سويس أنفو
تناولت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ في عددها الصادر يوم 12 فبراير آخر تطورات الحراك الشعبي في لبنان، حيث كتب كريستيان فايسفلوغ قائلاً: “الحكومة اللبنانية الجديدة تعد بإصلاحات سريعة والشعب لا يصدق ذلك“. ثم ينتقل إلى تلخيص الوضع في بيروت عشية اجتماع مجلس النواب، من محاولة المتظاهرين إغلاق مدخل مبنى المجلس، وفشلهم في ذلك لاستخدام قوات الأمن العصي وخراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي للإبقاء عليهم بعيداً عنه. وينقل عن الصليب الأحمر اللبناني أن الأحداث أسفرت عن إصابة 300 شخص بجروح من بينهم “نائب عن حزب مُوال لسوريا”، تعرض للضرب وتم نقله إلى المستشفى.
لم ينجح المحتجّون بالوصول إلى هدفهم، وأعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أن 67 عضو تمكنوا من حضور الجلسة (من أصل 128)، وهو العدد الذي يزيد فقط بعضويين عن النصاب الضروري لعقد الجلسة، ولكن في نهايتها كان هناك 84 عضوا في القاعة، كما يقول المراسل السويسري، مضيفا أن 63 منهم ألقى بكلمة أثناء الجلسة.
فايسفلوغ نقل أيضا آراء بعض المحتجين في الشوارع، حيث قالت هنّا فهد، وهي طالبة في كلية الطب: “ربما لا ننجح في الحيلولة دون اجتماع مجلس النواب ولكن نرى أنه يجب علينا أن نُظهر عدم رضانا عما يحدث”، وتؤكد هنّا فهد – مع مجموعة الأطباء المتظاهرين معها – أن المحتجين ليسوا من المُهاجمين بالحجارة فقط، ما يعني أن “المأساة اللبنانية” تمسّ أيضاً الطبقة الوسطى المثقفة جداً، كما يستخلص فايسفلوغ.
وفقًا لإعلان الحكومة، يعد رئيس الوزراء الجديد حسن دياب بإصلاحات بعيدة المدى، فحكومته تريد محاربة الفساد واسترداد الأموال السوداء المحولة إلى الخارج وإقرار نظام ضريبي أكثر عدالة وضمان استقلال القضاء وتقديم خطة طوارئ قبل نهاية الشهر الجاري للتعامل مع الأزمة الاقتصادية المتفشية، كما ينقل فايسفلوغ في مراسلته مضيفا أنّ “حركة الاحتجاج لا تصدق هذه الوعود الجميلة”، التي يُمكن العثور على الكثير منها في الإعلانات الحكومية السابقة.
في السياق، تطرق الصحفي السويسري للحديث عن خلفية رئيس الوزراء الجديد الذي “لا ينتمي إلى أي حزب سياسي، فهو أستاذ في الجامعة الأمريكية ووزراؤه تم اختيارهم من قبل حزب الله الشيعي وحركة أمل وحلفائهما المسيحيين”، لكن “كل هؤلاء “ليسوا مستقلين”، بحسب الطالبة هنّا فهد. كما نقل كريستيان فايسفلوغ عن متظاهرة شابة أخرى فضلت عدم ذكر اسمها قولها: “لقد أصبحت تصريحات الحكومة من الفولكلور في لبنان وأنا أريد قيادة ذات رؤية سياسية لبلدنا”، وتضيف “قبل كل شيء، يجب التأكد من أن أولئك الذين استفادوا من النظام لسنوات قد دفعوا فاتورتهم”.
أما الدولة اللبنانية، فلديها “جبل من الديون” يصل إلى حوالي 90 مليار دولار، ما أتاح للبنوك المحلية على وجه الخصوص تحقيق مكاسب كبيرة من الفوائد حتى الآن، ولكن هذا النظام الهرم “مهدد بالانهيار الآن”، كما يقول فايسفلوغ الذي يذهب إلى أن الطبقة الوسطى هي التي دفعت الثمن طوال هذه الفترة، أمّا الآن، فلا يستطيع عملاء البنوك سحب حوالي 300 دولار فقط من حساباتهم إلا مرة واحدة كل أسبوعين.
بناء على نتائج مسح أجري حديثا، شهد البلد العربي الصغير فقدان 200 ألف وظيفة منذ نهاية شهر نوفمبر 2019، لذلك يختتم فايسفلوغ مراسلته من بيروت باقتباس مقولة متظاهرة مجهولة جاء فيها أن “كل شخص يعرف شخصا آخر فقد وظيفته”، وبعد أن ذكرت أن شقيقيْها فقدا وظيفتيهما أيضا، قالت: “إذا ما استمرت الأمور على هذا النحو خلال الشهرين المقبلين، فسيكون هناك عنف شديد”، على حد قولها.