اليمن التي كانت إلى ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ لم تعد قائمة ولن تعود، والنظام السابق انتهى غير مأسوف عليه بعد أن عاث فساداً واستشرى الفساد في كامل اوصاله ومفاصله جتى تعفّن وتآكل وتحلّل وتناثر إلى ميليشيات وأمراء حرب وجنرالات للإيجار وأيتام “ثلاجة” وتجار سلاح ومخدرات وعقارات وبورصة عابرة للقارات.
ليس بالإمكان استعادة النظام السابق في صنعاء، ولا ذلك الذي كان في عدن، ولا ما كان قبلهما، ومن المستبعد أن تُستعاد اليمن في الأفق المنظور فهي لم تعد موجودة واقعياً وعيانياً، أو على نحو ما رسمته كتب التاريخ والجغرافيا أو كما ارتسمت في المخيال الجمعي، فقد تشظت وتمزقت وتبعثرت إلى إمارات ومقاطعات يتناهشها القتلة واللصوص وقطاع الطرق والأصوليون والوصوليون وقراصنة الداخل والخارج.
لا افق في الأفق وما احوجنا إلى التعلق بحلم التحلل الرحيم على الطريقة الصومالية حيث تفدرلت البلاد، وبالأحرى تقسّمت، وارتسمت الحدود بين اقاليمها بالكثير من الحرب والأدخنة والدماء.
لا بد من الإنتظار سنوات طويلة قبل أن يعود بعض الإستقرار وتتهيأ الفرصة للتحكم في مسارات الأمور.
ليست مصراته ولا حمص ولا الموصل ولا ضاحية بيروت.. هذه عدن!
ينبغي أن يكون واضحاً أن المعركة ستكون طويلة ومكلفة ولا شيء يؤشر أو يبشر بحل على المدى القصير، ويمكن التخفيف من الضغط النفسي الذي تحدثه الوضعية الجديدة، وضعية الجهل بما سيحدث غداً، بعد أن كانت الأيام كلها نمطاً واحداً رتيباً، بالإستعادة للسيناريوهات التي كانت مرسومة أمام الشعوب العربية كما يقترح التونسي محمد الحداد.
يقول الحداد: لنتصور تونس في حكم زوجة الرئيس المخلوع وحكم صهره الشاب المتهور، ولنتصور مصر يحكمها جمال مبارك، وليبيا يحكمها سيف الإسلام القذافي، ونضيف إليه واليمن المنسيه يحكمها احمد علي.. “سيكون الوضع ادهى من كل العصور التي عرفتها هذه المجتمعات لأن الحكام المخلوعين تربّوا إلى حد ما في مؤسسات الدولة اما ابناؤهم الذين كانوا يعدونهم لخلافتهم فقد تربوا في المناخ المخملي الحريمي الذي لا يعرف من الدولة الا انها وسيلة تحقق نزواتهم”.
.. لقد دخلنا في سيرورة “الفوضى الخلاقة”، والواضح أن الفوضى هي الغالبة إلى اجل غير معلوم ومعها يبدوا أننا سنخسر كل شيء إلى أن تحل مرحلة الخلق وتتشكل مجتمعاتنا مجدداً على أسس صالحة بعد معاناة أليمة لن تكون بطول قرون الإستبداد التي خربت هذه المجتمعا وفخّخت اعماقها التي تتفجر اليوم في وجوهنا وتنسف رؤوسنا.
فالثورة سيرورة طويلة ايضاً، ولم تعد مجرد البيان رقم “١” للسيد الإنقلاب والجنرال المختطف للسلطة والعرش المؤثث بالجماجم.
ما احوجنا إلى التبصر في الإرتجاجات التي تطوح بنا من كافة الجهات بعقلانية متحرره تقرأ هذا الذي يحدث بعين غير ملتاثة بغبش الخلط بين المستقبل والآخرة.
ليس ثمة حل مستعجل حتى ولو كان السيد مارتن غريفت ساحراً.