لونا وطفة – ألمانيا
في تمام الساعة الواحدة والربع من ظهر يوم الخميس الرابع من الشهر السادس فُتِح الباب الذي يدخل منه الشهود ليتقدم من خلاله هذه المرة المحامي السوري أنور البني وليقف وجهاً لوجه أمام أنور رسلان. جمعتهما صدفةٌ سابقة عام 2015 ولكنها هذه المرة أبعد ما تكون عن ذلك.
تقع منصة الشهود في المقعد الأول مقابل القضاة الخمس المسؤولين عن المحاكمة وسط القاعة، على يمينها يجلس المتهمان مع المحاميين الخاصين بهما، ومن هناك كان رسلان يستمع لشهادة البني، حيث ظهر عليه علاماتُ التهكم حيناً والغضب الشديد مع التوتر حيناً آخر.
بدأ البني شهادته التي استمرت قرابة ست ساعات على مدى يومين بالحديث عن عمله كمحامي حقوق إنسان والذي بدأ به منذ عام 1986 حتى عام 2006 حيث قام النظام السوري باعتقاله لمدة خمس سنوات واستمر بعمله بعد خروجه من السجن عام 2011 حتى لحظة خروجه من سوريا عام 2014. قال البني للقضاة عن ذلك: “اعتقلني فرع إدارة المخابرات العامة 285 وقضيت قرابة الخمس سنوات في سجن عدرا المركزي بعدها ومن ثم خمسة أيام أعادوني فيها للفرع 285 ليتم بعدها إطلاق سراحي”.
ثم بدأ البني حديثه عن اعتقالات طالت عائلته أيضاً منذ عام 1977، حيث اعتقل النظام ثلاثة من أشقائه وشقيقته وزوج أخته وزوجة أخيه أيضاً ليكون مجموع سنوات اعتقال العائلة بكاملها 73 عاماً، وكان تعذيبهم شديداً لدرجة أن أحد إخوته تعرض لشلل مؤقت بذراعيه استمر معه لسنوات نتيجة الشبح المتكرر والذي وصل أحياناً لإسبوعين متتاللين. كما تحدث أيضاً أنه تم اعتقاله في الفرع 251 لمدة أسبوع عام 1978 حيث كان يسكن وأخته في دمشق وداهم الأمن المنزل لاعتقالها وحين لم يجدوها قاموا باعتقاله هو وعرضوه لتعذيب شديد لإجبار أخته على تسليم نفسها لهم. ثم تحدث البني عن الاعتقالات الأخرى التي طالته، ففي عام 89 أو 90 كما يقول البني اعتقله الأمن السياسي ليومين وعام 86 الأمن العسكري لمدة ثلاثة أيام.
تم سؤال البني حينها عن اعتقاله الأخير عام 2006 وطُلب منه الحديث عنه بالتفصيل.
فأجاب بأنه تم اختطافه من الشارع بتاريخ 17.05.2006 حيث كان متجهاً لسيارته التي تبعد مسافة 20 متر عن منزله ليذهب إلى عمله، مَرَّت سيارة بسرعة كبيرة من أمامه وتوقفت وخرج منها شخصان رموا بالبني داخل السيارة وسط المقعد الخلفي وجلسوا على يمينه ويساره، وضعوا عصابةً على عينيه أخذوا كامل أغراضه الشخصية مع ضربه وإهانته. أحد الشخصين اللذين جلسا إلى جواره كان يصرخ على البني وهو يقوم بضربه ويتهمه بالقتل والسرقة، هو ذات الشخص الذي اقتاده إلى المحقق في الفرع 285 بعد اعتقاله وأيضاً هو ذات الشخص الذي سلَّمه للشرطة بعد خروجه من الفرع. يقول البني للقضاة: “لقد عرفته من صوته في المرات الثلاث، ولكن في المرة الأخيرة عندما سلمني للشرطة كان يجب أن ينزع العصابة عن وجهي ويسلمني أغراضي الشخصية وبهذا استطعت رؤية وجهه لمدة دقيقتين، وبعد أن سلمني سألتُ الشرطة التي تعرفني بحكم عملي كمحامي حقوق انسان عنه فأجابوني: هذا أنور رسلان”.
“حقوق الإنسان في سوريا بأحسن حال، والدليل أنني أقف الآن أمامك”!
بعد وقوفه بين يدي المحقق في الفرع 285 قال له المحقق: ماذا بها حقوق الإنسان بسوريا و لماذا تتحدث عنها؟! فأجابه البني: حقوق الإنسان في سوريا بأحسن حال، والدليل أنني أقف الآن أمامك بهذه الطريقة! قام المحقق حينها بصفعه على وجهه وإعادته للزنزانة. تحدث البني عن سماعه من زنزانته لأصوات تعذيب المعتقلين في المهاجع الأخرى.
