على اثر اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق “رفيق الحريري” وتنفيذا للقرار الدولي ١٥٥٩ الصادر في ٢ ايلول/سبتمبر من العام ٢٠٠٤، انسحب الجيش السوري من الاراضي اللبنانبة ولا سيما من منطقة البقاع الشمالي الذي بات يعرف حاليا بـ »محافظة بعلبك-الهرمل”. وبما ان الدولة اللبنانية لم تكن في ذاك الوقت، ولتاريخه، تعطي اهتماما لمناطق البقاع والتي تعاني من حرمان مزمن في مواضيع التنمية والتي وعدت بها الحكومات المتعاقبة، جاء من يملأ الفراغ السياسي والامني، وهنا نتحدث عن ” امل » و «حزب الله “.
وبما ان حزب الله يملك الامكانات المالية الضخمة، فقد عمل باستمرار على ابقاء وضع الحرمان على حاله تحقيقاً لرغبته في ان يكون البقاع الخزان البشري الذي يرفده بالعناصر والمحازبين تنفيذا لاجندته في القتال في سوربا واليمن والعراق، ولبنان طبعا وذلك نتيجة المغريات التي يقدمها للمتفرغين في صفوفه.
فيديو: دعوة للعشاء بمناسبة « جريمة قتل »!
بالاضافة الى سعيه في تأليب العشائر والعائلات البقاعية وفق نظرية «فرّق تسد ». بذلك بدأ الانقسام بين العائلات والعشائر وتم تقاسم القوى المحلية صاحبة النفوذ الاكبر شيعياً، على ان تصبح عشيرة « آل جعفر » تُحسب او تميل الى حركة « امل »، وعشيرة « آل شمص » تُحسب او تميل الى حزب الله.
ويسود البقاع لا سيما منطقتي بعلبك الهرمل حالة فلتان امني تنعكس مشاكل ومعارك عسكرية بكل انواع السلاخ الخفيف والثقيل احيانا وينتج عنها ثارات تبدأ ولا تنتهي الا بوساطات من قبل طرفي الاستئثار، أي الثنائي حركة امل وحزب الله.
وهنا تعود الاشتباكات الاخيرة ما بين عشيرتي ال جعفر وال شمص والتي تعود اسبابها الى العام2017 حيث اقدم المدعو «عيسى علي وجيه جعفر» وبرفقة مجموعة من الشبان الذين يؤلفون عصابة للسرقة وفرض خوات على المحلات التجارية والمؤسسات، الى سلب مبلغ من المال من شاب من آل شمص، فحصل خلاف واشتباك قتل على اثره المدعو « عيسى علي وجيه جعفر ». وعلى اثر ذلك، قام وجهاء آل شمص بتعزية ال جعفر وتم تسليم شمص للقضاء.
وبعد ثلاث سنوات من السجن خرج المدعو « عباس شمص » بعد ان انهى عقوبته في السجن، وبقي الاخ الاصغر، « علاء ».
القتيل محمد زهير شمص
وعندما تبلغ آل جعفر باطلاق سراح « عباس »، توجهوا في ٤ تشرين الاول/أكتوبر ٢٠٢٠ الى محل المدعو” محمد شمص ” وهو الاخ الثالث للمذكورين والذي لم يكن له اية علاقة بما حصل سابقا، وقام افراد العصابة بقتله بإطلاق ٣٠ رصاصة عليه من سلاح حربي.
وعلى اثر ذلك توتر الجو في منطقة بعلبك، وبدأت الحشود العسكرية من قبل العشيرتين، اللتين تمتلكان سلاحا من كافة الانواع، بما فيه المتوسط والثقيل! وعاشت المنطقة واهلها رعبا حقيقيا الى ان تدخل الطرفان السياسيان، « أمل » و »حزب الله »، وتم عقد مصالحة ما بين العشيرتين على ان يبقى الثأر محددا فقط في “موسى علي وجيه جعفر »، شقيق عيسى!
جدير بالذكر ان المصالحة تمت بضغط من امين عام حزب الله حسن نصرالله وذلك عندما ابلغ عشيرة آل شمص أن « القتال غير وارد ونحن بظروف استثنائية »! وقد كلف الشيخ محمد يزبك ممثل الامام الخامنئي برعاية المصالحة في دارة عباس شمص، وهو زعيم عشيرة ال شمص، في حين ترأس وفد عشيرة ال جعفر ياسين حمد جعفر.
وانتهت المصالحة بين العشيرتين على وقف القتال وحصر القتل وأخذ الثأر فقط بالمدعو موسى علي وجيه جعفر، وكل من شارك بقتل محمد زهير شمص، اضافة الى المدعو حمزة راجح جعفر كونه دعا الى حفل عشاء ابتهاجا بمقتل محمد شمص!
أين الدولة من ذلك كله؟
الدولة لا تتحرك أمنياً وعسكرياً بقواها الذاتية لوضع حد نهائي لهذا التلفت وللجريمة المنظمة التي تجري فصولها على الدوام في هذه المنطقة!
ناهيك عن المعابر غير الشرعية التي يسيطر عليها حصريا حزب الله وعبرها يتم تهريب كل انواع البضائع بما فيها المخدرات والسلاح.