غداة احراق “استراحة صور السياحية” في الليلة الاولى لاندلاع شرارة الانتفاضة، قبل نحو من شهرين، سيق قرابة ٥٠ شابا من ابناء صور ومحيطها وبعض قراها الى التحقيقات بناء لاستدعاءات امنية تولّتها فصيلة درك صور ومخابرات الجيش. وبالنتيجة، تمّ توقيف ما لايقل عن ٣٠ منهم قبل ان يتم اطلاق سراحهم اما بسندات اقامة واما احراراً، وذلك في اسرع محاكمات عرفها لبنان بعد اسرع استنفار للنيابة العامة والاجهزة الامنية!
ومنذ ذلك التاريخ لا تزال الاوساط الامنية والقضائية والشعبية تتساءل عن كيفية احتراق الاستراحة، ومن كان “العقل المدبر”، والأهم: لماذا الاستراحة وليس اي معلم او مكان اخر؟
المتابعون الذين رصدوا تحركات المحتجين في يوم الانتفاضة الاول تحدثوا عن نقمة عارمة في أوساطهم على “الفساد” وأربابه، فكانت وجهتهم الاستراحة التي تحظى بحراسة امنية خاصة من جهة وعلى بعد عشرات الامتار منها ثكنة للجيش ومقر فصيلة درك صور ومركز للقوى السيارة في قوى الامن الداخلي والدفاع المدني.
وكان السؤال الذي لم يلق جوابًا شافيا حتى الآن: لماذا تُركت النيران لتلتهم “الاستراحة” قبل ان يتم تحرك هؤلاء جميعًا لوقف امتدادها؟
بعض المتابعين لم يستبعد ان يكون هناك تواطؤ في مكان ما، وإيعاز بحرقها بغية اعادة ترميمها مجددا على نفقة شركات التامين. فقد تردد أن هنالك تاميناً ضد الحريق، سيما وان بنيتها التحتية بدات بالتآكل بعد اكثر من ٢٠ عاما على تدشينها؟
البعض الآخر راى في الحريق “رسالةً” الى الرئيس بري، ومن خلفه زوجته رندى عاصي بري، التي تتحدث الصالونات الجنوبية عن امتلاكها لـ”الاستراحة” بواجهة ممثلة بمديرها ق”اسم خليفة”!
واذا كان بري وعقيلته قد نفيا بالمطلق امتلاكهما او امتلاك عقيلته لـ”الاستراحة”، فان واقع الامور قد لا ينسجم مع النفي. والأدلة تكاد لا تحصى، ومن بينها التعميم غير المعلن للبلدية واتحاد البلديات والمؤسسات الرسمية بكل اطيافها، اضافة الى الحزبية منها، وتحديدًا “حركة امل” في كثير من الأحيان بالنزول بـ”الاستراحة” فقط وهو ما يتم فعلا!
اما الدليل الاضافي فيتمثل بمخالفة بناء الاستراحة نفسها للشروط البيئية والبحرية في عمليات التوسعة وشفط الرمول من دون اي رقيب او حسيب ولو، أقلّه، بتنظيم محضر!
ويبقى الشبان الذين اتهموا باحراق الاستراحة بانتظار إحالتهم الى محكمة صور، وعندها سيتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود إذا، وفقط إذا، ما أتيح للقضاء ان يأخذ مجراه!