طلبت القاضي الرئيسية حينها من البني أن يتحدث أكثر عن الفرع 251 ولكنه طلب الإذن بالتحدث بشيء آخر قبل ذلك فسُمح له.
بدأ البني حينها ببيانٍ يؤكد فيه منهجية آلة التعذيب عند نظام الأسد، وكان مما قال فيه: “استخدم النظام منذ السبعينيات التعذيب كوسيلة لنزع الاعترافات بشكل ممنهج. إن الاعتقال والاختفاء القسري هما الركيزتان الأساسيتان لنظام الأسد وبدونهما لا يمكن لمثل هكذا نظام أن يبقى في السلطة لأكثر من عامٍ واحد, والدليل أنني أعرف أشخاصاً معرفة شخصية قُتلوا تحت التعذيب في سجون الأسد عام 1978 لأنهم كانوا معارضين سلميين، حتى إخوتي تم تعذيبهم تعذيباً شديداً فقط لأنهم كانوا ينتمون للحزب الشيوعي. وأيضاً منذ أحداث مدينة حماه الشهيرة التي حدثت عام 1982 وحتى الآن لا زال هناك 3000 شخص مجهولي المصير ومختفين قسرياً. لايمكن لأحد أيها السادة تخيل بشاعة ما يتعرض له السوريون منذ السبعينيات وحتى الآن، إن النظام يتقصد نشر أساليب التعذيب التي يمارسها على شعبه، لا لشيء إلا لإرهاب الشعب وتمكنه من حكمهم بالخوف. إن كل إنسان عمل في أجهزة الأمن السوري يعرف حقيقة التعذيب بل ومارسها واستفاد منها بشكل شخصي.
ما أريد قوله هنا، أن هناك منهجية في التعذيب وليست القضية متعلقة بشخص واحدٍ فقط موجود هنا”.
قانون إحداث إدارة أمن الدولة المرسوم 14 المادة 16 الصادر عام 1969 يمنع تحريك دعوى الحق العام ضد أي عنصر أمن أو متقاعد أو عامل لدى إدارة أمن الدولة أو ملاحقته في حال ارتكابه لجرائم قتل أو تعذيب بدون موافقة رئيس إدارة أمن الدولة
وأكمل البني بيانه بتوضيح أسباب عدم وجود محاسبة على انتهاكات أجهزة الأمن والمخابرات في سوريا بقوله: “قانون إحداث إدارة أمن الدولة المرسوم 14 المادة 16 الصادر عام 1969 يمنع تحريك دعوى الحق العام ضد أي عنصر أمن أو متقاعد أو عامل لدى إدارة أمن الدولة أو ملاحقته في حال ارتكابه لجرائم قتل أو تعذيب بدون موافقة رئيس إدارة أمن الدولة. وهذا ما يجعلهم يمارسون هذه الجرائم دون خوف، كانت مهمة فروع أمن الدولة قبل عام 2011 جمع المعلومات بشكل رئيسي، أما بعد ذلك فقط أصبحت مهمتها الانتقام من الشعب لأنه طالب بحريته، حيث كان السؤال الرئيسي للمعتقل بعد اعتقاله “بدك حرية!” ثم يتم تعذيبه بشكل وحشي وقد يستمر ذلك حتى الموت”.
بدأ بعدها البني بالتركيز في شهادته على الفرع 251 حيث قال أنه وفي عام 2011 عندما تم تحويله للفرع 285 لمدة خمسة أيام قبل إطلاق سراحه التقى بمعتقلين قادمين من الفرع 251 وكان ذلك في الشهر الخامس من ذات العام، وتحدث عن مشاهداته الشخصية لأحوالهم الصحية السيئة جداً سواءً الجسدية منها أوالنفسية. الفرع 251 يرتبط به 10 أفرع أخرى بعموم سوريا و8 مفارز وأقسام بدمشق وريفها فقط، وجميعهم لديهم صلاحية الاعتقال المباشر، ثم يتم تحويل المعتقلين منهم إلى الفرع الأساسي ألا وهو الفرع 251 كما قال البني.
سألته القاضي حينها إن كان هناك إمكانية لاعتقال أحدهم دون تعرضه للضرب أو التعذيب فأجاب: “هذا مستحيل، ولكن من الممكن ألا يُعَذَّب أحدهم بشكل وحشي لأنه معارض سياسي معروف جداً مثلاً والسبب أن اعتقاله قد يحدث ضجة إعلامية كبيرة وهم يريدون تجنبها”.
