المرض اصابك برغم اللقاح? وكانت إجابتي أنه لولا اني “متلقح” بالمودرنا لكان زماني الان “متلقح” في غرفة العناية المركزة بإحدى المستشفيات! والله اعلم ان ذلك كان سيكون امر منها او أن الكوفيد ١٩ كان يقضي على حياتي، كما حدث لاحد أصدقائي الأعزاء الذي فقدته العام الماضي بعد معاناة شهور في العناية المركزة.
لذلك يا عزيزي خذ اللقاح فورا قبل ان يأخذك المرض من اسرتك وأحبابك،
…
وفي اثناء المرض لا تفكر لا في مال ولا جاه ولا جنس ولا أي شيء سوى التمني بالشفاء بأسرع ما يمكن. أحيانا تتمنى ان تتكلم مع أحبابك وأصدقائك لكي يخففوا عنك بعض الألم، وتشعر انهم حقا يشاركونك المعاناه، ويتمنون لك من خالص قلوبهم الشفاء العاجل. وفي نفس الوقت تجد ان بعض الناس من كنت تعتقد انهم أصدقاء او شركاء في العمل، لا يسألون عنك أبدا، ويبدو انهم يخافون من العدوى ولو عن طريق التليفون!
ولأول مرة يمكن في حياتي امكث في البيت أسبوعين بسبب المرض. وقدرت مرة أخرى أهمية الصحة. وعندما أتذكر قريبا لي توفى منذ فترة بسيطة بعد ان قضى ١٤ عاما في كرسي متحرك، لا يستطيع الحركة او الكلام، ولا يستطيع ان يأكل بنفسه او يستحم بنفسه، أية حياة تلك؟ الموت أرحم كثيرا! وبالفعل لقد شعرت بالراحة له عندما علمت بوفاته، وبالراحة أيضا لاهله حيث كان عبئا كبيرا على الجميع، واني أدعو من كل قلبي الا أكون عبئا على أي احد قريبا ام بعيدا.
وفي النهاية اني سعيد لاني قد انتصرت على الكوفيد ١٩ بفضل العلم والعلماء. وعقبال عندكم جميعا لما تيجي لكم الكورونا بس تكون خفيفة بشرط تكون أخذتم اللقاح!
الحمد لله على سلامتك وعلى خروجك من محنة الكورونا سليما ومعافا. لقد إنكتب لك عمرا جديداً يا سيد سامي البحيري، وعليه إذا كنت من الذين يحتفلون بعيد الميلاد الشخصي كل سنة، فإن سنة ٢٠٢٢ سوف تكون سنة رقم (١) في عمرك الجديد. كل سنة وأنت بخير صحة وعافية.