يقول المثل الصيني الشهير: “لا تعطني سمكة، بل علمني كيف أصطاد”! على أساس أنك إذا أعطيتني سمكة فستكفيني لوجبة واحدة أو على أفضل الظروف (حسب حجم السمكة) قد تكفي ليوم واحد. أما إذا علمتني كيف أصطاد، فسوف أستطيع العيش من أكل السمك مدى الحياة، طبعا بشرط أن يكون لدي سنارة وطعم للسنارة، وأيضا أن يكون هناك سمك في المياه!
لذلك كنت أفضل أن يكون المثل الصيني كالتالي : « لا تعطني سمكة، أعطني سنارة وطعم٫ ثم خذني إلى البحر بشرط أن يكون هناك سمك وفير، ثم علمني كيف أصطاد، وبالمرة أعطني حلة وفرن وعلمني كيف أطبخ السمك بالأرز »!! « آه ونسيت أقول لك أعطني أرز٫ أو علمني كيف أزرع الأرز »!!
وبمناسبة صيد السمك، تقول القصة: أن أحد رجال الأعمال الأثرياء كان في رحلة عمل في مدينة ساحلية، ونزل في فندق على شاطئ البحر مباشرة. وكان يخرج إلى شرفة غرفته صباح كل يوم للاستمتاع بمنظر البحر وهواء البحر، ولاحظ وجود شخص بسيط الحال وتبدو عليه سمات الفقر. وكان هذا الشخص يصطاد السمك يوميا وبمجرد اصطياده سمكتين، يقوم بمغادرة الشاطيء سيرا على الأقدام إلى وجهة غير معلومة. أثار هذا الرجل الفضول لدى رجل الأعمال الثري، وبينما هو يسير على شاطئ البحر لاحظ وجود الصياد نفسه، فبدآ الحوار التالي معه:
* صباح الخير، هل ممكن أن أتكلم معك؟
* تفضل
* لقد لاحظت انك تصطاد يوميا في نفس المكان، وبمجرد أن تصطاد سمكتين، تترك الشاطئ وتمشي بعيدا
* هذا صحيح، وما الغريب في ذلك؟
* ولماذا سمكتين؟
* لأني أعيش مع زوجتي، ونحن نحب أكل السمك، وسمكتين يوميا كفاية لي أنا وزوجتي
* ولكن لماذا لا تصطاد أكثر؟
* وماذا أفعل بالصيد الأكثر؟
* تقوم ببيعه
* ثم ماذا؟
* ثم تجمع الكثير من المال وتفتح محل لبيع الأسماك
* ثم ماذا؟
* ثم تقوم بتأجير صيادين يعملون لديك ولحسابك ويزداد حجم مبيعاتك
* ثم ماذا؟
* ثم تصبح غنيا وسعيدا
* ولكني سعيد الآن!!
….
طبعا الدرس المستفاد من هذا القصة هو أن هذا الصياد « غاوي فقر »!!
…
والحقيقة أن كثير من شعوب العالم الآن لا تكتفي بأن يتم منحها سمكة واحدة عن طريق الحكومة، ولكنها ترغب في أن تمنحها الحكومة عشر سمكات أو أكثر! تريد: سمكة التعليم المجاني، وسمكة التأمين الصحي المجاني، وسمكة الاجازات المجانية، وسمكة الترفيه والحدائق المجانية، وسمكة التوظيف الفوري، وسمكة السكن الرخيص وأحيانا السكن المجاني، وسمكة المعاشات الحكومية الكريمة، وسمكة العناية بكبار السن مجانا، وسمكة مسامحة الأفراد المشاغبين بل والمجرمين أحيانا، وسمكة الدعم الحكومي لأسعار الخبز والوقود والكهرباء والمواصلات العامة! وفوق هذا كله يريدون سمكة ساعات عمل أقل، وأيضا يرغبون بسمكة المعافاة من الضرائب !!
وكثير من الحكومات تعطي كل هذا السمك بكل البذخ الممكن، رغبة في شراء أصوات الناخبين ورضاهم بغض النظر عمن سوف يدفع تكاليف كل هذا « السمك وكل هذه الطلبات المجانية، والشعوب من جانبها تقول للحكومة: « إنتِ بابا وإنتِ ماما … وإنتِ كل شيء في حياتي »!! بمعنى آخر أن الحكومة قامت بتبني شعبها، وتدليعه آخر دلع، « وكله يدلع نفسه »!!
…
وقديما كنا نقول لأطفالنا عندما يطلبون المزيد من « السمك »: « ليس لدينا نقود لشراء مزيد من السمك، والنقود لا تنمو على الأشجار »! ولكن الحكومات اكتشفت مكانا آخر لنمو النقود ليس فوق الأشجار، ولكن داخل المطابع، حيث بدأت كل حكومات العالم منذ سنوات طويلة في طبع النقود وتوزيعها يمينا وشمالا، ما أدى إلى تراكم ديون الحكومات، وهذه هي أكبر الدول المدينة في العالم:
أمريكا 23 تريليون
بريطانيا 9 تريليون
فرنسا 7 تريليون
ألمانيا 6 تريليون
اليابان 5 تريليون
هولندا 5 تريليون
إيطاليا 3 تريليون
أسبانيا 2 تريليون
الصين 2 تريليون
كندا 2 تريليون
سويسرا 2 تريليون
كل هذه التريليونات بالدولار الأمريكي.
لكي ترى كل قائمة الدول المدينة أضغط على الرابط التالي:
قائمة الدول حسب الدين الخارجي – ويكيبيديا (wikipedia.org)
وتوجد أشياء غريبة في هذا القائمة:
أولها: أكثر الدول ثراء هي أكثرها مديونية!
ثانيها: إذا كانت كل الدول مدينة (حسب قائمة الدول المدينة)، فهي مدينة لمن؟ من هم الدائنون؟
ثالثا: من سيدفع كل هذا الديون؟
رابعا: ما سبب كل هذاه الديون، هل هو شراء مزيد من السمك للشعوب بدلا من تعليمهم الصيد؟
….
إذا قمت غدا بطباعة ألف دولار ومحاولة توزيعها في السوق فسوف يتم القبض علي وأدخل السجن لمدة تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات حسب بلد الإقامة، ولكن مستر ترامب أو مستر بايدن أو مستر جونسون يأمر بطباعة تريليونات الدولارات من دون أن يغمض لهم جفن، ولا يدخلون السجن، بل يتم الهتاف بحياتهم (بالروح … بالدم نفيدك يا بايدن).
أني أتعجب ألا يأخذ الساسة حول العالم العظة من انهيار الإتحاد السوفيتي بسبب إفلاسه اقتصاديا نتيجة سياسة دلع الشعوب وإعطاء الشعوب السوفيتية « السمك » المجاني على مدى 70 عاما.
بدون إنتاج حقيقي حول العالم سوف يحدث انهيار اقتصادي عاجلا أم آجلا، لأن « البلاش كتّر منه »!!
samybehiri@gmail.com
مقال رائع، بس الوسطية حلوه “ولا تغلل يدك الي عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا.. “هالكلام الحكومات دليلونا بالمعقول، لا تحرم منا وتجوعونا ولا تطلعون مديونين بالاخر.