بيروت – القبس – أكدت مصادر اقتصادية لبنانية واسعة الاطلاع لـ القبس أن الأزمة التي يمر بها لبنان حالياً هي الأعنف في تاريخ بلاد الأرز، علماً بأن تداعيات الاختناق الاقتصادي لم تظهر كلها بعد، وشبح الإفلاس لم يعد كلاماً من متشائمين، بل هو قاب قوسين أو أدنى من الوقوع. وأضافت: إن لبنان يبدو الآن وحيداً في مواجهة مصيره، وذلك للأسباب الآتية:
أولاً – هناك المجتمع الدولي الذي سبق أن فوّض فرنسا مساعدة لبنان. وعقد لذلك مؤتمراً في باريس في أبريل 2018، والمبالغ التي خصصت للإنقاذ لم يصرف منها شيء حتى الآن، ولن يصرف منها شيء طالما اللبنانيون متنازعون حول تطبيق الشروط الإصلاحية اللازمة لإنفاق 11.8 مليار دولار خصصت لهم. وبالتالي، أرسلت فرنسا إشارات إلى لبنان، مفادها الإقلاع عن أمل الحصول على الأموال، لأن السياسيين اللبنانيين غير قادرين على تلبية الحد الأدنى من الالتزام بإنقاذ بلدهم، بل هم أعجز من الاتفاق على حكومة تنقذ ما يمكن إنقاذه من الوضع المتردي على أكثر من صعيد.
ثانياً – الدول الخليجية كانت دائماً جاهزة لمساعدة لبنان، وأنفقت لذلك عشرات المليارات، لكنها هذه المرة شبه مقتنعة أيضاً بأن لا التزام بالإصلاح، وبالتالي لن تنفق أموالاً جديدة تذهب كما ذهبت أموال صرفت سابقاً من دون طائل.
ثالثاً – الموقف الأميركي واضح ومتعلّق تحديداً بما يسميه الأميركيون بـ«سيطرة حزب الله على مفاصل أساسية من القرار السياسي اللبناني». لذا، يضع الأميركيون وغيرهم أي مساعدة ممكنة تحت هذا المجهر، فيظهر من هذه الزاوية أن الأمر في غاية التعقيد، ولا «أمل قريباً بالإفراج عن أموال للبنان».
رابعاً – يختلف اللبنانيون في ما بينهم حول جدوى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، والصراع على أشده على هذا الصعيد، بين من يعتبر أن لا مفر من ذلك، ومن يرفض رفضاً قاطعاً بذريعة أن شروط صندوق النقد بالغة الصعوبة شديدة الوطأة، وستدفع ثمنها قواعد شعبية لا يرغب السياسيون بفقدان تأييدها لهم في ظل الانقسام السياسي الحاصل وشد الحبال بين الطبقة الحاكمة، لا سيما مذهبياً!
خامسا – داخلياً، المشهد يزداد قتامة، مع صعوبة تأليف حكومة، وتنازع على الحقائب، واستهتار شبه كامل بالتداعيات الاقتصادية المتسارعة التي ستؤدي في القريب العاجل إلى بلوغ نسبة الفقر %50 من السكان. وفقاً لتقديرات البنك الدولي، إذا انحدرت المؤشرات أكثر، لا سيما تقهقر سعر صرف الليرة، التي فقدت %40 من قيمتها حتى الآن.
القبس