لعبها “صولد” رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، فحصد تحصيناً لموقعه وشعبيته من “عوكر” حيث مقر السفارة الأميركية الى عكار، حيث رفعت يافطات تحمل صورة للشهيدين رفيق الحريري وكمال جنبلاط.
خلط الأوراق وقلب المعادلات، فتغيرت معطيات قضية أحداث “قبرشمون- البساتين” بالكامل مع جملة تطورات منحته رصيداً لم يكن متوفراً غداة الحادثة. وبعد تلذذ خصومه بحشره في زاوية الاستهداف وصولاً الى تصفيته سياسياً، ها هو يقود “العهد” ومن يمده بأمصال القوة الى أفق مسدود.
استغل جنبلاط الهدايا المجانية التي قدمها العهد القوي، وتحديداً لجهة الاتهام بأن “المكمن الاشتراكي، كان يستهدف صهره وزير الخارجية جبران باسيل”، ما نقل المواجهة من الساحة الداخلية الدرزية الى صراع درزي – مسيحي. وحشد الحلفاء الذين توجسوا من سقوطهم فور سقوطه.
و”مظلومية” الرجل التي صنع هالتها تَسَرُّع مستهدفيه، بحيث أصبحت الحادثة بحيثياتها ثانوية، فتحت الدفاتر العتيقة وحركت جمر الغضب الشعبي المكبوت لمن حلم ذات يوم بثورة أرز ارداها “حزب الله” ومحوره بالعمل على فكفكة بنيان قوى “14 آذار”، وتدجين هذه القوى، وصولاً الى فرض انتخاب الرئيس ميشال عون.
فالشارع السني يعتبر ان لجنبلاط ديناً في رقبته منذ “اليوم المجيد” في السابع من أيار 2008، عندما واجه غزو “حزب الله” في جبله، والشارع القواتي شعر ان محنة جنبلاط أعادت قائده سمير جعجع الى التألق والتخلي عن المراعاة في مواقفه، ومواجهة الباسيلية بتسجيل أهداف مباشرة في مرماها، ما دفع وزير الخارجية الى انتعال حذائه الرياضي والركض في ملعب الاتهامات والتهديدات بعشوائية وارتباك لا يخفيهما التعالي والتصرف على قاعدة: الأمر لي.
حتى شارع الرئيس نبيه بري، فقد غلَّب ما يجمعه بجنبلاط من تاريخ لا تمحى فصوله بثنائية، تحديداً اذا كانت تبعاتها تفتح الباب للباسيلية السياسية للنيل من زعيمه.
ولعل الرجل الذي احتفل خصومه غداة 30 حزيران الماضي ببدء مشروع إلغائه، تمكن من إصابة هؤلاء الخصوم بلعنته، ابتداء من الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصرالله، عندما قال له: “من أجلك يا سيد حسن، ليس جميلاً أن تنتهي بعد كل هذه المطالعة الكبيرة بقصة فتوش؟”، وليس انتهاء بالرئيس ميشال عون مسقطاً عنه صفة “بي الكل”، بعد تحوله طرفاً في حملة استهدافه.
لذا، لا يزال جنبلاط مصراً على خط تصاعدي ما دامت الرياح تدفع شراعه الى حيث يحقق له المزيد من المكاسب في معركته، وعوضاً عن تلقي الضربات ها هو يفرض شروطه لتسهيل انعقاد جلسة لمجلس الوزراء مطالباً بضمانات تحميه من “الانتقام الرئاسي”.
أما الى أين سيؤدي “صولد” جنبلاط؟؟ فعند جهينة الخبر اليقين…