على غرار كل بطريرك، طبعَ البطريركُ الراعي في بداية ولايته البطريركية، مجلسَ المطارنة واعضاءَ السينودس، بطباعه وآرائه.. في الكنيسة والسياسة، وسوى ذلك!
وانجز منذ توليه السدة البطريركية سلسلة تغييرات ادارية، وكهنوتية، ابرزها تعيين مطارنة موالين له من خارج القوانين والاعراف الكنسية. كمثال تعيين مطران من داخل الأبرشية راعيا عليها، وهو لم يتجاوز بعد الخمسين من العمر.
اما في السياسة، فحشرَ الكنيسة في « حلف الاقليات » بدايةً (قبل تحوّله المثير في الأشهر الأخيرة بدافع سأمه من كِذب ميشال عون عليه، وصدمته من انهيار البلد!). واكثر من الاسفار حتى ان مقره في بكركي اصبح « ممراً » بين سفر وآخر!
اليوم تبدلت الاوضاع فهل انتفض مجلس المطارنة، وبدأ يواجه رئيسه؟
المعلومات تشير الى ان الاجتماع الاخير للمجلس شهد اعتراضات على « الراعي » في موقفين اساسيين، وخسر الراعي بالتصويت بنسبة 90 % ضد رغبته.
وتضيف المعلومات ان النائب البطريركي على منطقتي الجبة واهدن–زغرتا، « جوزف نفاع »، عرض اقتراحاً بالغاء مطرانية طرابلس، والحاقها بمطرانية اهدن، ما يعني عمليا وضع موارنة عكار وطرابلس وشكا، التابعين للنائب البطريركي مطران طرابلس، في تصرف مطران اهدن- على ان يتولى الخوري اسطفان فرنجية إدارة المطرانية المحدثة.
الاقتراح سقط بالتصويت بالاكثرية المطلقة وبالضربة القاضية، بعد ان اثار غضب المطارنة، الذين طالبوا بالغاء مطرانية بيروت لنفس الاسباب التي سيقت لالغاء مطرانية طرابلس!
واعتبر المطارنة المعترضون، وفي مقدمهم المطران المعيّن لاحقا على طرابلس « يوسف سويف »، ان مطرانية طرابلس لها رمزيتها في العيش المشترك، اسوة بسائر المطرانيات في المناطق التي يقطنها مسيحيون ومسلمون، وتاليا لا يجوز الغاء المطرانية تحت اي مسمى، مضيفين انه حتى خلال الحرب الاهلية لم يجرؤ بطريرك او مجلس مطارنة على الغاء مطرانية طرابلس، فكيف اليوم؟
الإقتراح الثاني الذي خسر فيه الراعي، تمثل في ترشيحه ثلاثة رهبان للتعيين كـ« مطارنة » في المجلس!
فثارت ثائرة المطارنة مرة ثانية معترضين على تسمية اي راهب لمنصب المطرانية!
وحجتهم المعلنة ان « الراهب » لا خبرة له في ادارة شؤون راعوية. فهو يتتلمذ في دير ويقيم فيه ولا يفقه في شؤون الرعايا! اما « غير المعلن » فهو ما عدده بعض المطارنة عن الفشل المريع في ادارة شؤون الرعايا للمطارنة المعينين من الرهبان، من دون ان يجاهروا الراعي بـ« فساد » معظم هؤلاء المطارنة، الذين ينتقلون من الاديار إلى المطرانيات، قيصبحون « امراء » على ملكيات عقارية، في املاك الاوقاف، والتبرعات وكل ما يصل الى يد المطران من مساعدات، لا يناقشه في كيفية التدبر في صرفها احد!
وطالب المطارنة الراعي بعدم تعيين اي مطران من خارج الاكليريكيين الكهنة. وعندما واجههم « الراعي » بانه هو نفسه « بطريرك » تدرج في « رهبنة »، قالوا له “انت استثناء“! وسقط اقتراح تعيين المطارنة الثلاثة.
ثم انتقل البحث الى مطرانية طرابلس وضرورة تعيين مطران عليها، فتم تعيين مطران قبرص، « يوسف سويف » مطرانا على طرابلس. وهو مطران واعد وطموح، الامر الذي اثار امتعاض العديد من المطارنة خصوصا ان اسم « سويف » بدأ يتردد مؤخرا بين الاكثر أهلية لخلافة الراعي! وتعيينه مطرانا على طرابلس يجعله قريبا من دائرة القرار البطريركي ليخوض حملة انتخابه خلفا للراعي.
اما مطرانية قبرص فقر الرأي على تعيين « مطران ماروني قبرصي » راعي ابرشية خلفا لسويف المنتقل الى طرابلس، فهناك قرابة عشرة ألآف ماروني يعيشون في قبرص، ومن بينهم كهنة وقساوسة ورهبان، فلماذا نقيم عليهم مطرانا من خارج ابرشيتهم؟
جماعة الراعي طرحوا تعيين المطران المعاقب الياس نصار مطرانا على صور الا ان الاقتراح سقط هو الآخر، ورفض المطارنة تعويم نصار بعد كل الارتكابات التي قام بها رعويا وماليا.
فهل بدأ مجلس المطارنة انتفاضته غير المعلنة على الراعي وسياساته خصوصا الراعوية منها؟