وصفت صحيفة لوفيغارو الفرنسية الكويت بأنها «عملاق نائم» إذ تمتلك قدرات هائلة اقتصادية وإمكانات بشرية كبيرة ومقومات أخرى لكنها غير مستغلة
وتطرقت «لوفيغارو» في تقرير لها أعده موفدها الصحافي البارز المتخصص في شؤون الشرق الأوسط جورج مالبرونو إلى الكثير من هذه الإمكانات غير المستغلة بصورة جيدة، مؤكدة أن «الكويت تمتلك واحداً من أكبر الصناديق السيادية في العالم لكن حركة التطور بطيئة»، مشيرة إلى أنها «الدولة الخليجية الوحيدة التي تملك برلماناً منتخباً منذ عام 1962 وصحافة شرسة وديوانيات للرأي، ورغم هذه الديموقراطية تدور الكويت في فلك الجمود وتأخرت عن جيرانها الخليجيين»
واعتبرت الصحيفة أن الكويت تستثمر في فرنسا أكثر من 25 مليار يورو، وهي التي أنقذت خزائن باريس عام 1982، مشيرة إلى أن التيارات المتشددة تقاوم التطور المنشود، وورضوخ الحكومة لها مشكلة تبحث عن حل
وانتقدت عدم تحقق الطفرة المنشودة تنموياً واقتصادياً، إذ تراجعت الكويت من المرتبة الثانية ضمن الاقتصادات الخليجية إلى «الرابعة» خلال الأعوام الـ15 الماضية، مشيرة إلى جملة أسباب وراء بطء التطور منها الصراعات السياسية والتأزيم بين البرلمان والحكومة، فضلاً عن الرضوخ للمتشددين وغيرها من أسباب
تغييرات هيكلية
ولفتت إلى أن الكويت تعيش حالة من الجمود، في حين انخرطت كل من السعودية وقطر في تنفيذ تغييرات هيكلية
وأوضح موفد الصحيفة في البلاد جورج مالبرونو أن «الكويت تملك كل ما يسمح لها بأن تصبح النموذج الذي ينبغي اتباعه في العالم العربي، فهي الدولة الخليجية الوحيدة، التي تملك برلماناً منتخباً منذ 1962، وصحافة شرسة وديوانيات يتطرق فيها المواطنون لكل الموضوعات من دون خوف، لكن على الرغم من ذلك لا شيء يبدو أنه يعمل في مختبر الديموقراطية الصغير هذا، لدرجة أن البعض، أصبح يشعر بغيرة من التحولات التي تشهدها الجارة القوية المملكة العربية السعودية»
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن مثقف كويتي لم تسمه قوله: «إن السعودية تملك اليوم رؤية، وتشجع الشباب على العمل في حين تدلل السلطات عندنا الشباب بوظيفة طول العمر»، كما أشارت إلى أن العديد من نخبة الكويت يرون أن بلادهم «عملاق نائم»
إمكانات كبيرة
وأوضح يوسف الغصين من مركز الدراسات روكونيسونس في حديثه لموفد الصحيفة أن الجميع يتذكر أن الكويت كانت أول دولة في العالم تؤسس صندوقاً سيادياً في 1953 هو هيئة الاستثمار الكويتية
وتملك هيئة الاستثمار الكويتية أكثر من 720 مليار دولار، وهي ثالث صندوق سيادي في العالم بعد الصندوقين السياديين النرويجي والصيني، لكن ذلك لم يمنع ـــ وفق «لوفيغارو» ـــ من تراجع البلاد خلال السنوات الـ15 الماضية من المرتبة الثانية في ترتيب الاقتصادات الخليجية إلى المرتبة الرابعة
وأشارت الصحيفة إلى أن الكويت تعيش على أمجادها وسط قلة المشاريع الاستثمارية وتأخرها في تنويع الاقتصاد والانتقال الطاقوي
التشدد مستمر
وتطرق التقرير إلى مثال آخر على ما يحصل من تشدد، «فحين فرضت التشكيلات الإسلامية القوية، الفصل بين الجنسين في الجامعة الجديدة، كان يتعيّن على السلطات مضاعفة مساحة البنايات، فتضاعفت كلفة المشروع أيضا»
وتملك الكويت «التي تعد دولة ريعية بامتياز الكثير من الإمكانيات، خاصة رأس المال البشري، الذي يعتبر من بين الأعلى كفاءة في الخليج،فالأجانب نادرون جدا في إدارة الصندوق السيادي عكس المملكة العربية السعودية وقطر»
ويرى رئيس مركز الأبحاث روكونيسونس عبدالعزيز العنجري إن «ما تحتاجه الكويت هو ورقة عمل واضحة ومفصلة لتحقيق الاصلاحات المرجوة»
تأييد مطلق لفلسطين ورفض الكيان الصهويني
وتتفرد الكويت عن غيرها من دول الخليج وفق لوفيغارو بموقفها من اتفاقيات ابراهام، في ما كان آخر وزراء خارجية في حكوماتها المتعاقبة، يرددون لبعض زوارهم بأنها ستكون آخر دولة عربية تعترف بـ«الكيان الصهيوني»
ويسود إجماع واسع حول هذه القضية في البلاد، التي تتمسك باقامة دولة فلسطينية لحل هذا الصراع القديم، ونقلت الصحيفة الفرنسية عن دبلوماسي غربي قوله إن «الرأي العام الكويتي مؤيد جدا للفلسطينيين»
وتربط قصة طويلة الكويت بالمنظمات الفلسطينية، فأبرز كوادرها وبينهم ياسرعرفات، بدأو مسيرتهم فيها في خمسينيات القرن الماضي، ويتذكر السفير الفلسطيني في الكويت رامي طهبوب أن أول مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في العالم افتتح في الكويت في 1964
غير ان عرفات أسس في 1959 منظمة فتح في الكويت التي كان يدفع سكانها رسوما لدعم القضية الفلسطينية
ولا يشعر الكويتيون وفق لوفيغارو بالحقد تجاه الفلسطينيين رغم أن ياسر عرفات اختار في 1990 دعم المحتل العراقي
لكن إلى أي درجة يمكن أن تقاوم الكويت،إذا ما طبعت دول الخليج كلها علاقاتها مع «الكيان الصهيوني»؟ في إجابته على هذا السؤال أكد مالك صحيفة أن هذا النوع من الاتفاقيات يحتاج إلى مصادقة مجلس الأمة والحكومة يمكن ان تستخدم البرلمان لتقول للاميركيين «انتم تريدون الديمقراطية، هذه هي لقد تحدثت: نوابنا المنتخبون لا يريدون علاقات مع الكيان الصهيوني»:
ترجمة القبس
الأصل الفرنسي، على “الشفاف”، للمقالين اللذين نشرتهما “الفيغارو”: