ينشط هذه الأيام تدوير التاريخ والجغرافيا مع إغفال لمبدأ الفرز من المصدر. ما يهم ان تبقى عملية التدوير بيد مختار المخاتير، الذي لا يطمر أي تفصيل، لينبش مصرّاً على الاستنسابية في تقنية المحارق وغازاتها الطائفية المشحونة بالتجييش، فيما الآخرون تحت الصدمة… مع تهديدهم بـ”كراكون وهيصة وحراس” ومجلس عدلي على قياس المشروع المضمر/المعلن.. والا، لا جلسة لمجلس الوزراء و”تاري في محاكم في محكوم وحاكم”.. وتعتير على مساحة القرى والدساكر تخترقها المواكب وتخلف نفاياتها المستعصية على المعالجة.
ومختار المخاتير يحسب أنه جبل لا تهزه الريح.. مفتوحة شهيته على آخرها ومنتفخة أنّاه حتى الانفجار ومغتبط بأنه مالئ الدنيا وشاغل الناس حتى إشعار آخر… وهو لا يلام… أي نشوة هذه يكرسها احتلاله مساحات الاعلام والتواصل الاجتماعي شتماً ام مدحاً؟ أي امتلاء مخيف… ومخيف أكثر منه ما قد يحدثه فراغ صغير يتسلل الى هذا التورم الفاضح والفادح.
لكنه لا يراهن على هذا الفراغ. فهو مقتنع انه عليم بالامور، وشاطر باستغلال علم النفس والاجتماع لإرساء أرضية تَخاطُبٍ حيث يتحكم الأداء الطائفي الغرائزي بمفاصل اللعبة التي يلعبها “صح” من خلال التجييش على الجبهات كلها وتحريك الغرائز المكبوتة الرافضة الآخر والخائفة منه. يستثمر في السمات السلبية للنفس البشرية من عنصرية وكراهية لتحقيق المكاسب الضيقة والواسعة.
لكن الأنا المتورمة على طموحها وهيجانها لا تلغي ان جنابه يتحرك وفق خطة يطبقها بحذافيرها بما يخدم الأجندة البعيدة المدى. ويبدو عالماً بما يفعل.
بمعنى أدق يبدو وكأنه يتجول حاملاً دفتر شروط يطبق بنوده بالتزام حتى لا يفرط العقد المفترض ان يؤدي الى شلل تام للدولة ومرافقها مع تعطيل قد تطول مدته او تقصر، وبالتزامه هذا قطع “شرش الحياء” الذي لطالما حمى الصيغة اللبنانية الهشة وصانها وحال دون الإعلان الرسمي لموتها.
لذا لا يتوقف عند رد فعل من يكتسح حيثياتهم وحضورهم وكأنه يسخر من قصورهم عن مواجهة استفزازاته في حين يبقي الآخرين في حالة ترقب على أمل ان تتغير الظروف الإقليمية وتنقلب المعادلات ويسقط المحور الممانع فتنكسر أذرعه.. والا الرضوخ والصمت وتجنب المواجهات.
واضح انه ينفذ المطلوب ليصل الى المطلوب… هاكم الثمن المحدد مع زودة البائع على ان يحمل موسم الحصاد الغلة المأمولة. و..”يصطفلوا شو ما صار يصير وخلي هالزير بهالبير آه يا مختار المخاتير”…