ثم تحدث بعدها البني عن أوضاع المعتقلين بين العامين 2011 و 2012 “فترة وجود رسلان في الفرع كرئيس تحقيق” وكيف أنها كانت الأسوأ على الإطلاق.
ووصف بعضها فقال: “كان المعتقل أحياناً يُجبر على البقاء واقفاً لأيامٍ أو أسابيعٍ كنوع من التعذيب، بعضهم ينهار أو يفقد عقله، أو يموت. بعض الجثث تُركت عن قصد بين المعتقلين الأحياء لتعذيبهم نفسياً، عدا عن انعدام العلاج أو العناية الطبية. أحد أصدقائي اعتقل لمدة 27 يوما فقط عام 2011 خرج بوضع صحي لايمكن وصفه حيث كان جسده ممتلئا بالتقرحات والجروح. أخبرني حينها أن 17 معتقلاً ماتوا أمام عينيه نتيجة التعذيب الذي تعرضوا له”. تدخل حينها محامي رسلان بسؤال البني عن مصدر معلوماته التفصيلية عن الفرع 251، فأجابه البني بأنهم كمحامين كانوا يدافعون عن المعتقلين الذين يصلون من الأفرع الأمنية إلى المحكمة ويمثلونهم أمام القضاء، هؤلاء المعتقلون كانوا يصلون إلى المحكمة حفاة عراة إلا من ملابسهم الداخلية أحايين كثيرة. كانوا معدومي المال ولا يعرفون شيئاً عن عوائلهم أو إمكانية السفر إليهم حال إخلاء سبيلهم إن كانوا من سكان المحافظات.
تم سؤاله بعدها من القاضي عن العدد التقديري للمعتقلين في تلك الفترة 2011/2012 أجاب البني بتقديره العدد بالمئات، ولكن بعد هذه الفترة وصل للآلاف. وعن طعام السجن حين سؤاله عنه وصف مدى سوئه وشُحِّه لدرجة أنهم كانوا يرمون عشرين رغيفاً من الخبز و عشر حبات بطاطا مسلوقة على الأرض في مهجع يصل عدد المعتقلين فيه للخمسين. وللمرة الثانية يتم سؤاله عن مصدر معلوماته فيؤكد معرفته ذلك بشكل شخصي من المعتقلين الذين خرجوا بوزن قد يصل للـ40 كغ نتيجة التجويع الذي تعرضوا له والذي يستخدمه النظام كسلاح بشكل ممنهج أيضاً.
ومن ثم تم سؤاله عن عمل قيصر بتوثيق الجثث ومعرفته به، فأجاب أن الجثث كان يتم توثيقها بالشرطة العسكرية في القابون وفي مشفى تشرين العسكري بمنطقة حرستا، وأنه كان يتم تصويرها من خمس جهات مختلفة وأرشفتها في حال تم طلبها من القضاء.
وأيضاً تم سؤاله عن مصدر معلوماته فأجاب بقوله: “عندما كانت تحدث جريمة ضد عسكري كانت الشرطة العسكرية تأتي وتقوم بهذا التوثيق، هذه الصور كانت متضمنة بملف الضحية أو المتهم، ونحن كمحامين كنا نطلع عليها.
- هل رأيت مثل هذه الصور بشكل شخصي (سؤال القاضي)؟
- نعم.
- وما هي الأرقام الموجودة على الجثث (سؤال القاضي)؟
- رقم تسلسل لعدد الجثة ضمن الفرع نفسه، رقم تسلسل الجثة ضمن مكان التسليم الذي يحتوي جثثا من كل الأفرع، وأخيراً رقم الفرع نفسه.
- هل يسمح القانون السوري بالتعذيب (سؤال القاضي)؟
- لا، لايوجد بالقانون السوري ما يسمح بالتعذيب بل يوجد مواد قانونية تمنعه، ولكن من يقوم به محمي من المحاسبة في سوريا”.
وعن عدم اعتبار البني أن رسلان منشق عن النظام السوري بعد سؤاله عن معرفته به وكيف التقاه في برلين، قال البني: “كل من انشق عن النظام في تلك الفترة قدم تصريحاً متلفزاً أو مكتوباً يتبرأُ فيه من النظام وارتكاباته بحق الشعب السوري. ولكني لم أسمع أن رسلان فعل ذلك. بل وأكثر من ذلك يعتقد البني أن انشقاق رسلان كانت نتيجة لاختياره الكفة الراجحة في تلك الفترة حيث أن النظام السوري حينها كان على وشك الانتهاء، أو أنه ربما لا يزال يعمل لصالح النظام خارج سوريا، وهو اعتقاد لا يملك دليلاً عليه كما أخبر القضاة.
