(الصورة: لقاء « الخيمة »، على خط الحدود اللبنانية-السورية، بين الرئيس فؤاد شهاب ورئيس الجمهورية العربية المتحدة جمال عبد الناصر، بحضور الحاج حسين العويني وأكرم الحوراني والسرّاج. في حينه، لم يقبل « الجنرال » فؤاد شهاب اقتراحاً سورياً بأن يتقدّم لملاقاة جمال عبد الناصر عند نزوله من الهليكوبتر. كان جواب فؤاد شهاب أنه، هو، « جنرال » وعبد الناصر.. « عقيد »! ليس كل جنرال.. « جنرال »!)
*
طلب كاتب هذا النص من « الشفاف » عدم ذكر إسمه بحكم موقعه في لبنان!
البيان الصادر عن نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس في 23/11/2020 بمناسبة ذكرى الاستقلال- ولا نقول « عيد الاستقلال » – هو مؤشر لمدى الانحطاط في ادراك معنى “دولة” في لبنان، وفي إدراك معنى « السيادة » و »الاستقلال ».
لقد تحولت هذه البديهيات المبدئية الى شعارات اجترارية.
ورد في بيان نقابتي المحامين خمس مرات تعبير “دولة”. وورد تعبير “دولة” ثماني عشرة مرة في خطاب نقيب المحامين في بيروت مع ربطه بإصلاحات دستورية وسياسية.
لكن عن أي “دولة” يتحدث أصحاب البيان في نقابة المحامين في بيروت؟ عن الدولة “الرسمية” أو عن “الدولة” الموازية في لبنان التي لها جيشها ودبلوماسيتها الخاصة؟
ما معنى دولة؟
تتمتع الدولة بأربع مواصفات مُسماة « ملكية » (droits régaliens (rex, regis, roi وهي: احتكار القوة المنظّمة أي جيش واحد لا جيشان، واحتكار العلاقات الدبلوماسية، وصلاحية فرض الضرائب وجبايتها، وبناء السياسة العامة.
لا يستقيم أي اصلاح سياسي ودستوري بدون سيادة، حتى لو كان ذلك في أرقى البلدان، في سويسرا أو المانيا أو فرنسا أو الدانمارك…
في لبنان دولتان وجيشان ودبلوماسيتان!
إلى أي دولة يتوجه المجتمعون؟
هذا الانحراف نحو « مشاكل إصلاحية » هو تغطية للاحتلال واجترار “للوراقين” خلال سنوات الحروب 1975-1990. تغطية للاحتلال وتجاهل المعضلة الأساس وتعامٍ عن “فك الحصار عن الشرعية”. يُوفر ذلك البرَكة لسلطة حاكمة، حيث ان سبب المعضلة هو : الدستور والنظام!
هل يعرف المجتمعون انه في احد المؤلفات الحديثة ورد تعبير “دول من ورق” Etats de papier مُخترّقة السيادة بشأن ثلاث بلدان وهي سوريا والصومال ولبنان…؟
Bruno Tertrais et Delphine Papin, L’Atlas des frontières (Murs, conflits, migrations), Les Arènes, 2016, et Sciences humaines, no spécial, mai 2020, pp. 18-23, p. 21
لا تتحمل السيادة المسايرة والتموضع والمجاملة. جوابها هو بطبيعته ثنائي: نعم أم لا!
*
ثلاث مراحل في تاريخ لبنان طيلة نصف قرن، منذ 1969 ولغاية 2020، هي العبرة حول السيادة:
1. أصبح لبنان مُنتزع السيادة في « اتفاق القاهرة » سنة 1969 الذي ألغاه بعدئذ المجلس النيابي في ختام حروب 1975-1990.
2. استعادَ لبنان سيادته مؤقتًا بعد العملية الحربية الارهابية في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه في 14/2/2005 وانسحاب الجيش السوري من لبنان.
3. عودة الى اتفاقية قاهرة مُتجددة في اتفاقية مار ميخائيل سنة 2006 مع حزب – دولة في اطار دبلوماسي إيراني.
*
في تبرير تجاه انتقادات طالت البيان كان الجواب في 25/11/2020: الهدف “استعادة الدولة”!
ما معنى دولة؟ ما هذا التعميم والتمويه؟ ليست الدولة الحوكمة بشكل عام، والمؤسسات، والعلاقة مع المواطنين والانتخابات…! نتكلم عن الدولة كشعار. فقدنا معنى الدولة في صفاتها الجوهرية ontologiques وهي « السيادة » في حصرية جيشها وعلاقاتها الدبلوماسية!
الهدف من التعابير العامة في “استعادة الدولة” هو التمويه على حالة الاحتلال!
الشيعة اللبنانيون مكوّن لبناني، أما الجيش- الحزب المرتبط بتسلح ودبلوماسية إيرانية فهو مكوّن غير لبناني واحتلال بالوكالة.
عدم تسمية الأمور بأسمائها هو مُجاملة ومُسايرة وتموضع وتغطية للاحتلال وانكار لواقع لبنان بلا سيادة.