لو لم تكن المناورة العسكرية التي نظمها “حزب الله” قبل ثلاثة أيام فقط من عيد “المقاومة والتحرير”، لما كان هذا التناقض فاقعا الى هذا الحد.
فالاحتفال بـ”عيد المقاومة والتحرير” يعني أن التحرير قد انجز، فيما المناورة العسكرية تعني انه لم يُنجز بعد.
كان يمكن للمسألة ان تبدو بسيطة لو أن “المناورة” ركّزت في خطابها على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، كجزء صغير من التحرير الذي لم يُنجز بعد، لكن خطاب “المناورة” ركّز على “تحرير القدس” و”العبور” و”اسرائيل الى زوال”.
كان يمكن لهذا الخطاب أيضا ان يكون ذا مصداقية، لو لم يجرِ ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل بدفع قوي من “الثنائي الشيعي” وحليفه العوني، على حساب جزء كبير من الثروة المائية.
لاحظوا معي ما يهم نصرالله، من خلال المقارنات التي اجراها في خطابه بالامس، بمناسبة “عيد المقاومة والتحرير”. فهو قارن بين المقاومة وإسرائيل لتبيان التحولات في العلاقة بين الاثنين:
– “فقدان القيادات المؤثرة في كيان العدو في مقابل الثقة العارمة بمحور المقاومة وقادته،
– الانقسام الداخلي الذي تشهده اسرائيل اليوم يقابله تماسك وثبات في محور المقاومة،
– تآكل قوة الردع الاسرائيلية مقابل تنامي قوة الردع لدى المقاومة”.
لا يتكلم نصرالله عن لبنان في مقارناته، اي عن البلد المحرر، فأي معنى لـ”عيد المقاومة والتحرير” دون الالتفات الى وضع لبنان؟ وضع المقاومة فقط، هو ما يعني نصرالله، في وحدتها وقوة ردعها وثقة جمهورها بها.
اما تفتيت الشعب اللبناني وقهره وهجرته، وفقدان لبنان لأي مناعة اجتماعية واقتصادية ووطنية، وانعدام ثقة معظم شعبه بسلطته ومقاومته على حد سواء، فهذا ما لا يعيره نصرالله اي اهتمام.
تعني كلمة “المناورة” بحسب القاموس، “عملا محسوبا لإحباط خصم أو اكتساب ميزة بطريقة غير مباشرة أو مخادعة”.
الظرف الذي يُحتفل فيه بـ”عيد المقاومة والتحرير”، والمعنى الذي يعطيه اياه “حزب الله”، يجعل من هذا العيد في الواقع المعاش، “عملا محسوبا لإحباط الشعب اللبناني واكتساب “حزب الله” ميزة عليه، بطريقة مباشرة أو مخادعة.”
عيد “المقاومة والتحرير”، اصبح عيد المقاومة فقط لا غير، وعلى حساب لبنان ومعنى التحرير.