توجهت أسئلة القضاة بعدها لحافظ مخلوف ودور الفرع 40 ومدى سلطته وإن كانت تمتد للفرع 251، حيث أن رسلان في دفاعه ذكر أن الأوامر كانت تأتي من فرع أربعين.
فأجاب البني بأن مخلوف هو ابن خالة بشار الأسد، فهو كشخص مخيف ولديه سلطة لأنه على تواصل مباشر مع الأسد. ولكن لا يمكن لفرع تابع لفرع كتبعية فرع الأربعين لفرع 251 أن يكون هو المسيطر. ولا يحق لمحققين من فرع آخر التحقيق بفرع لا يعملون به، وبالتبعية الإدارية بين الفرعين فإن الأوامر تأتي من الفرع 251 للفرع 40 وليس العكس.
انتقلت الشهادة بعد ذلك لدور الضُباط السُّنَّة في الأفرع الأمنية ليؤكد البني من خلال تجربته الشخصية ومن المعتقلين في تلك الفترة الذين كان يقابلهم والذين وصل عددهم مابين 10 لـ15 معتقلاً يومياً، بأنه لا يمكن لضابط “غير علوي” أن يصل لمراكز أمنية عالية إلا من خلال ممارساته الوحشية بالتعذيب ليثبت ولائه لنظام الأسد، وذكر أمثلة على ذلك الضابط المحقق كمال يوسف بفرع التحقيق العسكري 248 وهو مسيحي وعن وحشيته بالتحقيق مع البني بشكل شخصي، ونصر الجرف وهو ضابط ينحدر من الطائفة الاسماعيلية بفرع التحقيق العسكري.
عادت الأسئلة من القضاة بعد ذلك للحديث عن دور المخابرات بالمنظومة الموجودة في سوريا بعد العام 2011، فقال البني: “تم حكم سوريا دائماً بالمنظومة المخابراتية ولكن الفرع 251 هو الرأس لهذا الهرم، فتشكيل الوزارات وتعيين أعضاء مجلس الشعب ومشاريع الاقتصاد يتم اقرارها فيه، باقي الأفرع كانت فقط لعمليات القمع أما هو فكان مركز اتخاذ قرار ويتحكم بكل شيء على المستوى الداخلي ولهذا يسمى “فرع الأمن الداخلي”، وبناءً على هذا من المستحيل أن يستلم قيادته إلا أشخاص ضُمِن ولائهم مسبقاً بشكل كامل للنظام”. وسُئل البني عن أسماء ضباط في الفرع 251 فذكر منهم: خالد الخطيب، عبد المجيد نبوذة، ديب زيتون، محمد عبد الله، وعبد المنعم النعسان.
سأله القضاة عن خلية إدارة الأزمة ودورها في الثورة السورية. فأجاب بأنه تم تشكيلها لإدارة الوضع بعد الثورة وكانت مهمتها الرئيسية قمع الثورة وتوزيع المهام على الأفرع الأمنية بناءً على الأوضاع المستجدة كل فترة، والأهم تعطيل الإعلام ومنع تسريب الصور والوثائق خارج سوريا.
وعن الاعتداءات والعنف الجنسي ضمن الأفرع الأمنية أجاب البني بكثرة ممارستها من الأمن على الرجال والنساء على حد سواء، وأن بعضاً ممن تعرضوا لتلك الاعتداءات سيشهد في هذه المحاكمة أيضاً. وقال أيضاً أنه كان يُمارس منذ السبعينيات ولكن كان هدفه استخراج المعلومات، أما بعد العام 2011 فأصبح هدفه الرئيسي الإذلال، وبكثير من الأحيان أمام أقارب النساء وعائلاتهنَّ.
وعن أدوات التعذيب المستخدمة في الأفرع الأمنية أكد البني أنها مستخدمة أيضاً منذ زمن طويل قبل الثورة ولكن بعضها تم استحداثه بعد الثورة للإمعان في التعذيب، وضرب مثالاً على ذلك طريقة التعذيب بشمعة توضع تحت كرسي يتم إجلاس المعتقل عليه وتركه ليحترق ببطء. أنور البني
انتقلت أسئلة القضاة بعد ذلك عن صور المشابهين الذين تم عرضها على البني في تحقيق الشرطة الجنائية في ولاية برلين وتعرفه على صورة رسلان من بينها، حيث أنه قال بالشبه الموجود بين ثلاثة صور من أصل ثمانية تم عرضها عليه وأكثرها كانت الصورة رقم 2 وكانت صورة رسلان مع النظارات الطبية فقال البني للشرطة أنه ربما يكون هو لكنه يعتقد أنه كان من دون نظارات طبية، فتم عرض صورة أخرى لرسلان بدون نظارات طبية فأكد أنه هو صاحب الصورة رقم 2.
وعن سؤال القضاة إن كان البني قد تعرض بشكل شخصي لمحاولات تصفية أجاب بأنه تعرض لمحاولتين كانت من ابن عم الأسد نمير الأسد عندما كان في السجن. تم سؤاله بعد ذلك عن معرفته بتصفيات مارسها النظام خارج سوريا، فأجاب بالتأكيد وذكر مثالاً على ذلك اغتيالهم لزوجة عصام العطار المعارض لنظام الأسد السيدة بنان الطنطاوي والتي قامت مخابرات النظام السوري في مدينة آخن الألمانية عام 1981 باغتيالها بدلاً من زوجها بخمس رصاصات.
بحسب الإحصائيات الرسمية حتى الآن أكثر من 150 ألف معتقلاً بعضهم منذ العام 2011 وحتى الآن لا أحد يعرف عنهم أي شيء
بنهاية شهادته أكد البني على أعداد المعتقلين والمختفين قسرياً في سوريا والذين بلغ عددهم بحسب الإحصائيات الرسمية حتى الآن أكثر من 150 ألف معتقلاً بعضهم منذ العام 2011 وحتى الآن لا أحد يعرف عنهم أي شيء واستشهد على ذلك بصديقه المحامي خليل معتوق المعتقل مجهول المصير منذ عام 2012.
استوضحت “ليفانت” من البني عن سبب وجوده في هذه القضية كشاهد خبير وليس كمدعي وخاصة أنه مُعتقل سابق على يد المُدعى عليه رسلان، فأجاب بأن اعتقاله من قبل رسلان كان قبل الثورة وبالتالي هو انتهاك لحقوق الإنسان وليس جريمة حرب كما بدأ اعتبار مثل هذه الممارسات عالمياً بعد الثورة السورية، وأنه لا شيء شخصي بينه وبين رسلان ولكنه كشاهد خبير وبحكم معرفته العميقة بتفاصيل وتراتبية الأجهزة الأمنية والمخابراتية في سوريا من خلال عمله الطويل كمحامي حقوق إنسان استطاع بشهادته بصفته شاهد خبير فضح آلة القمع الممثلة بالنظام السوري ومنهجيتها بالتعذيب قبل وبعد الثورة وهذا هو الأهم من وجهة نظره.
هذا وعبّر المحامي أنور البني عن الجلسات التي تواجد فيها وأدلى شهادته، قائلاً: “لعلّ أكثر ما لفت انتباهي في شهادتي أمام المحكمة بقضية أنور رسلان بكوبلنز، هو سؤال وجهه لي المدعي العام حول الإفادة التي قدمها أنور رسلان للمحقق وقال فيها أنه مدرب من قبل روسيا وعمله متخصص بمكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، وأنه كان يحرس السفارات والدبلوماسيين الأجانب، وأن تمنياته بالنهاية لسوريا بالمستقبل هو الخلاص من التطرف والإرهاب في البلاد”.
وكان ردي: “أولاً إن هذه الرسالة لكم بالمحكمة وفي أوروبا لتبرروا بأن تغفروا له جرائمه بالتعذيب والقتل؛ باعتبارها دفاعاً عنكم ولحمايتكم من الإرهاب الذي كان يحاربه في سوريا، وثانياً في الفترة 2011 و2012 لم يكن قد ظهر أي تنظيم متطرف في سوريا باعتراف رئيسه وكانت المظاهرات آنذاك سلمية. وهو بذلك يقدم لكم أوراق اعتماده لييعمل لمصلحتكم بمحاربة الإرهاب، هو حتماً خبير كبير بالإرهاب ولكن عمله وخبرته هي بصناعة الإرهاب والترهيب به وليس لمكافحته”.
الجدير بالذكر أن محامي الدفاع قدم طلب برفض شهادة البني كخبير بحجة عدم دقة المعلومات التي قدمها البني حول عمل الأفرع الأمنية وآليتها، الأمر المتوقع بمثل هكذا محاكمات عندما يتم تقديم معلومات على مثل هذا المستوى من الإدانة، ولم يتم البتّ بالطلب بعد.